المركز الوطني بالمستشفى الجامعي ابن رشد في الدارالبيضاء .. الحرب ضد مخلّفات النار على أجساد «المحروقين»

البروفيسور مونية الديوري: نستقبل ما بين 40 و 60 حالة متفاوتة الخطورة

كمعدّل في اليوم الواحد 

 

شهدت عدد من مرافق وفضاءات مدينة الدارالبيضاء، الخاصة والعامة، خلال الأسابيع الأخيرة سلسلة من الحرائق التي تعددت أسبابها واختلفت تداعياتها وخسائرها. فإذا كانت النيران قد سجّلت أضرارا مادية فقط في مستودع في منطقة للشحن تابعة للمكتب الوطني للمطارات نموذجا، فإنها بالمقابل أدت إلى وقوع وفيات وخسائر في الأرواح إلى جانب التسبب في إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف الضحايا والمتضررين بكل أسف في حريق «منطقة الرحمة».
حرائق في منازل سكنية، وبنايات صناعية، ومحلات تجارية، تتكرر فصولها ومشاهدها المؤلمة، الناجمة عن تهور أو عن سوء تقدير أو غير ذلك، قد تؤدي إلى اندلاع النيران في الأجساد أو تتسبب في احتراق داخلي وفي اختناقات، كما وقع مطلع السنة الجارية في عين السبع، وقبل أيام في المعاريف، وليساسفة، بل أن حتى سيارات نقل التلاميذ لم تسلم من هذا النوع من الحوادث.
حوادث «تتقزز» وتتألم لمشاهدها الأنفس، حزنا وحسرة، حين يتابع بعض أحداثها عامة الناس، لكن بالقابل هناك جنود، من الجنسين، يواجهونها بكل شجاعة وقوّة وجلد، ويتعلق الأمر بعناصر الإطفاء الذين يقتحمون ألسنة اللهب في محاولات لإنقاذ وإخراج المحاصرين وسطها ولإخمادها، وفسح المجال لنقل الضحايا على متن سيارات الوقاية المدنية، ومعهم نساء ورجال الصحة، الذين يستقبلون الحالات الواردة على المؤسسات الصحية للتكفل بها، ومن بينهم أطقم المركز الوطني للحروق والجراحة التجميلية والتقويمية بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، الذي انتقلت «الاتحاد الاشتراكي» إلى مرافقه من أجل نقل بعض تفاصيل «الحرب ضد النار» التي يقودها أصحاب الوزرة البيضاء في هذا المرفق الصحي لإنقاذ «المحروقين» والتقليص من أضرار «النيران» على أجسامهم، ومحاولة زرع الابتسامة على قسمات وجوههم.

 

النيران ليست دائما تعبيرا عن الدفء، ولا تعني بالضرورة القبس الذي ينير الظلام ويخفّف من حلكته، كما أنها لا تدلّ دائما على سمر هادئ يريح النفس والروح، فبقدر ما هي كل هذه الأشياء وغيرها الجميلة والرومانسية حتى والمفيدة لحياة البشرية أيضا، متى كان متحكّما فيها، والتي قد ينظر إليها البعض بعين الإعجاب بل والانبهار، كما هو الحال في بعض المناسبات والألعاب، ومن بينها حين توقد الشعلة الأولمبية ويتم الركض بها وتسليم مشعلها من يد إلى يد، وفي غيرها من المحطّات، فإنها قد تعني كذلك بشاعة ودمارا وخرابا وألما متعدد المستويات في بعض الحالات.

