قالت صحيفة صنداي تايمز إن بريطانيا تبحث منح الجاسوس الروسي المزدوج السابق سيرجي سكريبال وابنته يوليا هوية جديدة وتوطينهما في الولايات المتحدة في محاولة لحمايتهما من محاولات قتل أخرى.
وقالت إن مسؤولين في جهاز المخابرات البريطاني (إم.آي6) بحثوا مع نظرائهم في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مسألة نقل سكريبال وابنته بعد تعرضهما للتسميم الشهر الماضي في مدينة سالزبري الإنجليزية. ونقلت الصحيفة عن مصدر قوله «سيحصلان على هوية جديدة».
وذكرت الصحيفة أن مصادرها تعتقد أن بريطانيا تريد ضمان سلامة سكريبال وابنته بتوطينهما فيما إحدى دول تحالف «العيون الخمسة» في إشارة إلى شراكة في مجال المخابرات بين خمس دول هي بريطانيا والولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلندا.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مخابراتي مطلع على المفاوضات قوله «المكان الأفضل لإعادة توطينهما هو أمريكا إذ من غير المرجح قتلهما هناك كما يسهل حمايتهما بمنحهما هوية جديدة». ولم يرد تعليق على التقرير من وزارة الخارجية البريطانية
ولا يزال العميل الروسي المزدوج سابقا سيرجي سكريبال في حالة حرجة في المستشفى بعد مرور أكثر من شهر على تسميمه بغاز أعصاب في مدينة سالزبري الانجليزية.
جفاء رسمي
طلب سفير روسيا لدى بريطانيا الالتقاء بوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لمناقشة تبعات تسميم الجاسوس الروسي السابق في مدينة سالزبري في انكلترا الشهر الماضي، وفقا لما اعلنته السفارة الروسية السبت.
وصرح المتحدث باسم السفارة لوكالة فرانس برس «نعتقد ان الوقت قد حان لترتيب لقاء بين السفير الكسندر ياكوفينكو ووزير الخارجية بوريس جونسون لمناقشة المجموعة الكاملة من القضايا المشتركة وكذلك التحقيق في حادث سالزبري».
واضاف «للاسف فإن التفاعل بين وزارة الخارجية والسفارة لا يبعث على الارتياح».
وقال المتحدث ان ياكوفينكو بعث ب»مذكرة شخصية» الى جونسون لطلب لقائه.
واضاف «نأمل في أن يكون رد الجانب البريطاني بن اء وأن يتم ترتيب مثل هذا اللقاء قريبا».
واعلنت وزارة الخارجية البريطانية انها تلقت طلب عقد اجتماع وانها «سترد في الوقت اللازم».
وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية إن «رد فعل روسيا لم يكن مريحا».
وتابع «لقد مر أكثر من ثلاثة اسابيع منذ طلبنا من روسيا الانخراط بشكل بن اء والإجابة على عدد من الاسئلة المرتبطة بمحاولة اغتيال (سيرغي) سكريبال وابنته».
وأضاف «الآن، وبعد الفشل في محاولتهم في الامم المتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية هذا الاسبوع ومع تحسن صحة الضحايا، يبدو أنهم ينفذون تكتيكا جديدا لتشتيت الانتباه».
إلى ذلك، قالت فتكوريا سكريبال ابنة شقيقة سيرغي إنها طلبت تاشيرة لزيارته في بريطانيا، لكن وزارة الخارجية البريطانية أعلنت الجمعة رفض طلبها بحجة أن طلبها «لا يتوافق مع نظام الهجرة».
واعربت السفارة الروسية في لندت عن «اسفها» للرفض البريطاني.
وقالت فكتوريا سكريبال لوكالة انباء انترفاكس «تلقيت بلاغا يفيد أن يوليا لا تريد على الارجح لقائي، لم اقم بزيارة سيرغي من قبل، انني بدون عمل، ولم اقدم المستندات» التي تثبت وجود اموال كافية في حسابها المصرفي.
