المفوض السامي لحقوق الإنسان: العقاب الجماعي للمدنيين في فلسطين «جريمة حرب»

دوفيلبان: الحرب لن تحقق الأمن والسلام لـ»إسرائيل»

 

شدد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، على أن العقاب الجماعي الذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في فلسطين يرقى إلى مستوى «جريمة حرب».
وتواصل آلة الدمار والموت التابعة لجيش الاحتلال شن غارات عنيفة على مختلف مناطق قطاع غزة، ما أسفر عن عشرات المجازر بحق المدنيين خلال اليومين الماضيين بحسب وزارة الصحة في غزة.
وقال المسؤول الأممي، عقب زيارته معبر رفح في مصر على الحدود مع غزة، إن قطاع غزة الذي يرزح تحت حصار منذ 16 عاما، كان يوصف قبل السابع من أكتوبر الماضي بأنه «أكبر سجن مفتوح في العالم».
وشدد تروك الذي يجري زيارة إلى الشرق الأوسط على وقع تصاعد وحشية عدوان الاحتلال الإسرائيلي، على أن «العقاب الجماعي الذي تمارسه ’إسرائيل’ على المدنيين في فلسطين يرقى إلى مستوى جريمة الحرب تماما مثل إجلائهم القسري غير القانوني».
وأكد المسؤول الذي توجه أمس الخميس إلى الأردن، أن «القصف الإسرائيلي المكثف على غزة يقتل ويشوه ويجرح بشكل خاص النساء والأطفال»، موضحا أن «ذلك يشكل عبئا لا يطاق على جميع المدنيين».
وأشار تروك إلى «ضرورة عمل المجتمع الدولي ليكون جزءا من الجهود الرامية إلى إيجاد مستقبل عادل ومنصف لشعبي فلسطين و’إسرائيل’»، بحسب تعبيره.
ووصل تروك إلى المنطقة، الثلاثاء الماضي، في زيارة تهدف إلى التواصل مع مسؤولين حكوميين ومن المجتمع المدني بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان وسط تصعيد الاحتلال الإسرائيلي عدوانه المتواصل على غزة.
ويشهد قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان الإسرائيلي وقطع الكهرباء والماء، فضلا عن النقص الحاد في المستلزمات الطبية وانهيار المنظومة الصحية نتيجة القصف المباشر للمستشفيات ونفاد الوقود.
يأتي ذلك في ظل تصاعد وحشية عدوان الاحتلال الإسرائيلي بعد تحريضه المتواصل على المستشفيات والمراكز الصحية، إضافة إلى رفضه وقف إطلاق النار، وسط نداءات تحذيرية من بدء العد التنازلي لنفاد الوقود في العديد من مشافي قطاع غزة.

