دائما ما يطرح نفس السؤال عند استفسار التلميذ عن مشروعه الشخصي والمهني: «ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟» وغالبا ما تكون الإجابات مترددة، نمطية، متشابهة لا تخرج عن دائرة : طبيب، مهندس، أستاذ … . هذه الإجابات تدل على أن أغلب التلاميذ غير واعين بالتغيير الكبير الذي تعرفه حاجات سوق الشغل، وبالفرص المهنية التي يوفرها، والتي تتناسب مع استعداداتهم النفسية وميولاتهم ومؤهلاتهم. فيتجهون إلى اختيار مسارات دراسية بشكل عشوائي، متردد، هذه الاختيارات يكون لها أثر سلبي على مستقبلهم الدراسي والمهني. في نفس السياق، وبغية مؤازرة وتدعيم دور منظومة الاستشارة والتوجيه في الارتقاء بالاختيارات الدراسية والتكوينية للتلاميذ، أصدرت وزارة التربية الوطنية المذكرة 19/114 حول موضوع الأستاذ الرئيس بالثانوي الاعدادي و التأهيلي. وتهم إرساء المشروع الشخصي للتلميذ، باعتباره آلية للارتقاء بالاختيارات الدراسية والمهنية للمتعلمين. ومساهمة منا في إثارة وحفز النقاش حول هذا الموضوع المهم، والذي جاء متأخرا بالمقارنة مع دول سبقتنا إلى تبنيه في إطار المقاربة التربوية المسماة بالمقاربة الموجهة، تأتي هذه الورقة للإجابة عن التساؤل التالي:
ماذا نعني بالمشروع الشخصي للمتعلم؟
ماهي المقاربة التي تؤطر تنزيله كممارسة؟ وما هي أهميته بالنسبة للتلميذ؟ ماهي المعيقات التي يمكن أن تعرقل مشروع إرساء الأستاذ الرئيس بالمؤسسات التعلمية؟ ما هي شروط النجاح؟ وماهي منهجية العمل المقترحة التي يمكن أن تؤطر عمل المتدخلين خلال حصص المواكبة؟
المشروع الشخصي للتلميذ، أية مقاربة؟
ظهر مفهوم المقاربة الموجهة في كندا سنة 2001 مع دنيس بوليي Denis pellier ،وفي دول أخرى كفرنسا من خلال أعمال دنيال فيري Danielle Ferré. وهي تتأسس على فكرة مفادها أن التخطيط للمستقبل الدراسي والمهني للتلميذ، يعتبر من بين الأسباب التي تساهم في إثارة الدافعية نحو التعلم وتشجيع الرغبة في التحصيل الدراسي والتأثير في النجاح المدرسي. وتهتم المقاربة الموجهة بوضع الاختيارات المهنية في قلب تعلمات التلميذ من خلال إيجاد الروابط بين التربية والتعليم والتوجيه وسوق الشغل. وهي تنبني على انخراط الطاقم التربوي بالمؤسسات التعليمية في توفير الوسائل والموارد والأنشطة الضرورية لتحفيز التلميذ، خلال مساره الدراسي، على بناء مشروع شخصي يسعى من خلاله إلى إيجاد الروابط بين مؤهلاته وتعلماته وتطلعاته المهنية.
ومن هذا المنطلق فالمقاربة الموجهة ترتكز على نظريات تطور المهن développement de carrière بالإضافة إلى نظريات التعلم والتحفيز لتجد لها موقعا بالمناهج والبرامج التعليمية. فهي ترتبط بأدوار وغايات المؤسسات التعليمية (التربية والتعليم والتأهيل)، وبمختلف مكونات المناهج والبرامج، مثل مجالات التعلم والكفايات العرضانية ومجالات التكوين والتوجيه، من أجل الوصول إلى الغايات التربوية، المتمثلة في تحفيز التلميذ على بناء مشاريع موجهة نحو تحقيق الذات والاندماج الاجتماعي. وترتبط المقاربة الموجهة أيضا بالبرامج التعليمية التي تهتم بمصاحبة ومواكبة التلاميذ خلال مسارهم الدراسي وكذا خلال عمليات التوجيه المدرسي والمهني. كما تساهم في إيجاد حلول للمشكلات التعليمية التعلمية التي يعانون منها قصد الرفع من نسب النجاح المدرسي.