واتهمت بريطانيا وحلفاؤها الغربيين موسكو باستهداف سكريبال وابنته بغاز اعصاب يستخدم لاغراض عسكرية ويعرف باسم «نوفيتشوك»، وهو ما تنفيه موسكو
وفيما يلي المعلوم والمجهول في القضية حتى الآن:
o ما الذي حدث؟
n كانت الساعة 1615 بتوقيت جرينتش يوم الرابع من مارس عندما تلقت الشرطة مكالمة من شخص عادي عن وجود شخصين يتصرفان بطريقة غريبة. عثرت الشرطة على سكريبال (66 عاما) وابنته يوليا (33 عاما) غائبين عن الوعي على مقعد خارج مركز مولتنجز للتسوق في سالزبري. ونقل الاثنان إلى مستشفى مقاطعة سالزبري.
وكان ضابط الشرطة نيك بيلي من أوائل من وصلوا إلى موقع الحادث. ودخل المستشفى لكنه خرج بعد ذلك.
وقالت بريطانيا إن أكثر من 130 شخصا تأثروا بالهجوم. ودخل أكثر من 50 شخصا منهم ثلاثة أطفال المستشفيات.
o ما الذي أصابهما بالتسمم؟
n في 12 مارس قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن الاثنين تسمما بغاز أعصاب مما يستخدم في الأغراض العسكرية من مجموعة سموم يطلق عليها اسم نوفيتشوك طورها الاتحاد السوفيتي خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
وتوجد أشكال مختلفة من نوفيتشوك الذي يعد سلاحا ثنائيا يحتوي على مادتين كيماويتين أقل سمية تتفاعلان عند مزجهما لتنتجا سما يفوق في قدرته على الفتك غاز السارين أو غاز الأعصاب في.إكس عدة مرات.
وحدد الكسندر ياكوفينكو السفير الروسي لدى بريطانيا السم المزعوم فقال إنه نوفيتشوك ايه 234 وهو مشتق من نسخة سابقة تعرف باسم ايه 232.
وقالت ماي إن حكومتها توصلت إلى أن «روسيا على الأرجح هي المسؤولة» عن استخدام السم أو أنها فقدت السيطرة على بعض من هذه المادة.
ونفت روسيا أي دور لها في العملية وأشار مسؤولون روس إلى أن أجهزة المخابرات البريطانية هي المسؤولة عن تسميم سكريبال وابنته ربما بمساعدة من الولايات المتحدة وذلك من أجل إثارة حالة من الهيستريا المعادية لروسيا.
ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التفكير في أن موسكو وراء تسميم سكريبال وابنته بالهراء.
وقال بوتين يوم 18 مارس آذار «روسيا لا تملك مثل هذه العناصر» من غازات الاعصاب.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن من المرجح بشدة أن يكون بوتين هو الذي أصدر القرار بنفسه بالهجوم على سكريبال. ووصف الكرملين هذا الاتهام بأنه صادم.
o العواقب الدبلوماسية
n أمهلت ماي روسيا يوما لتقديم تفسير لكنه لم يأت. وفي 14 مارس آذار أمرت بطرد 23 روسيا قالت إنهم جواسيس يعملون تحت مظلة الحصانة الدبلوماسية.
وعشية الانتخابات الرئاسية الروسية في 18 مارس آذار أمرت روسيا بطرد 23 دبلوماسيا بريطانيا من موسكو. كما أغلقت أنشطة المجلس الثقافي البريطاني الذي يرعى العلاقات الثقافية وأغلقت كذلك القنصلية البريطانية العامة في سان بطرسبرج.
وأدان قادة الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا أول استخدام لغاز أعصاب من النوع الحربي في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية وقالوا إن ذلك يمثل تهديدا لأمن الغرب.
وفي أكبر حملة غربية لطرد دبلوماسيين روس منذ ذروة الحرب الباردة أمرت الولايات المتحدة بطرد 60 دبلوماسيا روسيا وردت موسكو بطرد 60 دبلوماسيا أمريكيا. وطردت دول غربية أخرى حوالي 70 دبلوماسيا روسيا ورد الروس بالمثل.
o كيف نعرف أنه غاز نوفيتشوك؟
n قالت ماي إن معمل بورتون داون العسكري البريطاني هو الذي تعرف على نوفيتشوك وذلك رغم أن الحكومة لم تذكر كيف علمت أن مصدره هو روسيا.
شككت روسيا في الأساس الذي توصلت بريطانيا بمقتضاه إلى استنتاجها أن السم مصدره روسيا وما إذا كان لدى بريطانيا عينة معيارية من نوفيتشوك.