لا يمكن للقوة ولا الانتقام أن يضمنا السلام والأمن

من جهته، قال رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دوفيلبان، إن «الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، فشلت في 7 أكتوبر، كما أنها أخفقت بشكل مضاعف في قدرتها على ضمان حماية الشعب الإسرائيلي من خلال فشل صد الهجوم حيث يتحمل نتنياهو المسؤولية المباشرة عن ما حدث».
وأضاف دوفيلبان خلال مقابلة تلفزيونية: «لقد شجع الفشل سياسة الاحتلال والاستعمار التي تستمر حتى هذه اللحظة في الضفة الغربية وتشكل تهديدا آخر لـ»إسرائيل» إذا تم فتح جبهة ثانية في الضفة الغربية».
وأكد أن «القوة لا تضمن أمن الشعب، وهذا ما يجب على جميع الإسرائيليين أن يفهموه اليوم، ونحن نرى اليوم أنه كان خيار حكومة نتنياهو منذ السابع من الشهر الماضي، هو تصعيد استخدام القوة، بينما لا يمكن للقوة ولا الانتقام أن يضمنا السلام والأمن»، مبينا أن العدالة هي الضامن الحقيقي للسلام والأمن، «والعدالة لا تتحقق اليوم».
وأوضح، أن «المنطق الذي تسوقه الحكومة الإسرائيلية وراء التفجيرات التي تحدث اليوم معيب، ويمكن للمجتمع الدولي برمته أن يرى ذلك.
وتابع، دوفيلبان الذي تولى أيضا منصب وزير الخارجية، أن «مبدأ الاحتلال هو: «نحن نستهدف الإرهابيين، وللأسف، هناك أيضاً سكان مدنيون’، وهو ما يسمى ملطفا باللغة العسكرية»الأضرار الجانبية»، ويجب أن يكون مفهوما أن هذا الضرر الجانبي ليس عرضيا، وهذا يعني أنه يمكن التنبؤ به ومقبول تماما».
وعندما تحدث المذيع المُحاور، بأن المسؤولية ليست على الاحتلال فقط، قال دوفيلبان: «دعونا نتوقف عن السؤال حول المسؤولية؛ فلننظر إلى حقيقة ما يحدث على الأرض، إسناد الخطأ، اسمحوا لي أن أقول لكم، سنترك ذلك للمؤرخين».
وأوضح، أن «ما نريده هو وقف هذا العنف، ووقف هذه المذابح. إن ’إسرائيل’ تعرض نفسها للخطر، اليوم بشكل أكبر، بهذا النوع من الحرب وهذا النوع من الضربات».
‏وأردف: «نحن نتعامل بشكل أساسي مع سياسة الانتقام التي تنتهجها حكومة نتنياهو. لـ’إسرائيل’ الحق في الدفاع عن النفس، لكن الدفاع عن النفس لا يعطي الحق العشوائي في قتل السكان المدنيين».
وبين أنه «عندما تستهدف سيارة إسعاف، يمكنك دائمًا أن تتخيل أن هناك إرهابيا في إحدى سيارات الإسعاف، أم لا، لكن النتيجة هي أن هناك أطفالا ونساء يموتون، كل طفل وكل امرأة تقتل، هذا يعني المزيد من المسلحين، ولذلك فإن هدف ’إسرائيل’، ما تحققه «إسرائيل»، هو عكس ما ترغب فيه تماما لذا، فإنه لا بد اليوم من تغيير هذا المنطق والعودة إلى الاستراتيجية السليمة».
وأكد، أن «بنيامين نتنياهو يشن حربا ليفعل كل شيء حتى لا يأتي الحل السياسي إلى الطاولة، ويجب على المجتمع الدولي وأوروبا والولايات المتحدة أن يقولوا لبنيامين نتنياهو إن هذه الحرب غير مقبولة، غير مقبولة لأنها تقودنا مباشرة إلى التصعيد، لأننا نرى ذلك جيدا، من «حماس» سننتقل إلى إيران، ومن إيران سننتقل إلى أهداف أخرى، ومن ثم ندخل في منطق صراع الحضارات».
و»عندما يقول نتنياهو إن هناك شعب النور ومن جهة أخرى هناك شعب الظلام، فيمكننا أن نرى نوع الدوامة التي ندخل فيها»، وفق دوفيلبان.
‏وأشار إلى أن «كل الحروب التي استمرت طوال العشرين عاما الماضية هي حروب تبدأ ولا تنتهي، هذه صراعات مجمدة، نحن نعرف كيف نبدأ الحرب، ولا نعرف كيف ننهيها».
وقال: «إذا تمكن نتنياهو من السيطرة على غزة، فلن يغير ذلك شيئا، ستستمر الهجمات، وسيستمر الإسرائيليون في العيش في خوف، يجب أن نخرج من هذا».
وتابع: «السبب الثاني وراء كون هذه حرب الأمس هو أن الحرب ضد الإرهاب لم يتم تحقيق النصر فيها في أي مكان، القوة ليست الحل مرة أخرى، والانتقام ليس هو الحل. الجواب هو العدالة، وهذا ما تطالب به جميع شعوب العالم، وكل من يشاهد اليوم ما يحدث».
‏واستدرك، بأن «الاتجاه الذي يجب أن نسير عليه اليوم هو منع نتنياهو من الاستمرار في منطقه الانتحاري الذي سيجعل «إسرائيل» دولة محاصرة، حيث يمكنهم أن يحاصروا غزة، لكنهم سيحاصرون».
وبين، أن «الغرب و»إسرائيل» لو يحظون ولو مرة أخرى بخطاب سلمي مع السعودية، ومع الدول العربية التي ستعمل على تطبيع الوضع. إن جراح التاريخ تستيقظ».
‏ولفت، إلى أن «مصلحة «إسرائيل» هي أن تكون هناك دولة مسؤولة إلى جانبها، وهذه الدولة المسؤولة، دعونا نتوقف عن التقسيم، يجب أن تكون بوضوح الضفة الغربية، كل الضفة الغربية، ويجب أن تكون غزة، مع إمكانية الوصول بين المنطقتين، والقدس الشرقية».
وأكد دوفيلبان أن «المشكلة، وجوهر تصعيد نتنياهو، هو أنه لا يريد ذلك، وسياسة الانفصال يجب أن تكون كريمة، أي أنه يجب أن يمنح الفلسطينيين دولة يمكنهم أن يعيشوا فيها، دولة قابلة للحياة، دولة حقيقية، يمكنها أن تبني نفسها وتكون في سلام أكبر».
‏هل يجب إزالة المستوطنات في الضفة الغربية؟
‏يقول دوفيلبان: «عندما غادرنا الجزائر، كان هناك مليون فرنسي غادروا الجزائر، اليوم هناك 500 ألف إسرائيلي يستعمرون الضفة الغربية، و200 ألف في القدس الشرقية».
‏وتابع: «يجب عليهم مغادرة الضفة الغربية، هذا هو التاريخ، تلك هي المسؤولية، هذا هو الثمن، أقول لكم بكل جدية هذا هو ثمن الأمن بالنسبة لإسرائيل! وكل أولئك الذين يعتبرون اليوم أن ذلك لن يكون كافيا أبدا، يتبعون أسوأ السياسات».

