أوضح الدكتور سعيد كريمي أن المناصفة بين الرجل والمرأة طرحت منذ عهد الثورة الفرنسية أثناء إرساء الحقبة الحداثية، ورغم ذلك بقي منهج إحقاق حقوق المرأة متدنيا بحيث لم يسمح لها بالحق في التصويت إلا بعد الحرب العالمية الثانية. وأبرز سعيد كريمي خلال ندوة نظمتها شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب بالرشيدية يوم السبت فاتح أبريل 2017، في إطار مشروع تقوية دور المجتمع المدني في النهوض بالمساواة بين الجنسين بإقليمي الرشيدية وميدلت، والذي ينفذ بشراكة مع وكالة التنمية الاجتماعية وبدعم من الاتحاد الأوربي، أبرز «أن العقلية الذكورية المسيطرة أجازت للرجل عبر التاريخ استغلال المرأة في أبشع الصور، معتبرا المرأة شيئا زائدا، مستغلا الطقوس التقليدية البائدة التي يصرفها يوميا عليها، والارث الثقافي الذي يصطدم بما هو ديني، والذي يخضعه الى تأويلات تستجيب الى الوضع الحالي الذي هي عليه المرأة «، مضيفا «أن القران الكريم جاء بسور وآيات توضح المساواة بين الناس، مستشهدا بالآية التي تقول: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا…».
وأضاف الأستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية «أن إصداره مدونة الأسرة الحالية ساهم في تطور أوضاع النساء»، مشيرا الى أن «وكالات الأمم المتحدة والحكومات ومنظمات المجتمع المدني تركز على ضرورة إدماج المساواة بين الجنسين بشكل عرضي في كل أهداف التنمية في المستقبل»، مبرزا كذلك، «أن الدستور المغربي يرسى دعائم المساواة بين الرجل والمرأة» .
ودعا المحاضر في الأخير الى «فتح نقاش مجتمعي واسع يشمل جميع الفئات الفاعلة من تعليم وصحة ومجتمع مدني، في أفق تفكيك التقاليد البائدة والفكر الثقافي الضيق الذي مازال يسيطر على الرجل في المناطق النائية الجبلية والصحراوية (الريصاني واملشيل.. مثلا.)، حيث مازالت المرأة تستغل من طرف الرجل أبشع استغلال ، ومازالت تشقى في البيت وخارجه في الحقول ،بينما الرجل يظل نائما أو جالسا ب «باب القصر» مع أصدقائه طيلة اليوم .. من جهته تحدث عزيز لعفو ،عضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان لجهة درعة تافلالت ، عن تقوية المساواة وعن المسؤوليات حسب الجنس، واحدة خاصة بالرجل وأخرى بالمرأة، كما تحدث عن الاختلاف العرقي والاثني والسياسي الذي يؤدي الى القطيعة بين الأشخاص، ما جعله يصفه ب»التمييز». كما تطرق المتحدث في مداخلته إلى المعاهدات الدولية، وخاصة الاعلان الكوني عن وثيقة حقوق الانسان وحقوق المواطنة، ما بعد الحرب العالمية الثانية، والاتفاقيات الداعية الى محاربة جميع أشكال التمييز بين الرجل والمرأة.
مداخلة علوي عائشة فاعلة جمعوية وسياسية بالرشيدية، ركزت على العمل الجمعوي الذي كان مقتصرا على الرجال، موضحة أنه مع مرور الوقت بدأت بوادر مشاركة المرأة في العمل تنجلي، لكن من دون الاستفادة الحقيقية من العمل الجمعوي، لتبقى النساء هن الفئة المتضررة، موضحة أن المرأة يتم تغييبها في اجتماعات القرار والحسم، بينما يحضرها الرجل لتأثيث الفضاء الجمعوي، واستغلالها في الحملات الانتخابية والتركيز عليها في التصويت…كما وقفت على مكامن الضعف الذي يؤثر على العمل الجمعوي التي أوجزتها في: نقص الموارد المالية لدى الجمعيات ، نقص في التجهيزات، في المقرات وفي التكوين، غياب العدالة وتكافؤ الفرص، استغلال العمل الجمعوي في المجال السياسي … أشغال الندوة انتهت بإصدار توصيات تدعو جميعها الى تقوية دور المجتمع المدني في تشجيع المشاركة النسائية في الحياة السياسية والاجتماعية، وتشخيص وضعية المساواة بين الجنسين في الجماعات المستهدفة، تتبع وتقييم السياسات المحلية في ميدان المساواة من خلال إنشاء مرصد.
المساواة بين الجنسين ورهانات الديمقراطية
الكاتب : فجر مبارك
بتاريخ : 06/04/2017