المشاركة العربية بمونديال قطر تلبس ثوب التوهج المغربي

تباينت نتائج المنتخبات العربية في النسخة 22 لنهائيات كأس العالم في قطر بين إنجاز مغربي تاريخي سيبقى راسخا في الأذهان، وفوز تونسي متأخر بعد فوات الأوان، وآخر تاريخي للسعودية لم يكن مجديا لتكرار إنجاز 1994، وخيبة أمل للبلد المضيف.
وسطر المغرب اسمه بأحرف منذ ذهب في النسخة الأولى في الشرق الأوسط والعالم العربي بإنجازات ستبقى خالدة على مدى سنوات عدة، إن لم يكن عدة عقود عندما بلغ الدور نصف النهائي.
من تخطي الدور الأول للمرة الأولى منذ عام 1986 في مجموعة سادسة قوية، فرض فيها التعادل السلبي على كرواتيا، وصيفة بطلة النسخة الأخيرة، وتغلب على بلجيكا الثالثة 2 – 0 ثم كندا 2 – 1، مرورا بالإطاحة بإسبانيا، بطلة عام 2010، من ثمن النهائي بركلات الترجيح، وصولا إلى إقصاء البرتغال ونجومها بقيادة كريستيانو رونالدو 1 – 0 في ربع النهائي، أبلى «أسود الأطلس» البلاء الحسن أمام أقوى المنتخبات العالمية، قبل أن يتوقف حلمهم بخسارة أمام فرنسا حاملة اللقب عام 2018 ووصيفة النسخة الحالية.
وحقق المنتخب المغربي، بقيادة المدرب وليد الركراكي، ما فشلت منتخبات إفريقية وعربية في تحقيقه منذ النسخة الأولى للعرس العالمي عام 1930، وبات أول من يبلغ دور الأربعة في المونديال، وخرج برأس مرفوعة ومركز رابع تاريخي.
وكانت المشاركة السادسة لأسود الأطلس في العرس العالمي ناجحة بكل المقاييس، كانوا أحد ثلاثة منتخبات جمعت سبع نقاط في الدور الأول (مع هولندا وإنكلترا)، وحققوا فوزين متتاليين في المونديال للمرة الأولى في تاريخهم، بل إنهم حققوا ثلاثة انتصارات في نسخة واحدة للمرة الأولى أيضا، بعدما اكتفوا بفوزين في خمس مشاركات.
ولفت المغرب ومدربه وليد الركراكي الأنظار بوصفته السحرية «العائلة» والروح الجماعية والقتالية في منذ بداية البطولة، فساهم ذلك بشكل كبير في تخطيه الدور تلو الآخر، قبل أن يدفع ثمن الإصابات التي ضربت صفوفه في الامتحان قبل الأخير، خصوصا قاده رومان سايس وقطب الدفاع الآخر نايف أكرد ونصير مزراوي وعدم جاهزية البدلاء، الذين يفتقر أغلبهم إلى دقائق للعب مع أنديتهم.
وعلق الركراكي، الذي حرص على حضور أولياء أمور اللاعبين حتى تسود روح العائلة داخل الملعب وخارجه، «لقد تعلمنا كثيرا من هذه التجربة. لسنا بعيدين (عن المنتخبات الكبرى). خسرنا بسبب تفاصيل صغيرة».
وأضاف «أعتقد أننا من بين أفضل أجيال إفريقيا، لكننا لسنا الأفضل. قلت للاعبي أنه يتوجب عليهم الفوز بكأس أمم إفريقيا لنكون الأفضل في القارة. قبل أن تكون ملكا في العالم يجب أن تكون ملكا في بيتك».
وفوت المنتخب التونسي فرصة ذهبية لتحقيق مسعى لطالما راود أنصاره وشعبه، لتكرار ما فعله الجاران المغاربيان المغرب والجزائر، وهو بلوغ الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخه.
وفرطت تونس في الفوز خلال مستهل مشاركتها السادسة في العرس العالمي، عندما سقطت في فخ التعادل السلبي أمام الدنمارك في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الرابعة، ثم تلقت هزيمة غير متوقعة أمام أستراليا 0 – 1 في الجولة الثانية، فدخلت الثالثة الأخيرة ومصيرها ليس بيديها.
كانت مطالبة بالفوز على فرنسا حاملة اللقب شرط تعثر أستراليا أمام الدنمارك. ونجح «نسور قرطاج» الشطر الأول من المعادلة عندما حققوا فوزا تاريخيا على فرنسا 1 – 0، لكن الدنمارك خذلتهم بخسارتها المفاجئة أمام أستراليا.
وفجرت السعودية أولى مفاجآت البطولة، عندما حققت فوزا تاريخيا على الأرجنتين بقلبها الطاولة عليها 2 – 1.
وقتها طرحت العديد من علامات الاستفهام حول قدرة الأرجنتين، ونجمها ميسي على التتويج باللقب، فيما ارتفعت أسهم السعودية في بلوغ الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخها بعد الأولى عام 1994.
وتابع الأخضر عروضه الرائعة أمام بولندا في الجولة الثانية، لكنه خسر بثنائية نظيفة (أهدر سالم الدورسي ركلة جزاء في الدقيقة 45)، قبل أن تعصف الإصابات بصفوفه في الجولة الثالثة الحاسمة (انسحاب قائد الوسط سلمان الفرج والظهير الأيسر ياسر الشهراني بسبب الإصابة، فيما افتقدت لاعب الوسط عبد الإله المالكي لإيقافه بسبب تراكم الإنذارات)، فخسر أمام المكسيك 1 – 2 وخرج خالي الوفاض، فيما واصلت الأرجنتين طريقها حتى التتويج باللقب.
وكان خروج منتخب قطر من دور المجموعات في مونديال 2022 المقام على أرضها أسوأ نتيجة لدولة مضيفة بتاريخ كأس العالم منذ انطلاقها عام 1930.
أنفقت الدولة الخليجية الغنية بالغاز أكثر من 300 مليار دولار وفق تقديرات مختلفة لاستضافة كأس العالم، فيما وفرت إمكانات هائلة لمنتخبها الذي أحرز لقب بطولة آسيا 2019 للمرة الأولى في تاريخه.
وخسرت قطر افتتاحا أمام الإكوادور بهدفين، ثم السنغال 1 – 3، قبل أن تودع بخفي حنين أمام هولندا 0 – 2، ما يعني عدم حصولها على أي نقطة في ثلاث مباريات.


بتاريخ : 21/12/2022