المغرب يخصص 50 مليون يورو لفرض هيمنته على صناعة السيارات في إفريقيا

أصبح المغرب، بشكل “سريع” رائدا في تصنيع السيارات في إفريقيا، إذ يعتبر هذا القطاع بالفعل قطاع “التصدير الرائد” في المملكة بالنسبة للقارة السمراء، التي تعتمد العديد من بلدانها على “السيارات المستعملة المستوردة من الغرب”، والمغرب من خلال “تحويل نفسه ببطء إلى مركز إفريقي لتصنيع السيارات”، يقدم “مثالا يحتذى به”، كما يريد التأسيس لنفسه ك”مركز دولي لقطاع السيارات” و”تعزيز مكانته في صناعة السيارات”، وقد اتخذت المملكة الآن خطوة كبيرة أخرى في هذا الاتجاه.

“نيو – NEO”..
علامة السيارات المحلية!

لبسط سيطرته على هذا القطاع، عمل المغرب على التأسيس لأول “علامة تجارية مغربية للسيارات في السوق المحلية” وهي “نيو – Neo” أو “أول علامة تجارية للسيارات المغربية يتم إنتاجها للسوق المحلي” ب”استثمار 50 مليون يورو سيتم استخدامها لبناء مصنع لهذا المشروع”. جاء هذا الإعلان، من قبل وزير الصناعة والتجارة “رياض مزور”، الذي أضاف أنه “من المتوقع أن ينتج المصنع سنويا 3000 سيارة تعمل بالوقود في المرحلة الأولى، قبل رفع الإنتاج إلى 20000 سيارة في ما بعد”.
ووفقا للتقرير، سيتم توقيع اتفاقية في 2023 مع مجموعة من المستثمرين المغاربة، بغية قيادة دفة سفينة هذا “المشروع الصناعي الطموح”، الذي سيضاف إلى مرافق “رينو” و”ستيلانتس” الذي ينتج سنويا 700 ألف سيارة (50 ألف سيارة كهربائية).. من جهتها،اجتازت “السيارة المغربية”الجديدة جميع اختبارات وتجارب السلامة المطلوبة، وتنتظر الموافقة النهائية والشهادات اللازمة من قبل السلطات المختصة، على أن سعرها يقدر ب 15 ألف يورو (150 ألف درهم).

المغرب.. “ربان” السفينة
شمال إفريقية !

لا شك أن المملكة، بفضل مساعيها لتقوية صناعة السيارات محليا، فإنها ترمي لاستبدال استيراد السيارات المستعملة من “الولايات المتحدة” أو “الاتحاد الأوروبي”، بالمنتوج المحلي من المركبات عبر الدعم الحكومي لمبادرات مثل “الإعفاءات الضريبية لأول 5 سنوات” و”إعفاءات ضريبة القيمة المضافة” و “البنية التحتية الحديثة” والأهم بسبب “الظروف الاقتصادية والأمنية المواتية للبلاد” من أجل جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي ستعمل على تطوير قدرات البلاد بوتيرة متصاعدة، وفي مجالات عدة كانت ذات صلة بالقطاع أو لا…
يمتلك المغرب مصنعان رئيسيان للسيارات تابعان لكل من “رينو” و مجموعة “بيجو – سيتروين” كما أطلقت “رينو” خط إنتاج ثان مؤخرا. ومع هذه الخطوة، من المتوقع أن يرتفع الإنتاج والتصدير رفقة الاستثمارات الأخرى المرافقة في قطاع السيارات في المغرب، من قبيل استثمار “مجموعة بيجو – سيتروين” بقيمة 615 مليون دولار أمريكي في إنشاء منشأة التصنيع الخاصة بها.
يمكن للمغرب، اليوم، أن يتباهى بشبكة تضم أكثر من 200 مورد للسيارات، حيث ستجذب هذه الظروف أيضا لاعبين جدد في المغرب مثل : “تويوتا” و”هيونداي” في هذا المجال، بعكس “التناقض” و “النقص” ب”شكل صارخ” في البلدان الإفريقية الأخرى التي تعتمد على السيارات المستعملة المستوردة من “الولايات المتحدة” و “أوروبا”.
قام الاتحاد الأوروبي بتصدير غالبية سياراته المستعملة إلى دول في جميع أنحاء غرب وشمال إفريقيا (بين 2015 – 2018، 80٪ من 14 مليون سيارة مستعملة مصدرة من الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة تصدر إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل)، مع تزايد طلب الطبقة المتوسطة على السيارات والنقص الخطير في الإنتاج المحلي، أصبحت هذه البلدان تعتمد على السيارات المستعملة المستوردة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
والنتيجة، هي أن القارة الآن تغمرها “المركبات الملوثة” التي يبلغ عمرها أحيانا 10 سنوات، في قارة تضم أكثر من 50 دولة (نستثني منها “المغرب” و “مصر” و “السودان” و”جنوب إفريقيا” التي حظرت تماما استيراد السيارات المستعملة).. إلا أن بعضا من الشركات عديمة الضمير، استغلت “الفرصة” وبدأت في تصدير أنواع من الوقود “ذات الجودة الرديئة” (يطلق عليها ذات “الجودة الإفريقية”) شديدة التلوث بمستويات كبريت أعلى بمئات المرات من القوانين الأوروبية، ومن خلال الاستفادة من ضعف معايير “جودة الوقود” في الدول الإفريقية.
في عام 2016، ذكرت “Down To Earth” كيف أن هذه الشركات “تخفض عمدا جودة الوقود لزيادة هوامش الربح على حساب صحة الأفارقة”. في مثل هذه الحالة، سيكون المغرب بصيص الأمل بالتأكيد للقارة وشعوبها، لكون صناعة السيارات في المغرب هي “ثاني أكبر قطاع للتصدير”، وبمبيعات بلغت 8.4 ملايير دولار في أكتوبر 2022، ويتوقع أن ترتفع إلى 9.5 مليار دولار في دجنبر من نفس السنة.
لذلك، يجب أن تدرك إفريقيا تمام الإدراك، أن هناك “تكلفة صحية واقتصادية ضخمة مرتبطة باستيراد السيارات المستعملة من أوروبا أو الولايات المتحدة”.. غير أن المغرب، وسط هذه المنافسة القوية، والتطور الحاصل في صناعة السيارات الإفريقية، قد أنار اليوم الطريق لإفريقيا، و على البلدان الإفريقية الأخرى أيضا أن تحذو حذوه في هذه الصناعة”.


الكاتب : المهدي المقدمي عن : "tfiglobalnews.com"

  

بتاريخ : 11/01/2023