المغرب يختار 5 مستثمرين لتنفيذ مشاريع الهيدروجين الأخضر في الصحراء المغربية بقيمة 32 مليار دولار .. 6 مكاسب سيجنيها المغرب من المشاريع الضخمة في مجال الهيدروجين الأخضر

 

في خطوة استراتيجية نحو تعزيز مكانة المغرب في مجال الطاقة المتجددة، تم يوم الخميس الماضي بالرباط انتقاء خمسة مستثمرين وطنيين ودوليين لتنفيذ ستة مشاريع في مجال الهيدروجين الأخضر في الأقاليم الجنوبية للمملكة، باستثمارات تصل إلى 319 مليار درهم (حوالي 32 مليار دولار).
تأتي هذه المبادرة تنفيذا لتعليمات جلالة الملك محمد السادس الداعية إلى “الإسراع بتنزيل (عرض المغرب) في مجال الهيدروجين الأخضر، بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين في هذا القطاع الواعد”.
وتم اختيار الشركات وفقا لمنهجية علمية وشفافة لضمان شراكات متوازنة ودائمة بين المملكة والمستثمرين المعنيين. تهدف هذه المشاريع إلى توقيع عقود أولية لحجز الوعاء العقاري المخصص لتنفيذها، بمساحة تصل إلى 30 ألف هكتار لكل مشروع كحد أقصى، مع ضمان حسن استخدام الوعاء العقاري العمومي.
هذه المشاريع الستة تنضاف إلى اتفاقيتين تم توقيعهما في أكتوبر 2024 أمام جلالة الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. الأولى تتعلق بتفعيل “عرض المغرب” لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر بين الدولة المغربية ومجموعة “طوطال إنيرجي”، بينما الثانية تخص التنمية المشتركة بين المكتب الشريف للفوسفاط وشركة “إنجي”، وتشمل خمسة مشاريع، من ضمنها مشروع للهيدروجين الأخضر.
في هذا السياق، أعلنت شركة “طوطال إنيرجي” عن مشروع للطاقة المتجددة في المغرب يهدف إلى إنتاج الهيدروجين والأمونياك لتصديرهما إلى أوروبا. يتضمن المشروع إنشاء مزارع رياح وألواح شمسية بقدرة 1 جيجاوات في منطقة كلميم-واد نون، مع تخصيص الحكومة المغربية للأراضي اللازمة لإجراء الدراسات الهندسية والتصميمية الأولية. يهدف المشروع إلى إنتاج 200 ألف طن متري من الأمونياك سنويًا باستخدام الكهرباء المتجددة لاستخراج الهيدروجين من مياه البحر المحلاة.
بالإضافة إلى ذلك، وقعت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) وشركة الطاقة الفرنسية “إنجي” اتفاقية مبدئية لاستثمار يصل إلى 17 مليار يورو (18 مليار دولار) في المغرب. تهدف الاتفاقية إلى تعزيز العلاقات من خلال عدة مشاريع، بما في ذلك إنتاج الطاقة المتجددة، وتوليف الأمونياك الأخضر، وبناء محطة لتحلية المياه للاستخدام الزراعي من قبل OCP. من المتوقع أن تبدأ مشاريع الطاقة المتجددة في عام 2026، تليها مشاريع تحلية المياه والهيدروجين الأخضر في عامي 2028 و2032 على التوالي.
وتظهر هذه الاستثمارات الضخمة التزام المغرب بتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر واستغلال موارده الطبيعية الغنية لتعزيز مكانته كدولة رائدة في مجال الطاقة المتجددة. من المتوقع أن تسهم هذه المشاريع في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي في الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى تعزيز مكانة المغرب كمصدر رئيسي للطاقة النظيفة إلى أوروبا والعالم.
1 دعم الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية
علاوة على ذلك، تسهم هذه المبادرات في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية وتقليل الانبعاثات الكربونية، مما يعزز دور المغرب في مكافحة التغير المناخي. مع استمرار هذه الجهود، يُتوقع أن يصبح المغرب مركزًا إقليميًا وعالميًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، مما يعزز مكانته في سوق الطاقة العالمي.
2 فرص اقتصادية متعددة وجذب الاستثمارات الأجنبية
ويتيح الهيدروجين الأخضر للمغرب فرصاً اقتصادية متعددة، تبدأ بجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو ما يعكسه حجم الاستثمارات التي تجاوزت 32 مليار دولار في المشاريع الأخيرة بالصحراء المغربية. هذه الاستثمارات لا تعني فقط ضخ رؤوس أموال ضخمة في الاقتصاد المغربي، بل تؤدي أيضاً إلى نقل التكنولوجيا الحديثة والخبرات الصناعية، ما يسهم في تطوير القطاع الصناعي المحلي وخلق بيئة أعمال تنافسية تعزز من جاذبية المملكة للاستثمارات المستقبلية.
3 توفير آلاف فرص العمل وتعزيز الكفاءات
وسيساهم تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر في توفير آلاف فرص العمل، سواء في مراحل الإنشاء أو التشغيل والصيانة. فالمشاريع الكبرى مثل إنتاج الأمونياك والوقود الاصطناعي والفولاذ الأخضر تتطلب يداً عاملة مؤهلة، ما يستوجب تطوير برامج تكوين متخصصة في مجالات الهندسة والطاقة المتجددة والصناعة الكيميائية. هذا من شأنه أن يعزز من مستوى الكفاءات المغربية ويؤهل المملكة لتكون مركزًا إقليميًا للصناعات المتقدمة.
4 تعزيز الصادرات المغربية وتنويع الاقتصاد
وعلى المستوى التجاري، سيتيح إنتاج الهيدروجين الأخضر للمغرب فرصة تعزيز صادراته من الطاقات النظيفة، مما سيساعد على تنويع موارده الاقتصادية. فمن المتوقع أن يصبح المغرب أحد المزودين الرئيسيين للهيدروجين الأخضر والأسمدة الخضراء للأسواق الأوروبية، خاصة بعد التوجه الجديد للاتحاد الأوروبي نحو فرض رسوم على المنتجات ذات الانبعاثات الكربونية العالية. هذا الوضع يجعل من الطاقة النظيفة أحد أهم مصادر الدخل المستقبلي للمملكة، إلى جانب الفوسفات والزراعة والسياحة.
5 تعزيز الاستقلالية الطاقية للمملكة
وإلى جانب العوائد المالية المباشرة، فإن تطوير الهيدروجين الأخضر يعزز الاستقلالية الطاقية للمغرب، حيث سيقلل من اعتماده على استيراد الطاقة من الخارج. فبفضل مشاريعه الضخمة في الطاقات المتجددة، يمكن للمغرب ليس فقط تلبية احتياجاته الداخلية من الكهرباء والهيدروجين، بل حتى تصدير الفائض إلى الأسواق العالمية، ما سيسهم في تحسين ميزانه التجاري وتقليل العجز الطاقي.
6 التزام المغرب بالمعايير البيئية العالمية
ومن الجانب البيئي، فإن هذا التوجه يساعد المغرب على تحقيق التزاماته المناخية الدولية، خصوصاً في إطار اتفاقية باريس للمناخ وأهداف الحياد الكربوني بحلول 2050. حيث إن إنتاج الهيدروجين الأخضر يعتمد على التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الكهرباء المتجددة، مما يجعله خياراً مستداماً لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.

 


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 10/03/2025