22 ماي 2018 قليلة هي المواقع الدينية الاسلامية ،التي يمكن للمسلم أن يتوجه اليها بالعاصمة البولونية وارسو خلال شهر رمضان أو خلال باقي أيام السنة، إلا أن المركب الاسلامي بحي «أوخوطا» يبقى شعلة وضاءة في محيط يبقى عدد المسلمين فيه محدودا عدديا .
ويسعى القيمون على هذا الصرح الديني ،الذي وإن كان بصيغة الفرد إلا أنه متعدد الثقافات، الى توفير «نفحة إسلامية» بامتياز خلال شهر رمضان المبارك، من خلال الحرص على تنظيم أنشطة متنوعة ذات طابع روحاني وثقافي خاص ،كمسابقة حفظ وتجويد القرآن وتنظيم دروس الوعظ والإرشاد والتوعية، وصلوات التراويح سواء بعد العشاء أو حين صلاة الفجر.
وأهم ما يميز هذه الأنشطة الدينية هو أنها تنجز تحت إشراف أئمة ووعاظ وفقهاء ومتطوعين من مختلف الدول الإسلامية، ما يعكس عظمة الإسلام وانتشاره الجغرافي الممتد، وقدرة هذا الدين الحنيف على محو الفوارق اللغوية والاجتماعية وجمع المسلمين على كلمة سواء.
وإذا كان هذا الصرح الديني المتميز ،الذي يتوجه إليه يوميا خلال شهر رمضان ما لا يقل عن 1000 شخص سواء من أجل الصلاة أو الاستماع الى الاحاديث الدينية أو تعلم اللغة العربية وأصول الدين وأخذ وجبة الفطور، يقوم بأنشطة كثيرة ومتميزة ليس فقط خلال الشهر الفضيل وإنما على طول السنة، فإنه يعاني من شح الموارد المادية وبالكاد يغطي المصاريف الضرورية ،حسب ما صرح به مسؤولو المركز.
وتعتمد الموارد المالية للمركز الإسلامي بوارسو أساسا على مساهمة بعض الأشخاص الميسورين وعلى مساهمة باقي رواده على قدر المستطاع، خاصة وأن الجالية المسلمة بالعاصمة البولونية تتشكل أساسا من الطلبة ومحترفي بعض المهن البسيطة.
ورغم الضائقة المالية للمركز إلا أن القيمين عليه يحاولون جهد الإمكان تنزيل كل البرامج المسطرة، التي تنجز بثلاث لغات (العربية والبولونية والإنجليزية ) حتى تعم الفائدة، وإيلاء شهر رمضان بالخصوص القدر الذي يستحقه من اهتمام وتحقيق الإشعاع للثقافة الإسلامية والتعريف بمختلف روافدها ونشر قيم الدين السمحاء.
وفي البعد الاجتماعي والانساني، لا تفتر جهود المركب الاسلامي بوارسو لمساعدة المحتاجين وعابري السبيل، الذين يعيشون ظروفا اجتماعية استثنائية.
وما يثير الانتباه حقا هو أن غالبية المتطوعين في الإشراف على أنشطة المركز عامة والمسجد خاصة هم شباب من مختلف الدول الإسلامية، الذين يسيرون بثبات في مسارهم المهني أو الذين يتابعون دراساتهم العليا بجامعات ومعاهد العاصمة البولونية وارسو، ما يعطي الثقة على أن مستقبل هذا الصرح الاسلامي مضمون وسيستمر في أداء رسالته الدينية والاجتماعية والثقافية النبيلة.
ومع أن الموارد المادية قليلة وتعرقل الى حد ما إمكانية توسيع دائرة عمل المركز في انتظار مستقبل مادي أحسن، فإن هذا الفضاء الديني المتميز شامخ في وجه الصعوبات والتحديات والمطبات الظرفية بفضل رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه من أجل نصرة الإسلام وقضايا العالم العادلة.
المركب الاسلامي بالعاصمة البولونية وارسو صرح ديني واحد بثقافات متعددة
الكاتب : وارسو (ومع): بقلم عبد العزيز حيون
بتاريخ : 25/05/2018