المستشار السالك الموساوي: السياسة الجبائية المغربية تعجز عن تضريب الثروة وتحفيز الاستثمار، والتهرب الضريبي يعيق النمو الاقتصادي

 

أكد المستشار السالك المساوي، عضو الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين، في جلسة  11 فبراير الجاري، أن السياسة الجبائية، تلعب دورًا جوهريًا في تحديد مسار الاقتصاد الوطني، حيث تشكل الضرائب المصدر الأساسي لإيرادات الدولة، مما يتيح تمويل النفقات العمومية والاستثمارات الاستراتيجية، كما أن فعالية النظام الجبائي لا تتوقف فقط عند تحصيل الإيرادات، بل تمتد إلى تحقيق توازن بين دعم النمو الاقتصادي وتقليص عجز الميزانية، وهو تحدٍ رئيسي تواجهه العديد من الدول، خاصة النامية والصاعدة، حيث إن تحسين السياسة الجبائية للدولة يؤثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي، وذلك من خلال عدة آليات أهمها تحفيز الاستثمار وجذب رؤوس الأموال.
وأضاف المستشار الموساوي، في تعقيب له، أن الضرائب على الشركات والاستثمارات، تعد عاملاً حاسمًا في قرارات المستثمرين، فكلما كانت الضرائب مرتفعة ومعقدة، زادت تكلفة الاستثمار، مما يؤدي إلى عزوف الشركات عن التوسع أو الدخول في أسواق جديدة. وعلى العكس، يمكن لتحفيزات ضريبية مثل تخفيض معدلات الضريبة على الشركات الناشئة، وتقديم إعفاءات ضريبية للاستثمارات في القطاعات الحيوية، أن يعزز تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية، مما يؤدي إلى خلق فرص عمل وزيادة الإنتاجية.
وأضاف في ذات السياق، أن السياسة الضريبية تؤثر على القوة الشرائية للمواطنين، حيث تؤدي الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة القيمة المضافة، إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، مما يقلل من القدرة الشرائية ويحد من الاستهلاك. لذا، فإن تخفيض الضرائب على الفئات المتوسطة والضعيفة، إلى جانب تقديم دعم ضريبي للمؤسسات الصغيرة، يسهم في تنشيط الأسواق الداخلية، مما يحفز النمو الاقتصادي عن طريق توجيه السياسة الجبائية لدعم القطاعات ذات القيمة المضافة العالية كقطاعات التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية. من خلال إعفاءات ضريبية أو تخفيضات على البحث والتطوير، ما يمكن الدولة من تشجيع الابتكار، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.
وأبرز المستشار الموساوي أن التهرب الضريبي من أكبر العوائق التي تؤثر على النمو الاقتصادي، حيث يؤدي إلى فقدان موارد مالية مهمة كان يمكن استخدامها في تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات الاجتماعية. كما أن عجز الميزانية يحدث عندما تتجاوز النفقات العمومية إيرادات الدولة، مما يضطر الحكومات إلى الاقتراض لتمويل العجز، وهو ما يؤدي إلى تراكم الدين العام ، ومنه فإن السياسة الجبائية تبقى واحدة من أهم ركائز الحفاظ على التوازنات المالية للدولة وأساس تجويد الخدمات المقدمة للمواطنين في كل دول العالم.
وبالموازاة مع ذلك، توجه المستشار الموساوي إلى الوزير الوصي على القطاع، قائلا إن أسباب نزول هذا الكلام هو نتائج التسوية الطوعية للوضعية الجبائية، فبالرغم من أن عملية التسوية الطوعية أسفرت عن مداخيل بلغت 125 مليار درهم، إلا أن تأثيرها على تقليص عجز الميزانية وتحفيز الاقتصاد الوطني لم يكن بالقدر المأمول حيث إنها بقيت عملية ظرفية ومحدودة، فبالرغم من انخفاض عجز الميزانية منها 4.4% في عام 2023 إلى 3.9% في عام 2024، وهو تحسن طفيف لكنه لا يرقى إلى مستوى التحديات الاقتصادية التي يواجهها المغرب، ولا يعادل المعدلات الدولية التي تبقي متوسط عجز الميزانية في حدود  3%، مما يعني أن المغرب لا يزال يتجاوز هذا المتوسط بل إن هناك اقتصادات إفريقية صاعدة حافظت على عجز الميزانية في حدود 2,1 مع تحقيقها لمعدلات نمو تتراوح ما بين 8 إلى 10 في المئة كما هو حال دولة إثيوبيا على سبيل المثال.
إلى هذا، أشار المستشار الاشتراكي  إلى أن السياسة الجبائية المغربية ما زالت عاجزة عن لعب دورها المحوري في تضريب الثروة وتحفيز الاستثمار بالشكل الذي يساعد على رفع معدلات النمو وتحسين جودة الخدمات المقدمة، خاصة للفئات الهشة، وهو ما تترجمه الأرقام بوضوح في تراجع نمو الاقتصاد المغربي إلى أقل من 3% في عام 2024، مقارنة بـ 3.2% في عام 2023، بسبب استمرار الجفاف وتأثيره السلبي على القطاع الفلاحي على حد تبرير الحكومة، حيث لا يزال أداء سياستنا الضريبية يُعتبر ضعيفًا مقارنة بالدول الصاعدة الأخرى التي تسجل معدلات نمو جد مرتفعة رغم أنها تعيش نفس الظرفية العالمية والمناخية .
وخلص المستشار الموساوي إلى أن  125 مليار درهم التي تم جمعها مؤخرا هي دليل على تهربات بملايير الدراهم، وعلى فشل الحكومة في إقناع المواطنين بالقيام بعمليات التسوية الضريبية بشكل عادي وطبيعي دون حملات أو ضغوطات، متسائلا في نفس الوقت: كم من 125 مليار درهم أخرى ما زلنا لم نحصلها وما زالت خارج خزائن الدولة المغربية،ونحن هنا السيد الوزير المحترم لا نلومكم على إدخال هذه المبالغ إلى خزينة الدولة بل ندعوكم إلى اعتماد سياسات جبائية واضحة المعالم بشكل دائم تمكن من تحصيل ضرائب المتهربين بشكل دائم، ومن تشجيع الاستثمار، ومن ضمان جودة الخدمات الاجتماعية للطبقات الفقيرة والهشة لا سياسات موسمية ذات أثر محدود على استدامة المالية العمومية» .


الكاتب : ع. الريحاني

  

بتاريخ : 13/02/2025