في مذكرة أثارت الكثير من الاستغراب بين المتتبعين للشأن البيضاوي، أعلنت جماعة الدار البيضاء عن شروعها ابتداء من فاتح شتنبر 2025 في اعتماد نظام المراقبة الإلكترونية لضبط أوقات دخول وخروج موظفيها، وذلك استنادا إلى منشور رئيس الحكومة الصادر بتاريخ 15 نونبر 2012 والمتعلق بالتغيب غير المشروع عن العمل.
المذكرة المصلحية التي وجهتها رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء إلى المدراء ورؤساء الأقسام والمصالح، أثارت منذ صدورها أكثر من علامة استفهام، ليس فقط لأنها أغفلت الإشارة إلى رقمها الإداري، بل لأنها استندت إلى منشور قديم يعود إلى 14 سنة خلت.
الصحفي العربي رياض، في قراءة ساخرة للمراسلة، تساءل: «هل يعقل أن نتذكر مسألة المراقبة بعد مرور كل هذه السنوات، وقد مات من مات وتقاعد من تقاعد، فيما تحوّل بعض الموظفين إلى أشباح داخل الإدارة؟»
وأضاف قائلا قي تدوينة فيسبوكية ساخرة : «هل سنُفعّل القرار بأثر رجعي؟ أم نطلب من الأمم المتحدة أن تعيد لنا عقارب الساعة إلى سنة 2012؟»
ويرى رياض أن طريقة صياغة المذكرة لم تكن موفقة، إذ بدت وكأنها محاولة لتدارك زمن ضائع، أشبه بعمر طفل بلغ اليوم مستوى التعليم الثانوي. ليخلص إلى أن ما وقع ليس مجرد تأخر إداري عادي، بل تكريس لغياب الحكامة الذي سبق أن أثارته أعلى سلطة في البلاد منذ سنة 2013 بخصوص تدبير شؤون العاصمة الاقتصادية.
وختم بالقول: «الزمن عند جماعة الدار البيضاء يبدو مختلفا عن زمن ساكنتها.. فلا علاقة لنا بوقتكم، ولا أهمية لعقاربكم، فعقاربنا تدرك وقتا آخر وزمنا خاصا بنا.»
كما لاحظ متتبعون أن مذكرة رئيسة المجلس لم تحمل أي رقم رسمي، مما يضع تساؤلات حول جدية الإجراءات المتخذة. كما أشار البعض إلى أن الموظف الجماعي يضطر أحيانا للجوء لمسؤولين لإثبات حقه في حالات مختلفة، بسبب ضعف الآليات الرسمية للتواصل والمتابعة.
فيما يخص نظام الدخول والخروج الإلكتروني، تبين أن الإدارة لم توفر بعد مقاصف للاكل، كما أن وسائل النقل الخاصة بالموظفين لم تعد تؤدي وظائفها الأصلية، بل تحولت أحيانا لاستخدامات أخرى ما يثير استياء الموظفين ويؤثر على فعالية النظام.
المذكرة المصلحية التي تأخرت 14 سنة لتخرج القرارات التي جاءت فيها إلى حيز الوجود تبدو مثالا ساطعا عن الزمن الضائع الذي لا يدخل في حسابات المدبرين حيث لا أهمية للوقت ولا وزن له ولا اعتبار ، وكأن الزمن الإداري بالمغرب يتحرك على إيقاع خاص، لا يخضع لقوانين الساعة ولا لإكراهات الواقع. سنوات تمر، مراسلات تنام في الأدراج، وقرارات تبقى معلقة إلى أن تستفيق فجأة من سباتها الطويل لتظهر وكأنها إنجاز جديد، في حين أنها مجرد تذكير متأخر بما كان يجب أن يطبق منذ زمن بعيد.
هذا التراخي لا يعكس فقط بطء الإدارة في تنزيل قراراتها، بل يكشف عن خلل أعمق مرتبط بثقافة التدبير، حيث يصبح الوقت في نظر المدبرين مجرد تفصيل ثانوي لا يغير من واقع الحال شيئا، بينما بالنسبة للمواطنين هو عنصر أساسي في حياتهم اليومية، يحدد مسار خدماتهم وجودتها، ويساهم في تسريع وتيرة قضاء مصالحهم التي تبقى في قاعة انتظار باردة إلى أن يقرر المسؤول عنها تحريك عجلة زمن إداري يسير بسرعة السلحفاة!
المراقبة الإلكترونية بجماعة الدارالبيضاء.. القرار الذي تأخر 14 عاما

الكاتب : خ. مشتري
بتاريخ : 10/09/2025