المغرب في‮ ‬حاجة إلى‮ ‬50‮ ‬ألف طبيب على الأقل والجائحة‮ «‬تقتات‮» ‬من مهنيي‮ ‬الصحة

 

التحق البروفسور محمد مومن بقائمة ضحايا الواجب الذين فارقوا الحياة بعد إصابتهم بفيروس كوفيد‮ ‬19،‮ ‬ويتعلق الأمر بأحد أبرز الجراحين في‮ ‬المغرب ومن أوائل خريجي‮ ‬كلية الطب والصيدلة،‮ ‬والرئيس السابق لمصلحة الجراحة العامة بمستشفى ابن رشد الذين تكوّنت على‮ ‬يديه أجيال من الأطباء،‮ ‬والذي‮ ‬خلّف رحيله هو الآخر في‮ ‬ظرف زمني‮ ‬قصير قضى خلاله العديد من الأساتذة والأطباء،‮ ‬حزنا وأسى عميقا في‮ ‬المشهد الصحي‮ ‬بشكل عام‮.‬
الجائحة الوبائية التي‮ ‬ترتفع حصيلتها‮ ‬يوما عن‮ ‬يوم،‮ ‬متسببة في‮ ‬وفاة العديد من الكفاءات والخبرات وشرائح واسعة من مختلف الفئات،‮ ‬أكد الدكتور عبد الإله الشنفوري،‮ ‬أنه‮ ‬يجب أن‮ ‬يتم استخلاص النتائج من تجربتها الأليمة،‮ ‬والعمل بجدية وبكل مسؤولية جماعية من أجل بناء نظام صحي‮ ‬شامل،‮ ‬عام وخاص،‮ ‬يشتغلان لمصلحة الوطن والمواطنين في‮ ‬تناغم تام بعيدا عن كل مظاهر السياسوية والشعبوية،‮ ‬ووضع استراتيجية للصحة تتسم بالدوام وتتصف بالاستمرارية،‮ ‬مشددا على أن الصحة والتعليم أكبر من أية حسابات صغيرة وضيقة‮.‬
وأوضح العضو المؤسس للتجمع النقابي‮ ‬الوطني‮ ‬للأطباء الأخصائيين بالقطاع الحر في‮ ‬تصريح لـ‮ «‬الاتحاد الاشتراكي‮»‬،‮ ‬أنه خلال العشر سنوات الأخيرة عرف المغرب‮ ‬3‮ ‬جائحات،‮ ‬تعتبر جائحة كوفيد‮ ‬19‮ ‬أخطرها،‮ ‬والتي‮ ‬تعد مؤشرا على ما قد‮ ‬يأتي‮ ‬مستقبلا،‮ ‬لهذا‮ ‬يجب الانكباب على وضع نظام صحي‮ ‬وطني‮ ‬في‮ ‬مستوى التحديات،‮ ‬مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى‮ ‬50‮ ‬ألف طبيب كمعدل أدنى،‮ ‬في‮ ‬حين أن العدد الحالي‮ ‬لا‮ ‬يتجاوز‮ ‬24‮ ‬ألفا‮.‬
ووجّه الدكتور الشنفوري‮ ‬رسالة تعزية إلى أسر المواطنين الذين فقدوا عزيزا خلال هذه الجائحة وإلى عائلات أصحاب الوزرة البيضاء،‮ ‬أطباء وممرضين،‮ ‬الذين‮ ‬يتواجدون في‮ ‬الصف الأول والذين‮ ‬يدفعون ثمن الجائحة باهظا،‮ ‬وفقا لتأكيده،‮ ‬الذين بمغادرتهم الحياة‮ ‬يتركون أهاليهم‮ ‬يتخبطون في‮ ‬دوامة من التيه النفسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬والاقتصادي،‮ ‬خاصة المنتمين للقطاع الخاص الذين لا‮ ‬يتوفرون على تغطية صحية ولا على تقاعد،‮ ‬مشددا على أن هناك حالات مؤلمة تعيش هذا الوضع اليوم،‮ ‬وبأن الجميع‮ ‬يطلق صرخة‮ ‬يجب التعامل معها بجدية وأن‮ ‬يقدّر الساسة قيمة التضحيات التي‮ ‬يتم بذلها‮. ‬وأكد الخبير في‮ ‬الشأن الصحي‮ ‬على أن هذه التضحيات بالرغم من جسامتها والألم الذي‮ ‬تخلّفه إلا أنها تبقى قليلة على الوطن الذي‮ ‬يستحق بذل كل‮ ‬غال ونفيس لأجله،‮ ‬لكن بالمقابل‮ ‬يجب تطوير المنظومة الصحية التي‮ ‬تعاني‮ ‬من الهشاشة والتي‮ ‬تفتقد لمنظور شمولي‮ ‬لتحقيق تناغم بين القطاعين،‮ ‬مبرزا أن القطاع الخاص اشتغل بإمكانياته على مستوى الوقاية والتعامل مع الحالات المشكوك في‮ ‬إصابتها واستمر في‮ ‬القيام بواجبه في‮ ‬غياب أي‮ ‬إشراك وتنسيق،‮ ‬وحمل على عاتقه حماية العاملين في‮ ‬المجال ومختلف المرضى الذين‮ ‬يتوافدون على العيادات والمصحات،‮ ‬وأدى المهنيون كلفتها المادية والمعنوية وعلى رأسها استنزاف الموارد البشرية،‮ ‬حيث تم فقدان أطباء وأساتذة لتكوين نظرائهم‮ ‬يحتاج المغرب إلى زمن ليس بالهيّن‮.‬
وحمّل الشنفوري‮ ‬الحكومة المسؤولية السياسية فيما وقع من انتكاسة صحية بعد النجاح الذي‮ ‬تأتى تحقيقه في‮ ‬المرحلة الأولى من مواجهة الجائحة،‮ ‬بفضل التعليمات الملكية الاستباقية،‮ ‬مؤكدا على أنه في‮ ‬المرحلة الثانية‮ «‬خسرنا المعركة لأن المسؤولين على الشأن العام والشأن الصحي‮ ‬لم‮ ‬يقوموا بواجبهم على أكمل وجه،‮ ‬ولم‮ ‬يعدوا استراتيجية متكاملة للتعامل مع العطلة ومناسبة عيد الأضحى وتبعاتهما‮»‬،‮ ‬داعيا‮ ‬الوزارة لكي‮ ‬تكون مؤسسة تهتم بكل العاملين في‮ ‬المنظومة الصحية بشكل عام،‮ ‬وأن تحرص على الإشراف على التكوين وضمان التكوين المستمر وتأهيل القطاع بما‮ ‬يخدم المواطنين وينعكس إيجابا على الوطن‮.‬


الكاتب : ‮ وحيد مبارك

  

بتاريخ : 17/10/2020