ألسنة لا يتوقف لهيبها

الحريق أنواع، وبقدر ما هناك حياة وأنشطة يومية وممارسات مختلفة، تجارية وصناعية واقتصادية وغيرها، فإن التهديد بوقوعه يبقى دائما قائما، تقول البروفيسور مونية الديوري رئيسة المركز الوطني للحروق والجراحة التجميلية والتقويمية في لقاء مع «الاتحاد الاشتراكي» بقلب هذا المرفق الصحي المرجعي، مشددة على أن السبب في اندلاعه قد يكون شرارة نيران أو تسرب لغاز البوطان أو تماس كهربائي أو مجموعة مواد كيماوية مختلفة وغيرها من المسببات الأخرى، التي قد تكون نتيجة لفعل متهور وعدم انتباه، أو حتى في ظل توفر «الضمانات الوقائية»، مما قد يؤدي إلى وقوع كارثة فردية أو جماعية لا قدّر الله.
قبل ذلك ونحن ندخل أبواب المركز، وجدنا المسؤولة في بهو قاعة الاستقبال تقف رفقة الأساتذة ومساعديها على كل التفاصيل الدقيقة المتعلقة بـ «المرضى»، مستفسرة عن طبيعة الحالات الواردة، سواء منها «المستعجلة» أو تلك التي اعتادت التردد على هذا الفضاء من أجل متابعة العلاج. حين ولجنا هذا «الجناح» كنا نتوقع أن تنفذ إلى أنفنا رائحة يعرفها المهنيون الذين يواجهون النيران جيدا، ويتذكّرها الذين تواجدوا ذات يوم داخل المصنع الذي احتضنت جدرانه الداخلية تفاصيل محرقة «روزامور» نموذجا، لكن لاشيء من ذلك وقع، فالنظافة تعتبر شرطا أساسيا لا يجب التهاون بشأنه، ويعتبر أحد أساسيات التكفل بالمصابين، كما كانت البروفيسور الديوري تشير إلى ذلك، وهي ترافقنا لنعاين وضعيات فضاءات العلاج، والمركب الجراحي، وقاعة الإنعاش، وأماكن الترويض، وحتى قاعة التكوين، التي هي عنوان على استمرار اكتساب المعرفة والتسلح بكل مستجد للتكفل بالمصابين والتخفيف من معاناتهم.

أرقام مقلقة

في ردّها على أسئلة «الاتحاد الاشتراكي» أوضحت البروفيسور مونية الديوري بأن ضحايا حوادث الحرائق يشكّلون نسبة 2 في المئة من مجموع الحالات الواردة على مستعجلات المستشفيات الجامعية، والتي تعتبر مقلقة وتكشف عن حجم حضور هذا النوع من الحوادث في يوميات المغاربة، مضيفة بأن المركز الوطني تحال عليه يوميا كمعدل ما بين 40 و 60 حالة متفاوتة الخطورة، دون احتساب عدد الأشخاص الذين يكونون في وضعية استشفاء على أسرّته.
وأكدت رئيسة المركز على أن هناك فترات زمنية على مدار السنة تكون مقلقة لمهنيي الصحة وكل العاملين في هذا المجال، لأنها تعرف ارتفاع هذه الحوادث، ومن بينها شهر رمضان الأبرك، الذي تكثر فيه الحرائق في المنازل على مستوى المطابخ، وخلال مناسبة عاشوراء، التي تفد خلالها على المركز وعلى مستعجلات مختلف المستشفيات حالات تكون وضعيتها جد مؤلمة، والتي تنجم عن تهور واندفاع وطيش الأطفال واليافعين المراهقين أساسا، الذي يقومون بتحديات تتمثل في القفز على النيران ومحاولة تجاوز ألسنة لهيبها، فإذا بعدد منهم يقعون وبكل أسف وسطها أو تطال ملابسهم وأجسادهم شرارتها، متسببة لهم في حروق من درجات مختلفة، مبرزة في هذا الإطار أن نسبة حالات الحرق من بين مجموع الحوادث ذات الصلة بهذه المناسبة تقدّر بما بين 70 و 80 في المئة، فضلا عن تبعات استعمال المفرقعات والشهب وغيرها.
ونبهت المسوؤلة الصحية كذلك، إلى أنه وإلى جانب المناسبتين المشار إليهما فإن هناك فترة أخرى تعرف وقوع حوادث لها صلة بالحرائق والنيران وهي فترة الصيف بكثافتها وأنشطتها المختلفة التي قد تؤدي في عدد من المرات إلى تسجيل حوادث مختلفة التبعات.