وقال خبراء في الأسلحة الكيماوية إن إعلان نتيجة التحليل بدقة يتطلب أن تقارن بريطانيا الغاز المستخدم بعينة من نوفيتشوك الروسي الصنع. ولم يتضح كيف يمكن لبريطانيا أن تملك تلك العينة.
وتتمثل الوسائل الأخرى التي يمكن بها التعرف على مصدر المادة في معلومات المخابرات البريطانية أو الغربية. ولم يعلن شيء من هذا القبيل على الملأ.
وقال جاري اتكينهيد الرئيس التنفيذي لمعمل علوم وتكنولوجيا الدفاع في بورتون داون في الثالث من ابريل الجاري إن المعمل لم يتمكن من تحديد ما إذا كان غاز الأعصاب المستخدم في الهجوم قد أ نتج في روسيا.
لكنه قال إن المادة المستخدمة تتطلب «وسائل في غاية التعقيد لصنعه وهو ما لا يتوفر على الأرجح إلا في قدرات دولة».
وطلبت بريطانيا من مفتشين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية اختبار السم. ولم تنشر نتائج هذا الفحص.
o ما هو نوفيتشوك؟
n أغلب المعلومات المتاحة عن نوفيتشوك مصدرها اثنان من العلماء الروس تحدثا علانية عن هذه المادة في أعقاب سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991. فقد طوره الجيش السوفيتي في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين من خلال معمل الأبحاث الكيميائية التابع للدولة.
وقال الكيميائي الروسي فيل ميرزايانوف الذي ساعد في تطوير السم لرويترز الشهر الماضي إن روسيا وحدها هي التي يمكن أن تكون قد شنت الهجوم.
وأضاف أن روسيا تحتفظ برقابة لصيقة على مخزونها من نوفيتشوك وإن هذه المادة أكثر تعقيدا من أن يستخدمها طرف آخر غير دولة كسلاح.
وقال عالم آخر ينتمي لحقبة الحرب الباردة هو البروفسور ليونيد رينك لوكالة الإعلام الروسية إن الهجوم لا يبدو من عمل موسكو لأن سكريبال وابنته لم يلفظا أنفاسهما الأخيرة على الفور.
كان برنامج الأسلحة الكيماوية السوفيتي في حالة فوضى بعد الحرب الباردة. ومن المحتمل أن تكون بعض المواد السامة والمعلومات عنها قد وقعت في أيدي مجرمين.
o أين وقع الاعتداء؟
n قال دين هايدون منسق عمليات مكافحة الارهاب في بريطانيا يوم 28 مارس آذار إنه تم العثور على سم يصيب الأعصاب على الباب الأمامي لبيت سكريبال في انجلترا.
وقد وصلت يوليا سكريبال إلى بريطانيا من روسيا عن طريق مطار هيثرو نحو الساعة 1440 بتوقيت جرينتش في الثالث من مارس آذار. وفي نحو الساعة 1340 بتوقيت جرينتش من اليوم التالي وصل الأب وابنته إلى مرأب السيارات عند متجر سينزبري في مركز مولتنجز للتسوق.وتوجه الاثنان إلى حانة بيشوبس ميل ثم إلى مطعم زيزي الايطالي نحو الساعة 1420 بتوقيت جرينتش. وظلا في المطعم حتى الساعة 1535 تقريبا. وأبلغ أحد العامة خدمة الإسعاف عنهما الساعة 1615 بتوقيت جرينتش.
واليوم الخميس قال التلفزيون الروسي الرسمي ووكالة إنترفاكس الروسية للأنباء إن يوليا تحدثت هاتفيا مع ابنة عمها في روسيا وقالت إنهما يتعافيان وإنها تتوقع مغادرة المستشفى قريبا.
وأورد التلفزيون الرسمي نبأ المحادثة وقال إنهتسلم تسجيلا بالمحادثة من فيكتوريا سكريبال ابنة عم يوليا، لكنه لا يستطيع الجزم بمصداقية التسجيل.
وكان سكريبال وابنته في حالة حرجة بعد الهجوم. لكن في 29 مارس آذار قال المستشفى الذي يرقدان به إن يوليا بدأت في التحسن. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عن مصادر قولها إن يوليا «مدركة لما حولها وتتحدث».