إعفاء الفلسطينيين من الترحيل

حث مئة نائب من الديمقراطيين، الرئيس الأمريكي جو بايدن، على إعفاء الفلسطينيين من الترحيل والسماح لهم بالبقاء في الولايات المتحدة، بالتزامن مع استمرار المعارك في غزة والعنف في الضفة الغربية.
وقاد السيناتور ديك دوربين، مجموعة من 100 ديمقراطي، في رسالة إلى بايدن، أول أمس الأربعاء، تدعوه إلى منح سكان الأراضي الفلسطينية التي تحتلها «إسرائيل» إعفاء من الترحيل وإمكانية الحصول على تصاريح عمل من خلال البرامج الأمريكية الخاصة بمن تأثرت أوطانهم بالصراعات أو الكوارث الطبيعية أو ظروف استثنائية أخرى.
وجاء في نص الرسالة: «في ضوء الصراع المسلح المستمر، لا ينبغي إجبار الفلسطينيين الموجودين بالفعل في الولايات المتحدة على العودة إلى الأراضي الفلسطينية، بما يتماشى مع التزام الرئيس بايدن المعلن بحماية المدنيين الفلسطينيين».
الإجراء يهدف إلى حماية الفلسطنيين الموجودين فقط في الولايات المتحدة «لأسباب إنسانية»، وليس أولئك المتواجدين في منطقة الحرب أو اللاجئين في بلدان أخرى.
وطالب المشرعون بايدن بـ»استخدام برنامج حالة الحماية المؤقتة أو برنامج المغادرة القسرية المؤجلة لتقديم هذا الدعم».
ومنح بايدن حالة الحماية المؤقتة لمئات الآلاف من الأشخاص منذ توليه منصبه في عام 2021، منهم مواطنون من فنزويلا وهايتي.
الرسالة الديمقراطية جاءت وسط دعوات مرشحين رئاسيين جمهوريين، بينهم ترامب، إلى تشديد قيود الهجرة على الفلسطينيين القادمين من القطاع.
وفي 4 نوفمبر الجاري، قدم النائب الجمهوري رايان زينكي و10 جمهوريين آخرين مشروع قانون لطرد الفلسطينيين من الولايات المتحدة لأسباب أمنية ومنع دخول من يحملون جوازات سفر صادرة عن السلطة الفلسطينية.
وهاجر الفلسطينيون إلى الولايات المتحدة نتيجة لحرب 1948م. وبدأت أكبر موجة من الهجرة الفلسطينية إلى الولايات المتحدة بعد حرب عام 1967م، واستمرت حتى وقتنا الحاضر، وبلغت ذروتها في عام 1980م.
وبحسب مركز المعلومات الفلسطيني «وفا»، فإن أصول 85 % من إجمالي مجموع الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية تعود إلى مدن وقرى الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما 15% تعود إلى يافا والناصرة وغيرها.
ويبلغ عدد أبناء الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية 250 ألفا، بحسب معلومات مدير عام دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية حسين عبد الخالق، في عام 2022.