في مواجهة النار

شددت البروفيسور مونية الديوري على أن من بين الأشياء الأساسية التي يجب الانتباه إليها حين وقوع حريق كبير هو العمل على إنقاذ الضحايا بطريقة عقلانية دون التعرض لنفس المصير، مشيرة إلى أن هذه الحوادث قد لا تقف تفاصيلها عند الحريق لوحده، فقد يرافقها وقوع انفجارات، وقد تترتب عنها تسمّمات، ووقوع كسور، بالإضافة إلى الحرق، وهي التفاصيل التي يجب الانتباه إليها بدقة، مؤكدة على أن عملية التكفل بالمصابين خلال الحوادث المختلفة تنطلق من مكان وقوعها، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هناك من الضحايا والمصابين الذين يكونون في حالة وعي كامل، مما يتطلب طمأنتهم مع القيام بالتدابير الاستعجالية للحد من مضاعفات الواقعة.
وأوضحت الخبيرة الطبية بأنه يجب التركيز على إنقاذ الوظائف الحيوية وتأمين أداء الجهاز التنفسي، والتفاعل السريع مع الحادث باعتماد سرعة البديهة، حيث يتعيّن إزالة الساعات والأساور والحلي المختلفة التي قد تؤدي إلى بتر الأطراف والتسبب في مضاعفات جد وخيمة، والقيام بتغطية المصاب الذي يكون «بردانا»، علما بأن هذه الخطوة لا يجب أن تشمل الجميع بل تتم وفقا لكل حالة على حدة، ومنحه الأوكسجين وتمكينه من الإسعافات الأولية، مشيرة إلى أن الملابس التي يرتديها المصاب قد تزيد من حدة آثار الحريق على الجسم، ولهذا لا ينصح بإزالة أنواع معينة حتى لا تسبب في ضرر أكبر.
وأكدت رئيسة المركز الوطني للحروق بالمستشفى الجامعي ابن رشد على أنه حين وقوع حادث من مستويات كبيرة، يكون الجميع في سباق مع الزمن لإنقاذ المصابين والحدّ من أضرار الحريق عليهم، حيث تتم عدد من التدخلات على مستوى المركب الجراحي أو الإنعاش، ويليها برنامج مكثف للترويض الذي يكون ضروريا لاستعادة وظائف عدد من أعضاء الجسم، مع استحضار البعد المتعلق بزراعة الجلد بالنسبة للأطفال من الأم، بتأطير قانوني، أو بالاعتماد على ما يعرف بـ «قشر الحوت» بالنسبة لفئات أخرى، والذي يعتبر مكلّفا مع الأخذ بعين الاعتبار باقي الادوية الأخرى المختلفة، مشيرة إلى أن علاج ضحايا النيران تكون له كلفة ثقيلة عضوية ونفسية، مادية واقتصادية واجتماعية، تنطلق في البداية بهدف إنقاذ الحياة وتنتهي بمحاولات الترميم وإعادة الجمالية.