ماذا نعني بالمشروع الشخصي للمتعلم؟
هو بناء مركب، مرن ،قابل للمراجعة والتجديد. يتكون من مجموعة من العمليات الموجهة داخل فضاءات المؤسسات التعليمية أو خارجها، والتي تتم على مدى المسار الدراسي للتلميذ. الغاية منها هو مساعدة التلميذ على فهم ذاته، ودراسة شخصيته وإمكاناته الدراسية، وتحديد مشكلاته والتعرف على المسارات الدراسية والمهنية، حتى يستطيع الملاءمة بين قدراته وتطلعاته واختياراته، وبالتالي اتخاذ القرار التعليمي السليم الذي يقوده إلى تحقيق أهدافه المهنية. ويتأسس على ثلاث مرتكزات أساسية: معرفة الذات (القدرات والميول والمؤهلات)، الالمام بالمسارات الدراسية والمسالك والشعب وشروط الولوج إليها والشواهد التي توفرها، معرفة كافية بسوق الشغل وبالتطور الذي يعرفه.
ما هي أهميته بالنسبة للتلميذ؟
غالبا ما يشعر التلاميذ في المراحل الأخيرة من التعليم الثانوي التأهيلي، بهواجس الفشل والإحباط والتردد أثناء التفكير في الاختيارات الدراسية والمهنية. وغالبا ما يغيرون تماما توجيههم نحو مسالك وشعب تتعارض مع اختياراتهم وميولهم بمرحلة الثانوي. هذا الشعور يتولد عن عدم تخطيط المتعلم لمستقبله الدراسي والمهني. فبالإضافة إلى قلة حصص المصاحبة التي يقوم بتنشيطها المستشارون في التوجيه، نتيجة عدم توفير ظروف العمل المساعدة على القيام بمهامها، وكذا تعدد المؤسسات المكونة للقطاع الذي يشتغلون به، وارتفاع عدد التلاميذ المؤطرين بحصص الاستشارة والتوجيه، تظهر مشاكل متعددة أخرى تنضاف إليها مثل: ضعف مستوى التلاميذ، وغيابهم عن حصص التوجيه المدرسي، ثم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي يعانون منها، والتي تظهر آثارها كمشكلات مدرسية داخل المؤسسات التعليمية.
ويعد المشروع الشخصي للتلميذ من أهم الوسائل التي تساعد المتعلم على تطوير كفاياته وإثارة دافعيته نحو التحصيل الدراسي، كما يساعده على التخلص من التوتر الذي يتولد عن خوفه من مستقبل مجهول في ظل البطالة التي يتعايش معها يوميا. كما يساهم «المشروع الشخصي» في تنمية الإحساس بالمسؤولية اتجاه الذات والأسرة والمجتمع، والشعور بالاستقلالية والحرية في الاختيار،واتخاذ القرارات السليمة التي تهم بناء حاضره المدرسي وتمثل مستقبله المهني. كما ينمي لدى المتعلم القدرة على التقويم الذاتي وتنمية مهارات التخيل وجمع المعلومات وتنظيمها واستثمارها، كما ينمي أيضا القدرة على تمثل التطور الذي يعرفه سوق الشغل، وربطه بمنظور مستقبلي شخصي يسعى إلى تحقيقه.
