قررت السلطات المغربية تعليق استيراد لحوم الدواجن ومنتجاتها من البرازيل، عقب تأكيد ظهور بؤر لأنفلونزا الطيور شديدة العدوى في عدد من الولايات البرازيلية، من بينها ريو غراندي دو سول وميناس جيرايس، التي تعد من أبرز المناطق المصدرة للدواجن نحو السوق الدولية. ويأتي القرار المغربي ضمن موجة من القيود الدولية، حيث علّقت 24 دولة من بينها الصين والمكسيك والاتحاد الأوروبي وارداتها كليا من الدواجن البرازيلية، بينما فرضت دول أخرى مثل السعودية وتركيا وروسيا قيودا جزئية على الاستيراد من بعض المناطق البرازيلية فقط.
ويمثل هذا التعليق خطوة احترازية لحماية الصحة الحيوانية وسلامة السلسلة الغذائية الوطنية، لا سيما في ظل الهشاشة التي يعرفها قطاع الدواجن بالمغرب، والتي سبق أن رصدها تقرير صادم صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، خلُص إلى أن نسبة كبيرة من لحوم الدجاج التي يستهلكها المغاربة لا تمر عبر قنوات مراقبة صحية رسمية.
فوفق رأي استشاري سابق للمجلس تحت عنوان “من أجل سياسة عمومية للسلامة الصحية للأغذية”, فإن 92 في المائة من لحوم الدجاج المنتجة في المغرب لا تخضع لأي شكل من أشكال المراقبة الصحية، حيث لا تمثل اللحوم المراقبة سوى 8 في المائة من أصل 570 ألف طن تم إنتاجها في سنة 2018. كما كشف التقرير أن 15 ألف محل يقوم بذبح الدجاج خارج أي إطار قانوني أو ترخيص صحي، مقابل 27 وحدة فقط مرخصة من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية “أونسا”.
المجلس نبه إلى أن هذه الوضعية لا تهدد فقط السلامة الصحية للمستهلكين، بل تمس أيضا بمبدأ تكافؤ الفرص بين الفاعلين الاقتصاديين، وتكرس اقتصادا غير مهيكل، قدر بعض الفاعلين أنه يساهم بأزيد من 20 في المائة من الناتج الداخلي الخام خارج القطاع الأولي، ويستحوذ على 68 في المائة من حجم التجارة، و19 في المائة من حجم الصناعة الغذائية، دون أن يخضع لأي نظام تتبع أو مراقبة.
وفي سياق متصل، أعلن مجلس المنافسة في مطلع العام الجاري عن فتح تحقيق رسمي بخصوص الممارسات التجارية التي تعرفها سوق الأعلاف المركبة، والتي تمثل حوالي 75 في المائة من تكلفة إنتاج دجاج اللحم. وأوضح المجلس في بلاغ رسمي، أن هذا التحقيق يأتي بناء على اقتراح من المقرر العام بالنيابة، ويرمي إلى التحقق من مدى احترام قواعد المنافسة، لا سيما في ظل المؤشرات التي تفيد بوجود تركيز عال في هذه السوق الحيوية، وتواطؤ محتمل بين الفاعلين في تسعير الأعلاف وتوزيعها.
وبين تعليق الواردات الخارجية بسبب المخاطر الصحية، واستمرار الاختلالات البنيوية داخل سلاسل الإنتاج والتوزيع الوطنية، يجد قطاع الدواجن نفسه اليوم أمام تحديات مزدوجة تمس بالسيادة الغذائية، وتقتضي من السلطات الحكومية الإسراع في تقوية آليات المراقبة، وتنظيم السوق، وإدماج القطاع غير المهيكل في دورة الاقتصاد الرسمي، حماية للمستهلك واستقرارا للسوق.
المغرب يعلّق استيراد دجاج البرازيل بعد تفشي أنفلونزا الطيور

الكاتب : عماد عادل
بتاريخ : 03/06/2025