قنابل قابلة للانفجار

ونحن نستحضر أمثلة عن حوادث مختلفة وقعت في تراب الدارالبيضاء خاصة والجهة عامة، بل وحتى في مناطق أخرى من تراب المملكة، نبّهت البروفيسور مونية إلى أن طبيعة حوادث الحرائق هي متعددة، فمنها الحرارية والكهربائية والكيماوية، التي قد يكون السبب فيها شاحنا لهاتف نقال، أو محاولة إضرام النار في الجسد باستعمال البنزين، أو شهب ومفرقعات، أو صعقات كهربائية، مشيرة في هذا الإطار إلى حوادث يتعرض لها عدد من يسعون لسرقة الأسلاك النحاسية، متوقفة عند مشكل كبير يعتبر متفشيا والمتمثل في الاستعمال غير السليم والمفتقد لكل مأمونية لقنينات غاز البوطان عند البعض، كتفقد وجود تسرب للغاز من عدمه باستعمال الولاّعة عوض استخدام الماء والصابون، يؤدي إلى مزيد من حوادث اندلاع النيران.
وعلاقة بقنينات غاز البوطان كشفت البروفيسور مونية، كيف تجندت أطقم المركز بدون استثناء خلال ليلة رمضانية، قبل الإفطار، لاستقبال الحالات التي وردت عليها بعد حادث حي الرحمة بالدارالبيضاء، الذي كان مؤسفا ومؤلما في نفس الوقت، مشيدة في هذا الإطار بحجم التعبئة الجماعية التي شهدها المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بكل مكوناته، وبالمتابعة المباشرة والشخصية لمديره العام ولمدير المستشفى، من أجل إنقاذ الضحايا والتخفيف من وقع هذه المحنة عليهم، بالرغم من الحالة الصحية التي كان عليها بعضهم، مؤكدة على أن تلك الروح هي التي يتحلى بها الجميع دائما عند وقوع أي حادث مشابه. وتحدثت رئيسة المركز عن طبيعة التدخلات التي تم القيام بها والعلاجات التي تم تخصيصها للمصابين، مشيرة إلى أنه تم التمكن من إنقاذ حياة أغلبهم، داعية المواطنات والمواطنين في ارتباط بهذا الحادث، إلى إعادة النظر في علاقتهم بقنينات غاز البوطان، التي إذا لم تكن سببا مباشرا في وقوع حوادث من هذا القبيل فإنها تزيد من اتساع دائرة الخطر والمضاعفات، مما يفرض الاستعمال العقلاني لها، ووضعها في أماكن آمنة لا تشكل تهديدا لأمن وسلامة الناس.

القاعدة الذهبية

أكدت البروفيسور الديوري أن هناك أشخاصا يكونون أكثر عرضة للإصابة بالحروق المختلفة، ويتعلق الأمر بالرضع والأطفال الصغار الذي قد يتعرضون لحالات حرق بالسوائل الحارة، أي المياه التي تكون في درجة حرارة مرتفعة، سواء تعلق الأمر بالشاي أو غيره، ونفس الأمر بالنسبة لكبار السن، إضافة إلى وجود حالات خاصة، تتعلق بمرضى الصرع في مراحل متقدمة الذين قد لا يتناولون الدواء لسبب من الأسباب فيقعون أرضا متسببين في حوادث مختلفة من بينها الحرائق، ثم هناك الأشخاص الذين يعانون من داء السكري الذي قد لا يحسّون بأطراف من أجسامهم، كأن يضع بعضهم قدميه في إناء به ماء جد ساخن بحثا عن بعض الدفء دون أن يعي بأن حرارة ذلك الماء ستحرق رجليه، وغير ذلك من الحالات الأخرى.
وأوضحت المختصة في طبّ الحروق والتقويم بأن هناك قاعدة ذهبية تسمى 15.15.15 التي تعتبر مؤطرا للتدخل وللتكفل بالمصابين والتي تعبّر أرقامها عن الزمن والحجم والدرجة، لـ «تبريد» الحريق في الجسم ووقف انتشاره وتغلغله، والتي تتعلق بالحرائق الصغيرة لتقليص الألم، وليس في الحالات الكبيرة التي تحتاج لتدخلات قوية من قبيل ما تمت الإشارة إليه.
وعلاقة بـ «الحروق الصغيرة» نبّهت الأستاذة مونية الديوري إلى تفشي عدد من الممارسات الخاطئة، التي لا تتعلق فقط بما هو وقائي، بل تشمل كذلك الشق المتعلق بالإسعاف الذاتي، حيث يعمل عدد من المصابين أو أقاربهم على وضع توابل معينة، أو معجون للأسنان، أو منتجات صحية ملونة على أماكن الحروق، ظنّا منهم بأنها ستخفف عليهم وقع الإصابة وتحدّ من خطورتها، والحال تؤكد المتحدثة في اللقاء الذي خصصته للجريدة، على أن كل هذا لن يساهم في ذلك بل سيتسبب في مشكل آخر سيزيد من استعصاء الحالة لأنه سيغير من طبيعة لون الجلد، الذي يعتمده الطبيب المختص المعالج محددا لتحديد درجة الحريق ومستواه ولطبيعة التدخل الذي سيتم القيام به، داعية إلى وقف هذه الممارسة الخاطئة والضارة.