40% من الأمريكيين: الرد الإسرائيلي مبالغ فيه

كشف استطلاع أجرته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، بالتعاون مع مركز «NORC‏‏»، أن الأمريكيين مقسومون حيال الرد الإسرائيلي على ما فعلته حماس في السابع من أكتوبر الماضي، حين اجتاحت مستوطنات الغلاف، وأوقعت مئات القتلى والأسرى. ويكشف الاستطلاع، الذي أجري في الفترة من 2 إلى 6 نوفمبر الجاري، أيضًا عن شكوك بين الديمقراطيين تجاه إسرائيل، الأمر الذي قد يمثل تحديًا للرئيس جو بايدن بينما يحاول الموازنة بين الدعم للدفاع عن البلاد والأولويات المتغيرة لحزبه.
وفي استطلاع للرأي أجري في شهر غشت الماضي، وصف 32% فقط من الأمريكيين إسرائيل بأنها حليف يشارك الولايات المتحدة في المصالح والقيم. لكن هذا الرقم ارتفع إلى 44% في الاستطلاع الأخير، الذي تم إجراؤه بعد هجمات 7 أكتوبر.
ومع ذلك، قال 36% فقط إنه من المهم للغاية أو جدًا تقديم المساعدة للجيش الإسرائيلي لمحاربة «حماس». وقال 40% من الأمريكيين إن الرد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة قد ذهب إلى أبعد من اللازم.
وهذا شعور أكثر شيوعًا بين الديمقراطيين، حيث يرى 58 % منهم أن الهجوم المضاد الإسرائيلي مبالغ فيه.
وما يقرب من ثلثي الأمريكيين 63% لا يوافقون على كيفية تعامل بايدن مع الصراع بين إسرائيل وحماس، بينما يوافق الثلث فقط.
ويلقي الأمريكيون اللوم في الصراع الحالي على «حماس»، التي تعتبرها الحكومة الأمريكية منظمة إرهابية. وقال ثلثا الأمريكيين تقريبا 66 % إن حماس تتحمل مسؤولية كبيرة عن الحرب، بينما قال 35 % الشيء ذاته عن إسرائيل.
ويقول 52% من الأمريكيين إنهم قلقون أو قلقون للغاية من أن الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس ستؤدي إلى زيادة التحيز ضد الشعب اليهودي في الولايات المتحدة. ويشارك حوالي 4 من كل 10 نفس القلق بشأن التحيز ضد المسلمين 43%.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 10/11/2023