المنتخب الوطني يختتم التصفيات بمواجهة الكونغو سعيا للحفاظ على سلسلة اللاهزيمة وتعزيز موقعه بين الكبار

يستعد المنتخب الوطني المغربي لخوض آخر لقاء له في التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى مونديال 2026، حين يستضيف منتخب الكونغو على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله بالعاصمة الرباط يوم غد الثلاثاء 14 أكتوبر. هذا اللقاء يأتي بعد فوز الأسود على البحرين في ودية أشركت منتخبا مكونا من عناصر مزيجة بين الخبرة والشباب، وهو اختبار كبير يخيم عليه الطابع الفني والرسالة المعنوية.
الناخب وليد الركراكي قرر فتح تدريبه أمام وسائل الإعلام يومه الاثنين، ابتداء من الساعة السابعة مساء، وتُمنح الوسائل المعتمدة أول ربع ساعة لتغطية الحصة، قبل أن يُغلق الباب أمام الكاميرات لاستكمال العمل الفني داخل الملعب. هذه الخطوة ليست فقط استعراضا شفّافا، بل إعلان عن أن المعركة القادمة ليست بروفة، بل خطوة احترافية في مسار بناء فريق يطمح إلى التميز في الاستحقاقات المقبلة.
في مواجهة المغرب مع البحرين، ظهر التوازن الدفاعي كعنوان بارز. تألّق بونو في الحراسة، واعتمدت دفاعية على رباعي ماسينا – اليميق – بلعمري ، مع أدوار مساندة من الجانبين. الهجمة الضاغطة المغربية سيطرت في أغلب فترات اللقاء، لكن تسجيل الهدف انتظر حتى اللحظات الأخيرة حين استغل اليميق كرة ثابتة بنجاح، ليحسم اللقاء بفوز بسييط لم يكن مقنعا .
لكن هذا الأداء كشف أيضًا عن بعض النقاط التي لا بد أن يهتم بها الركراكي وفريقه. الخط الأمامي افتقر إلى الفاعلية العالية في المراحل التنظيمية للهجوم، وظهر تردد في بعض الفترات في التمرير داخل مربع الخصم. التغيير بين الهجوم المنتظم والاعتماد على الكرات العرضية لم يُفعل دائما بالشكل المطلوب، مما قد يجعل المهمة أصعب أمام دفاع منظم مثل الكونغو.
وسط الملعب بدا «جدارًا مزدوجًا» من الاستقرار والتنظيم، حيث لعبت الأدوار الهجومية والمساندة دورها في الحفاظ على التوازن بين المحافظة على التقدم والهجوم المضاد. لكن المختبر الحقيقي سيظهر أمام الكونغو، التي قد تختبر قدرة المغرب على التنظيم في الدفاع، والتحولات السريعة في الهجوم.
من الناحية المعنوية، تُشكل مباراة الكونغو فرصة لاستعادة الانسجام وإعطاء إشارات واضحة للجماهير بأن الفريق لم يستكن بعد، بل يواصل التطلع إلى مزيد من التطوير. فبعد حسم التأهل مبكرا، فإن التحدي الحقيقي يكمن في المحافظة على الحافز، وعدم الانتكاس أمام خصم قد لا يكون في أفضل حالاته، لكنه يملك دوافع لإثبات الذات.
الكونغو، على جهة أخرى، قد لا تكون ضمن المنافسة حاليا، لكنها خصم منظم بدنيا، ولا يقل في الطموح عن أي فريق يواجه المغرب داخل القارة. الرباط ستكون ساحة اختبار حقيقي للهياكل الدفاعية، وللفاعلية الهجومية التي يجب أن تتجاوز مجرد العرضيات أو الكرات الثابتة.
وبالتالي فإن مواجهة الكونغو ليست مجرد مرحلة ختامية لتصفيات ناجحة، بل محطة لتأكيد الهوية والاستمرار في المسار.
الفرصة سانحة أمام الركراكي لأن يُظهر من خلالها أنه لا يترك التفاصيل الصغيرة، وأنه يراهن على جيل يوازن بين الخبرة والطموح. النصر أو الأداء الجيد سيكونان رسالتين: إلى المنافسين بأن المغرب ما زال مرجعية، وإلى الجمهور بأن المنتخب يعتني بكل زاوية فنّية، لا يُترك فيه شيء للصدفة.
وإلى جانب البعد التقني، يحمل لقاء الكونغو رهانا رمزيا لا يقل أهمية، يتمثل في سعي المنتخب الوطني إلى مواصلة سلسلة مبارياته دون هزيمة، التي تجاوزت عتبة الخمس عشرة مباراة متتالية، ليصبح ضمن أفضل المنتخبات استقرارا على الصعيد العالمي، إلى جانب إسبانيا التي تتصدر قائمة المنتخبات ذات السلسلات الإيجابية الأطول في الفترة الأخيرة. هذا المعطى الإحصائي، وإن كان ذا طابع رمزي، فإنه يعكس صلابة المنظومة الدفاعية والانضباط التكتيكي الذي ميز أداء الأسود منذ مونديال قطر، كما يجسد عقلية التنافس المستمر التي حرص وليد الركراكي على ترسيخها في المجموعة، مهما كانت طبيعة الخصم أو أهمية المباراة. فالاستمرارية في تحقيق النتائج الإيجابية تمنح المنتخب ثقة إضافية وتؤسس لثقافة الانتصار، وهي سمة الفرق الكبرى التي لا تكتفي بالتأهل بل تسعى إلى ترسيخ موقعها ضمن الصفوة الكروية.


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 13/10/2025