المملكة تشكل طرفا بارزا في مبادرة «السوق المشتركة مع بلدان شمال افريقيا»
خيم موضوع مساعدات التنمية الاقتصادية والهجرة على النقاش الدائر بين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين خلال القمة الافريقية الأوربية التي اختتمت أشغالها أمس الخميس بأبيدجان . وقد شهد الملف تطورا بفعل المقاربة الجديدة التي جاءت بها ألمانيا إلى القمة والتي من خلالها – حسب ما جاء على لسان المستشارة أنجيلا ميركل « تتعهد ألمانيا بتعزيز دعم بلادها للقارة الافريقية في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية بربطها بالتنمية الاقتصادية.»
ويحضر المغرب كطرف بارز في هذه المقاربة الألمانية للهجرة، على اعتبار أنه يشكل من جهة عنصرا رئيسيا في المبادرة الألمانية حول « السوق المشتركة مع بلدان شمال افريقيا» ، كما يحضر كطرف كذلك في المخطط الألماني «مارشال من أجل إفريقيا». وتشكل الدينامية القوية للمغرب في الساحة الافريقية على الكثير من الأصعدة – الاقتصادية منها على الخصوص – عنصرا إضافيا لتعزيز هذا الحضور في السياسة الخارجية الألمانية تجاه إفريقيا.
وتدافع ألمانيا منذ مطلع العام الجاري عن مشروع تعاون جديد مع القارة الإفريقية، أطلق عليه «مشروع مارشال لتنمية إفريقيا»، ويهدف إلى مساعدة القارة السمراء على مواجهة مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية. ويبدو المشروع كأسلوب وقائي لمكافحة الفقر والآفات التي تتسبب في الهجرة نحو أوروبا.
ويأتي المشروع الذي تقترحه ألمانيا كتتويج لخطوات قامت بها في السنوات القليلة الأخيرة باتجاه تقوية استثماراتها وصادراتها في القارة الإفريقية. بيد أن الظروف الحالية تجعل الأضواء مركزة على جانب من هذا المشروع، ويتعلق الأمر تحديدا بفكرة إقامة سوق مشتركة بين الاتحاد الأوروبي وبلدان شمال إفريقيا وعلى رأسها المغرب والجزائر وتونس وليبيا بالإضافة إلى مصر.
ويقوم «مشروع مارشال من أجل إفريقيا» الذي أفصحت عنه حكومة ميركل نهاية العام الماضي على مجموعة من الدعامات الرئيسية على رأسها خلق ميثاق جديد من أجل مستقبل إفريقيا التي سيتضاعف عدد سكانها في أفق 2050 ليصل إلى 20% من تعداد سكان العالم. و يشكل هذا الوضع تحديا وفرصة في الوقت ذاته. وترى ألمانيا أن أوروبا يمكنها أن تساعد بالعلم والابتكار، وبالتقنية الحديثة، وبالمساهمة المباشرة من أجل التغلب على هذه التحديات كما تقضي الخطة بوقوف أوروبا إلى جانب الاتحاد الإفريقي من أجل ترجمة برامج الإنماء التي سطرها الاتحاد من خلال بلورة شراكات ومن خلال التعاون الاقتصادي، سيلعب فيهما عاملا المبادرة والمسؤولية الذاتية دورا مهما. إفريقيا ستكون حينها ليس شريكا اقتصاديا فحسب، بل أيضا شريكا في رسم مستقبل التعاون بين الطرفين في المجال التجاري، المالي، البيئي، الفلاحي، وفي السياسة الخارجية والأمنية.
ويولي مخطط مارشال الجديد الأسبقية لمناصب الشغل وخلق فرص للشباب خصوصا وأن حوالي 20 مليون شاب إفريقي يتدفقون سنويا إلى سوق الشغل وهو ما يجعل التحدي الرئيسي هو خلق مناصب شغل وفرص للتكوين المهني. الشباب الإفريقي في حاجة إلى التبادل بجميع أنواعه مع أوروبا. على أوروبا أن تطور تصورات تمكن من فتح قنوات لهجرة مقننة وتحارب الهجرة السرية.
و يدعم المخطط الجديد الاستثمار في مبادرات القطاع الخاص و تثمين القدرات الإنتاجية بدل الاستغلال الاقتصادي ودعم الديمقراطية لخلق بيئة سياسية ملائمة ورفع شعار « الإصلاحات مقابل الدعم» كما تقضي الخطة بأن لا تتكل البلدان الافريقية على المساعدات الدولية بل أن تبادر بالنهوض الذاتي بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية .
وتشكل التحديات الاقتصادية العنصر المشترك بين «مشروع مارشال إفريقيا» و»السوق المشتركة» مع بلدان شمال افريقيا، حسبما أشار إليه وزير التنمية الألماني غيرد مولر – وهو أول من أفصح عن مخطط مارشال الجديد في نونبر 2016 – عندما أكد أن القارة السمراء تواجه تحديات في ضمان مصادر التغذية والطاقة ومناصب الشغل للشباب، أما أوجه الاختلاف فتكمن بالأساس على المستوى السياسي والمؤسساتي. فعلى المستوى المؤسساتي تتركز العلاقات الألمانية مع بلدان جنوب الساحل والصحراء الإفريقية في الطابع الثنائي، بينما تأخذ العلاقات مع البلدان المغاربية طابعا أكثر تعقيدا بحكم وجود اتفاقيات شراكة موقعة بين هذه الدول والاتحاد الأوروبي من جهة، ووجود علاقات ثنائية مكثفة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا مع ألمانيا، من جهة ثانية.
وكانت برلين عرضت على كل من المغرب والجزائر وتونس، اتفاقيات لتصنيفها كدول آمنة مقابل تحمل هذه الأخيرة مسؤولياتها بالكامل في استقبال مواطنيها الذين ترفض طلبات لجوئهم.. و ذلك خلال جولة قام بها وزير الداخلية توماس دي ميزيير إلى المنطقة المغاربية في فبراير 2016 ، كما قدمت ألمانيا في هذا السياق اقتراحات بتقوية المساعدات التنموية لهذه البلدان لمساعدة الشباب فيها على إيجاد فرص العمل وفتح آفاق للاستقرار في بلدانهم وعدم المجازفة بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
(المزيد…)