المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  -74-

تزايد النفوذ العسكري المغربي في مصر 

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر»، كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها، العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة.
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

سجل الدكتور حسام محمد عبد المعطي في كتابه «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر « حجم الأوقاف المرصدة للرواق وتدخل  التجار المغاربة  لدى النخبة الحاكمة لحماية الطلاب والمجاورين ضد عسف الحكام إذا حدث من أحدهم ذنب،ولعل حادثة الكسوة التي أوردها أحمد شلبي عبد الغني يقول المؤلف أوضح مثال على ذلك فقد تدخل محمد الدادي الشرابي شهبندر التجار لدى السلطات الحاكمة من أجل الإفراج عن المغاربة سواء من الحجاج أو المجاورين الذين احتجزتهم السلطات الحاكمة في السجن بعد اعتدائهم على أحد الجنود الذي كان يشرب الدخان عند مرورهم حاملين كسوة الكعبة.
كذلك هناك  تزايد النفوذ العسكري المغربي في مصر بصفة عامة؛ فمنذ عهد إبراهيم كتخدا القازدغلي وفق الكتاب،  بدأ كبار البكوات المماليك في تكوين فرق عسكرية مغربية داخل بيوتهم؛ واشترطوا عليهم أن يكونوا من المشاة حملة البنادق،وأصبح تدريجيا واضحا داخل القاهرة التي أصبحت مكتظة بالجنود المغاربة المستبعدين دائما للاندفاع لمساندة بني وطنهم، وتعاني القاهرة من شغب المغاربة واندفاعهم في أية لحظة لمهاجمة أي معتد على أي منهم؛ ولو أدى ذلك إلى حدوث مواجهة حتى  مع أغا الإنكشارية نفسه.
ومن العوامل الأخرى يقول الدكتور حسام محمد عبد المعطي، النفوذ الذي أصبح يحوزه كبار العلماء المالكية لتصديهم لتجاوزات السلطة المملوكية؛ ولعل الشيخ علي الصعيدي والشيخ أحمد بن حامد الدرديري والشيخ محمد الأمير أوضح مثال على ذلك. ولعل قول الجبرتي  عن الشيخ الدرديري خير دليل على مكانته في المجتمع المصري فيقول «تعين المترجم شيخا على المالكية ومفتيا وناظرا عل وقف الصعايدة وشيخا على طائفة الرواق «بل شيخا على أهل مصر بأسرها».
وفي نفس هذا الإطار يجب وفق الدراسة،  فهم العلاقة التي ربطت بين السيد عمر مكرم الأسيوطي نقيب الأشراف والمغاربة؛ حيث كان السيد عمر مكرم مالكي المذهب، ويوضح الجبرتي مدى مساندة المغاربة من طلاب الرواق والجنود للسيد عمر مكرم في أية لحظة.
وعندما توجه عمر مكرم لإنزال خورشيد باشا يقول الجبرتي»وفي يوم الاثنين ركب السيد عمر وصحبته الوجاقلية وأمامه الناس بالأسلحة والعدد والأجناد وأهل خان الخليل والمغاربة شيء كثير جدا».


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 30/07/2021