مركز مرجعي لعلاجات متعددة

يعتبر المركز الوطني للحروق والجراحة التجميلية والتقويمية بالمستشفى الجامعي ابن رشد مرجعا وطنيا في التكفل بالمصابين وعلاجهم، وقد تم تدشينه من طرف جلالة الملك محمد السادس في 2006، حيث يتوفر على وحدات مختلفة للعلاج تتوزع ما بين قسم استقبال مرضى الحروق، وحدة الإنعاش، وحدة الجراحة التجميلية، مختبرين، قاعات للتخدير والتعقيم والاستيقاظ، فضلا عن قاعة للمعالجة والاستحمام، إضافة إلى مستشفى نهاري للعلاجات الخارجية، قاعات للعمليات، وحدة الاستشارات الطبية المتواجدة بالجناح رقم 28، وغير ذلك من المرافق الأخرى، في حين يتكون الطاقم الطبي من 6 أساتذة، 2 أساتذة التعليم العالي و4 أساتذة مساعدين، 15 طبيبا مقيما، و3 أطباء مختصين، ثم طبيبين في الطب العام، فضلا عن طاقم تمريضي في مختلف الوحدات.
وتتم في هذا المركز معالجة جميع مجالات الجراحة التجميلية التي تتعلق بحالات الحروق ومضاعفاتها، إضافة إلى كافة أنواع الترميمات ذات الصلة بالأمراض المعدية، الأورام، التشوهات الخلقية والجراحة التجميلية، مما يجعل منه مرفقا صحيا نوعيا متميزا.

التحسيس و التوعية

إن استمرار انتشار الحرائق المختلفة، خاصة تلك التي يكون السلوك البشري سببا مباشرا فيها، توضح رئيسة مركز الحروق بالمستشفى الجامعي ابن رشد، يدعو إلى مزيد من التحسيس بشكل أكبر، والانفتاح على كل الفئات والشرائح الاجتماعية، خاصة غير المتعلمة منها، باعتماد وصلات للتثقيف الصحي، سواء المباشرة منها أو غير المباشرة عبر مختلف الوسائط ووسائل الإعلام وغير ذلك، حول أسباب اندلاع النيران وكيفيات انتشارها ومخاطرها، والرفع من معدلات التوعية المتعلقة بالحرائق المنزلية وغيرها، وهو ما لا يمكن أن يحقق النتائج الإيجابية المتوخاة منه، تضيف البروفيسور مونية الديوري، إلا بإشراك كافة المتدخلين الرسميين والمدنيين والصناعيين، لأن التوعية هي رسالة جماعية يجب على الكلّ بذل الجهود الكفيلة حتى يتسنّى إبلاغها لعموم المواطنين.

بين الرمضاء و النار

وإن تعددت التسميات فالنتيجة واحدة، حتى وإن كان المثل يتحدث عن الاستنجاد بأمر أشدّ وقعا من الآخر، لأن الضرر واحد، هو ما يفرض تكتّلا أكبر وتغييرا في السلوكات بالأساس، لوقف انتشار «الحرائق» بشكل عام و»النيران المنزلية» بشكل خاص. فمابين ذريعة تعبّر عن لامبالاة وسوء تقدير، كأن يندلع حريق بفعل عقب سيجارة أو إشعال ولاعة لـ «تجريب» قنينة غاز بوطان، من أجل معرفة وجود تسرّب للغاز من عدمه، وما بين أسباب تكشف عن أعطاب كبيرة تتعلق بالتحسيس والتوعية، تستعر النيران وتخلّف الكثير من الخسائر والأحزان في كثير من المرات، خاصة حين يزيد لهيبها الأوكسجين قوة لمزيد من الانتشار، ليبقى التحدي الكبير متمثلا في تغيير عقليات، وتجنيد إمكانيات للرفع من النجاعة الوقائية من جهة والارتقاء بالتدخلات من جهة ثانية، وكذا تمكين المستشفيات من الموارد والمستلزمات للقدرة على مواجهة مثل هذا النوع من التحديات وحماية حق المصابين في الاستمرار في الحياة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/04/2025