ماهي المعيقات التي يمكن أن تعرقل مشروع
إرساء الأستاذ الرئيس بالمؤسسات التعلمية؟
إن تحقيق أهداف المشروع الشخصي للتلميذ يتطلب تظافر جهود كافة المتدخلين والشركاء، في المساعدة على توفير الظروف والوسائل والدلائل والدعامات الديدكتيكية، لضمان نجاح أنشطة المصاحبة وتحقيق أهدافها. فواقع حال منظومتنا التربوية ينبئ بفشل كل الجهود الرامية إلى إرساء الأستاذ الرئيس كآلية للمساعدة على بناء المشاريع الشخصية للتلاميذ، قياسا بنتائج التجارب السابقة: كالأستاذ المرشد والكفيل و و و… . ومن بين المعيقات التي يمكن أن تعرقل نجاح إرساء المقاربة الجديدة، نجد في مستوى أول عدم انخراط الأساتذة في تفعيل مضامين المذكرة 19/114 الخاصة بإرساء الأستاذ الرئيس بالثانوي الاعدادي والتأهيلي، وبالأخص ما ارتبط منها بالمواكبة التربوية للأقسام الموكولة إليهم، باعتبارها «حسب رأيهم «عبئا إضافيا ينضاف إلى صعوبة وتعدد المهام الموكولة إليهم (التدريس، التقويم، التصحيح، الاستثمار، الدعم، العضوية بالمجالس…). وكمستوى ثان، يمكن أن نتوقع تخلف التلاميذ عن حضور حصص المصاحبة التربوية الخاصة ببناء المشروع الشخصي للتلميذ، خصوصا ما إذا أخذت أشكال الحصص العادية وما يتخللها من ضبط وربط ومنع للحركة والابتسامة وإبداء الرأي. أما المستوى الثالث فيتمثل في ارتفاع نسب الاحتقان والاحتجاج والفوضى في صفوف التلاميذ، وعدم الانتباه واللامبالاة خلال حصص التدريب على بناء المشروع، نتيجة الضعف الشديد لنقط المراقبة المستمرة بمؤسسات التعليم العمومي مقارنة بنتائج التعليم الخصوصي. هذا الضعف غالبا ما يكون عاملا محبطا أمام محاولات بناء أي مشروع. وكمستوى أخير، والذي يمكن أن نعتبره من أهم المعيقات، نجد عدم توفر الظروف المؤسساتية المواتية لتمرير حصص بناء المشروع الشخصي (كالاكتظاظ، عدم توفر قاعات فارغة، جل الأساتذة يشتغلون بجداول حصص كاملة 21 ساعة خلال الأسبوع، عدم خضوع الأساتذة للتكوين على تنشيط حصص الإرشاد والتوجيه والمصاحبة، غياب عدة التمرير…)
ماهي شروط النجاح ؟
تعتبر عمليات المصاحبة أو «الكوتشينك» من أجل بناء المشروع الشخصي للتلميذ، تلك الأنشطة والوضعيات التفاعلية التدريبية التي تساعد التلاميذ على فهم ذواتهم، وإدارة حياتهم وتعزيز الثقة بأنفسهم، والتعرف على المسارات والمسالك الدراسية، ووضع الأهداف المهنية والقيام بالخطوات اللازمة لتحقيقها. ولضمان نجاح تجربة المشروع الشخصي للتلميذ وبلوغ غاياتها يجب أن تتحقق الظروف والشروط التالية:
أن يتم اختيار الأستاذ الرئيس بناء على الرغبة و التطوع والكفاءة المهنية، وليس على وجه الإلزام والفرض: بمعنى عدم اللجوء لتعيين أساتذة للقيام بتلك المهام ضدا عن رغبتهم بدعوى استكمال جداول حصصهم. فمهمة تنشيط حصص المساعدة على بناء المشاريع الشخصية، تتطلب الدافعية نحو القيام بالمهمة، والتمكن من مهارات التنشيط والتدريب، وامتلاك الكفايات والمعارف الخاصة بالمسارات والمسالك الدراسية والمهنية، والتمكن أيضا من الكفايات التواصلية والقدرة على استثارة دافعية التلاميذ، والاستحواذ على اهتمامهم والانصات لاحتياجاتهم؛
أن تختلف حصص المساعدة على بناء المشروع الشخصي للتلميذ عن حصص تصريف المنهاج الدراسي: أي الانتقال من منطق التدريس إلى منطق التدريب. ونقصد به استعمال كل الطرق وأساليب التنشيط والوسائل والدعامات، التي تساعد على تدريب التلاميذ على مهارات اكتشاف الذات والتفكير الاستراتيجي والبحث عن المعلومة، وتحليل المعطيات والاستنتاج والمقارنة والقدرة على الاختيار. كما يستحسن إعداد وتنظيم فضاءات المواكبة والمصاحبة بحيث تتناسب مع متطلبات إنجاح حصص التدريب على بناء المشروع (موائد مستديرة للعمل في إطار المجموعات، ملصقات، دعامات إعلامية، حواسيب…)؛
أن تلعب الأندية التربوية دورا أساسيا في تدعيم بناء المشروع الشخصي للتلميذ. إذ تعتبر بيئة تربوية مناسبة لتنمية المهارات والقدرات التي يحتاجها التلميذ في بناء وتنمية مشروعه: كالتخطيط، والتقييم الذاتي، وتنمية الثقة بالنفس، القدرة على الاختيار، تحمل المسؤولية، العمل الجماعي، اكتساب آليات البحث، الانسجام مع المجموعة، استعمال محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي في اكتشاف المعلومات والقدرة على استثمارها، تسيير فريق عمل، الانفتاح على المحيط، تنمية القيم المرتبطة بالعمل، تنمية مهارات التواصل الفعال، التشجيع على التعلم الذاتي…؛
أن تستصدر الوزارة عدة بيداغوجية متكاملة تأطر عمل الأستاذ الرئيس، وتستهدف بناء خطوات المشروع الشخصي بالنسبة لكل تلميذ، تأخذ هذه الأخيرة شكل استمارات ودعامات وموارد رقمية ووثائق إعلامية وإخبارية واستمارات تشخيصية، بحيث يقتصر دور الأستاذ الرئيس على المواكبة والمصاحبة والتوجيه وتنظيم العمل وتمرير الروائز واستثمار نتائجها؛
أن يخضع الأستاذ الرئيس للتكوين المستمر حول موضوع تنشيط حصص بناء المشاريع الشخصية، وأن يؤازر بدعم المستشار في التوجيه الذي يصبح دوره التنسيق بين الأساتذة الرؤساء والمواكبة والمساعدة على تحقيق سيرورة المشروع الشخصي وفي الاشراف على الاختبارات التي تساعد على التعرف على الجانبية الشخصية والمهنية، وكذا في تنسيق جميع الأنشطة ذات الصلة بالتوجيه المدرسي والجامعي والمهني.
