المخزن ورعاياه المغاربة اليهود من خلال محفوظات مديرية الوثائق الملكية -15- لا مجال للتضييق على المسلمين ليتوسع اليهود

ظل المخزن المغربي وفيا، وراعيا لمغاربته اليهود، ويتضح ذلك من خلال الوثائق الرسمية، ووثائق العائلات اليهودية وبخاصة المراسلات الإخوانية منها. وتعتبر الوثائق الرسمية التي تحتفظ بها مديرية الوثائق الملكية دليلا دامغا على الروابط القوية، والمتينة بين المخزن ويهوديه؛ فبعضها يتضمن صراحة أمر سلاطين الدولة بالاحسان إليهم داخل المغرب وخارجه. فبالإضافة إلى السماح لهم بممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية، وأنشطتهم الاقتصادية، ووهب وعاءات عقارية لهم لانشاء ملاحاتهم أو بيعهم فإن العلاقة ظلت قوية على مر العصور، وتعتبر الدولة العلوية نموذج الراعي الأول لفئة اليهود مقارنة بوضعيتهم خلال فترات حكم السعديين و المرينين والموحدين حيث كانوا مميزين عن جيرانهم باعتبار الهندام أساس للتميز

لقد سبق وأشرنا إلى أن يهود الصويرة أصبحوا يختلقون المشاكل للخروج عن طاعة الدولة من خلال احتمائهم بالأجانب؛ وإذا كان السلطان قد أمن حياتهم وسهر على أن يعيشوا في وئام وتسامح مع جيرانهم اليهود إلا أنه كان حازما في قبول طلبات اليهود التي لا يقبلها المنطق والتي تشكل للسلطان إحراجا مع رعيته من المسلمين؛ فحسب وثيقة تحمل رقم 3344 مؤرخة في 4 رمضان 1282/21 يناير1866 وهي عبارة عن رسالة صادرة من الوزير الطيب بن اليمني إلى وزير الشؤون الخارجية عبد الرحمان بركاش ونصها ان جماعة يهود الصويرة وفدوا على وزير الخارجية يشتكون إليه التضييق في ملاحهم مقترحين عليه محلين لسكنى المسلمين، ويظهر من خلال المراسلة ان المخزن لم يوافق على طلبهم حيث اقترح السلطان ان يتوجهوا إلى المدن القريبة إلى الصويرة من أجل السكن على اعتبار أن الصويرة أصبحت مكتظة بالسكان، وبالتالي لامجال للتضيق على المسلمين ليتوسع اليهود على حد تعبير السلطان سيدي محمد بن عبد الله وهذا نص الرسالة :
« الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد و ءاله وصحبه وسلم
محبنا وخديم سيدنا الأرضي الأنجد الأحظى السيد محمد بركاش.
وفقنا الله وإياك والسلام عليكم ورحمت الله تعالى وبركاته. بوجود مولانا أيده الله ونصره.
وبعد فقد كان وصلنا كتابك قبل صحبة جماعة يهود الصويرة الذين وردوا مشتكين بالضيق في ملاحهم وقد تلاقايناهم ووسعنا بالنا معهم في قضيتهم وسألنهم عن المحل الذي عينوه مناسبا لهم فذكروا محلا مجاورا للملاح بسكنه طائفة من المسلمين يدعون الشبانات. مشتملا على مساجد متعددة وزوايا وفيه أناس من المسلمين كثيرون خلافا لما يدعونه. وأشاروا أيضا إلى موضع آخر خارج باب دكالة مملوك لأناس. بيد مساكين يتمعشون فيه بغرس الخضرة. وأقروا بذلك أما من واجهتهم به ولما أنهينا كلامهم لمولانا اعزه الله وبينا له المحلين اللذين عينوا. قال اعزه الله أنه لا يخرج المسلمين من ديارهم وتعطل مساجدهم ليسكنها اليهود ولا يوافق على هذا . من فيه مسكة من الدين وكذلك لا يقطع معاش أولئك المساكين الذين يتمعشون في تلك الساحة . مع ان اليهود في يدهم الملاح القديم والملاح الجديد الذي كان زاده لهم مولانا المقدس بالله فلم يبق وجه للزيادة. وقال أعزه الله إن ضاق عليهم ملاح الصويرة فالمدن قريبة منهم غيرها أسفي وتردانت ومراكش . على ان الصويرة في نفسها ضيقة حتى على المسلمين فلا معنى لزيادة الضيق على المسلمين ليتوسع اليهود. وقد أمر اعزه الله بأن لا يلتفت لكلامهم واعلمناك فيما بيننا وبينك لتكون على بصيرة في ما ءالت إليه القضية. ويصلك كتاب وجهه إبراهيم قرقوز في ذلك. فطالعه ورده لنا ولابد وعلى المحبة . والسلام.»
في 4 رمضان المعظم عام 1282

الطيب ابن اليماني
أمنه الله


الكاتب : ذ.ربيع رشيدي

  

بتاريخ : 08/04/2023