ماهي منهجية العمل التي تؤطر عمل المتدخلين خلال حصص المواكبة التربوية؟
قبل تحديد تصور منهجي لمراحل بناء المشروع الشخصي للتلميذ، يلزم البدء في تحديد الكفايات والمهارات التي تتدخل في بناء خطواته، والتي يجب على المتعلم امتلاكها ليسهل على المكلف بالمواكبة التربوية من تقويمها، وتتبع سيرورة تطورها وتحديد العوامل المسؤولة عن نجاح أو فشل مراحل المشروع. هذه العملية ستمكن من كشف التعثرات ومعالجتها وتصويب المسار نحو بلوغ الأهداف. وينبني المشروع الشخصي للتلميذ على مجموعة من المحطات تتداخل فيما بينها . حيث يبتدئ برغبة وميل إلىي مزاولة مهنة معينة لتتطور بعد ذلك إلى فكرة تتأسس على مجموعة من التمثلات حول الذات والقدرات والمسارات الدراسية والمهنية المتاحة، لتصبح هدفا يسعى إلى تحقيقه من خلال تحديد تصور وخطة عمل تستمر على مدار المسار الدراسي للتلميذ. ويبرز دور الأستاذ الرئيس، كما جاء بالمذكرة 19/114، في توفير الظروف الزمانية والمكانية والقيام بالمصاحبة والمواكبة التربوية لتلاميذ الأقسام الموكولة إليه من خلال تنشيط أربع وضعيات متداخلة:
– وضعية التعرف على الذات: وهي مجموعة من الأنشطة الموجهة، (تعبئة استمارات، الإجابة عن اختبارات الشخصية وروائز تقويمات المستلزمات، حل وضعيات مشكلة، الاطلاع على رأي الآخرين في شخصية التلميذ)، هذه الأنشطة تهدف إلى مساعدة المتعلم على التعرف على نقاط القوة والضعف المرتبطة بالشخصية وبالكفايات ذات الأبعاد النفسية والاجتماعية، وكذا المرتبطة بالكفايات ذات الأبعاد المدرسية، من خلال طرح التساؤلات حول قدراته والتعبير عن مشاعره وإبداء رأيه حولها. وتستثمر مخرجات هذه الوضعية في تطوير مهارات التلميذ وتدعيم كفاياته المدرسية، وكذا في اختيار المسالك والشعب التي تتوافق مع مؤهلاته وسمات شخصيته وميوله المهنية، كما تستثمر أيضا في إدراك الميول والاستعدادات انطلاقا من اختبارات الشخصية واختبارات الميول المهنية.
ومن بين التساؤلات التي تسعى هذه الوضعية إلى تحفيز التلميذ على طرحها حتى يتمكن من التعرف على ذاته نجد:
ماهي المواد التي أفضل دراستها؟ كم هي علاماتي في المواد العلمية والأدبية؟ ماهي مكامن قوتي ومكامن ضعفي؟ هل حالتي الصحية (الإصابة بالحساسية، البنية الجسمية) تسمح لي بالاشتغال داخل المصانع؟ هل حالتي الاجتماعية والاقتصادية ستساعدني في اتمام دراستي بكلية تتطلب مصاريف تفوق إمكانات عائلتي المادية وتبعد عن مدينتي بمئات الكيلومترات؟
– وضعية التعريف بالمسارات الدراسية والمسالك والشعب: هي مجموعة من العمليات التي من خلالها يستطيع التلميذ التعرف على مختلف الشعب والمسالك والتخصصات التي تتكون منها مستويات الثانوي التأهيلي من حيث (أسلوب الدراسة، المواد المدرسة، طبيعة المناهج، وشروط الالتحاق بكل مسار تعليمي بالتعليم العالي ومتطلباته). كما تمكنه أيضا من التعرف على الآفاق الجامعية والمهنية والدبلومات والشواهد التي تخولها كما تساهم في التعريف بالحياة المدرسية بها وأنظمة التقويم وبرامج التكوين والتمدرس. وتعتبر عملية التدريب على البحث والتوثيق ولقاء المتخصصين والمهنيين ومستشاري التوجيه، والاطلاع على الدعائم والوثائق والمنصات والمواقع الالكترونية الخاصة بالإعلام والتوجيه، من بين الأنشطة التي على التلاميذ التدرب عليها. إذ تخول لهم جمع واستثمار المعلومات التي يحتاجونها في الفهم والتعرف على المسالك والشعب والمسارات الدراسية والمهنية.
– وضعية التعرف على المهن والمساعدة على الاختيار:
وتعد من بين الأنشطة التي تساعد التلميذ على الانفتاح على محيطه الاقتصادي والاجتماعي، وتدريبه على مهارة جمع المعلومات حول المهن وعن الكفايات التي تتطلبها حتى يتسنى له تصحيح تمثلاته حولها، وتعرف التطور الذي يعرفه سوق الشغل يوما بعد يوم. كما تساهم أيضا في التعريف بخصائص المهن حتى يتمكن من بناء اختياراته على أسس موضوعية، تتدخل فيها عوامل داخلية( الوعي بالقدرات والميول، الاهتمامات) وأخرى خارجية (رأي الأسرة، فرص وإكراهات وتحديات المهنة، ظروف الاشتغال بها، تقدير المجتمع لها، …) . كما تعد هذه الوضعية مناسبة أيضا لتأهيل المتعلم لتعرف سوق الشغل، وتنمية قدرته على الاختيار مع تحمل نتائج اختياراته وفرصة لتنمية ثقته بنفسه، وصنع واتخاذ القرارات الحاسمة الخاصة بمستقبله المهني ليتمكن من الربط بين تطلعاته وقدراته وإمكاناته.
وتتمثل أهداف وضعية التعرف على المهن في:
بناء وتدعيم القيم المرتبطة بالعمل: كالإخلاص والتفاني في العمل، وقيم التعاون والتكافل والتآزر ، والعمل الجماعي والعمل بروح الفريق، وقيم تمثل المنفعة العامة، ومبادئ المقاولة المواطنة؛
التعريف بالمهن: خصائصها إيجابياتها وسلبياتها، المؤهلات والكفايات التي تتطلبها والمسارات المهنية التي تؤدي إليها؛
التعرف على الميولات المهنية من خلال اختبارات الميول( استمارات، مقابلات فردية أو جماعية، برانم معلوماتية؛
بناء مهارات الثقة بالنفس والقدرة على الاختيار وتحمل المسؤولية؛
وضعية بناء المشروع الشخصي للتلميذ
تعتبر محطة تتداخل وتتكامل فيها مخرجات الوضعيات السابقة. حيث يتم جمع كل الخبرات التي تم التعرف والتدرب عليها خلال المراحل السابقة في «ملف تطور المشروع الشخصي»، والذي يعتبر كأداة توثيقية وتجميعية لخبرات التلميذ، وكآلية للتخطيط لمستقبله في إطار سيرورة بناء لبنات مشروعه الشخصي. ويسعى هذا الملف إلى تمكين التلميذ من الحصول على إجابات وافية عن التساؤلات التي ستمكنه من تعرف وبناء ملامح مهنة المستقبل:
ماهي مهنة المستقبل التي أميل إليها والتي تتناسب مع قدراتي وميولي؟
ماهي المسارات الدراسية التي تؤدي إليها؟
ماهي نقاط قوتي حتى أدعمها والفرص المتاحة التي يمكن أن تساعدني على النجاح؟
ماهي نقاط ضعفي التي يجب أن أعمل على تقويتها وتجاوز آثارها وماهي التهديدات التي يجب أن أعمل على وضعها في الحسبان لتوجيه جهدي نحو تحقيق أهدافي؟
ماهي اتجاهاتي نحو المهنة التي اخترتها؟ هل تتوافق مع قناعاتي وتطلعاتي؟ ما هي تقديرات المجتمع والأسرة لها؟
وتلعب الإدارة التربوية في إطار تفعيل مخرجات اجتماعات مجالس المؤسسة دورا أساسيا في السعي إلى إرساء بيئة تربوية مواكبة للمشاريع الشخصية. إذ يفترض بها تهيييء فضاءات العمل الملائمة لتصريف مختلف الأنشطة وخلق فرص التنسيق بين مختلف المتدخلين وخصوصا الأسر، التي من المفروض أن تطلع بشكل دوري على تطور بناء المشاريع الشخصية لأبنائها، وأن تبدي رأيها حيالها في إطار التواصل المستمر الذي يجمعها بالأساتذة وإدارة المؤسسة والمستشار في التوجيه. ولإدارة المؤسسة كذلك دور أساسي في تفعيل دور الأندية التربوية، التي تساهم بشكل كبير في دعم أنشطة المشروع الشخصي، كما تساهم في تنمية مختلف المهارات التي تساعدهم على اتخاذ القرار السليم حيال مستقبلهم الدراسي والمهني.