تحت شعار «المهنة الطبية أية مسؤولية» نظم المجلس الجهوي لهيئة الأطباء مكناس تافيلالت نهاية الأسبوع الذي ودعناه، ندوة علمية جمعت بين الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، والهيئة القضائية وهيئة المحامين، وتقديم كتاب « خصوصيات الخطأ الطبي « لمحمدين بوبكري.
وبعد حفل الافتتاح الذي تميز بكلمة ترحيبية لرئيس المجلس الجهوي محمد القدوري، وكلمات ممثلي الهيئات الأخرى، انطلقت فعاليات الندوة العلمية التي أدارها هاشم مرتجي بمداخلة ممثل الهيئة القضائية حميد بلمكي في موضوع «أنواع المسؤولية الطبية» تطرق فيها إلى المعيارين الشخصي والموضوعي في المسؤولية الطبية، واستفاض في أنواع الجرائم التي اعتبرها من أغلب المتابعات التي تطال الأطباء خلال مزاولتهم المهنية منها العمدية وغير العمدية، وجريمتي القتل الخطأ، والجرح الخطأ، مشيرا إلى أن عناصرها غالبا ما تكون إما عدم التبصر أو عدم الانتباه، قبل أن يعرج إلى المسؤولية الجنائية للطبيب، والمسؤولية المدنية بشقيها والمسؤولية التأديبية ومساطرها المتبعة من لدن هيئة الأطباء.
من جهته تناول الوكيل القضائي للمملكة محمد قصري موضوع «الخطأ الطبي»، حيث عدد أنواعه وصوره وإثباتاته، وانطلق في تعريفه له عند البابليين إبان حكم الملك الشهير حمورابي وصولا إلى ظهور الإسلام الذي أوصى بحرمة جسم الإنسان، مرورا بالحقبة اليونانية ثم عند الرومان، ليمر بعد ذلك إلى تحديد المسؤولية في الخطأ في التشخيص، والخطأ في العلاج، والخطأ الطبي بعدم متابعة حالة المريض خصوصا عند الطبيب الجراح، كما أشار إلى الأخطاء التي تقع أثناء العمليات الجراحية كحقن المريض بدم ملوث الذي يعتبر خطأ جسيما ولا يحتاج إلى إثبات. لكن أبرز ما شد انتباه الحاضرين في مداخلة محمد قصري هو استدلاله بمجموعة من الأحكام والاجتهادات الصادرة عن الهيئة القضائية والتي في غالب الأحيان حملت المسؤولية إلى المرفق بدل الطبيب.
أما نائب رئيس المحكمة الإدارية بمكناس ذ. المالكي فركز مداخلته على كتاب « خصوصيات الخطأ الطبي « معتبرا إياه إثراء للخزانة الوطنية بحكم موقع صاحبه كطبيب لكن أيضا كباحث في القانون على مستوى الدكتوراه ومناضل سياسي وحقوقي.
وبعد تدخلات الحضور في الموضوع وتفاعل المحاضرين معها أجمع الكل على أهمية هذا اللقاء، وتم تسجيل عدة توصيات تبناها رئيس الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء وتلاها في ختام الندوة ووعد بالعمل على تفعيلها وهي :
– المطالبة بدراسة المسؤولية الطبية في كليات الطب
– الحرص على التكوين المستمر للأطباء الممارسين
– استمرار الحوار بين هيئة الأطباء والهيئة القضائية وهيئة المحامين
– المطالبة بإعادة النظر في الفصلين 432 و 433
– تحضير مدونة الأخلاق الطبية وتلقيحها بقوانين جديدة
– خلق صندوق خاص بالتضامن مع الأطباء لأداء ما يسمى بالأخطاء الطبية
– الحرص على التأمين على المخاطر
– العمل بمقتضيات خاصة عند متابعة الأطباء
– خلق جمعية خاصة بالوقاية من المخاطر الطبية والقانونية
وفي تصريح حول سياق هذه الندوة وهدفها قال رئيس المجلس الجهوي لهيئة الأطباء والطبيبات مكناس تافيلالت محمد قدوري، «إن الهيئة ومن خلال متابعتها للقضايا المعروضة أمام القضاء تبين لها أن عددها في تصاعد مضطرد ما جعلها تفكر في يوم دراسي من شأنه تحسيس الأطباء بالمخاطر المحدقة بهم خلال ممارستهم اليومية، لتتزامن الفكرة مع إصدار محمدين بوبكري كتاب « خصوصيات الخطأ الطبي « فاغتنمناها فرصة لجمع الهيئات الثلاث في ندوة علمية وتواصلية من شأنها إماطة اللثام عن مجموعة من القضايا من خلال الإنصات لوجهات النظر المختلفة. كما تندرج أيضا ضمن التكوين المستمر. ومن خلال المداخلات القيمة للهيئات وتفاعل الطبيبات والأطباء معها بطرح مجموعة من القضايا التي تؤرقهم، تبلورت عدة أفكار وتوصيات تلاها رئيس الهيئة الوطنية ووعد بالعمل على تفعليها مع المتدخلين في المجال».
وفي تصريح خاص للجريدة وصف بلمكي، نائب رئيس المحكمة الابتدائية بمكناس، الندوة بالمتميزة، لأنها جمعت ثلاث هيئات عاملة في موضوع « المسؤولية الطبية» الهيئة القضائية وهيئة الأطباء وهيئة المحاماة.
وقال إن» مشاركتي ممثلا للهيئة القضائية تحدثت فيها عن أنواع المسؤولية الطبية وفصلت فيها بشكل مقتضب هذه الأنواع منها المسؤولية الجنائية للطبيب والمسؤولية المدنية بشقيها « المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقلية وأوجه الاختلاف في ما بينهما، كما تطرقت إلى المسؤولية التأديبية والمسطرة المتبعة في حق الأطباء في حالة صدور مخالفات عنهم».
وأضاف»يمكن القول إننا استمعنا لبعضنا البعض واستفدنا كثيرا من خلال مداخلات الأقطاب الثلاثة وتدخلات الحضور التي أغنت بدورها النقاش الذي كان متميزا، وما تلاها من توصيات أهمها الحفاظ على هذا التواصل بين الهيئات وفتح قنوات الحوار في سبيل رفع أداء الأطباء وحمايتهم لتأدية واجباتهم على أحسن وجه، كما تم التركيز ضمن التوصيات على ضرورة التكوين الأساسي للأطباء في مجال المسؤولية الطبية في كلية الطب والتكوين المستمر بالنسبة للممارسين في هذا المجال ليكونوا على علم بالأخطار المحدقة بالممارسة المهنية الطبية لتفاديها في المستقبل والتقليل من المخاطر وتبعاتها، إذ أن هناك مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها الأطباء بغير علم، ولو علموا العناصر والشروط والمقتضيات المتعلقة بالمسؤولية الطبية بجميع أنواعها لما وقعوا في مثل هذه الأخطاء. ونأخذ على سبيل المثال التأمين فهو إجباري بالنسبة للطبيب مثل باقي المهن كالمهندسين والموثقين».
«المهنة الطبية أية مسؤولية» شعار ندوة جمعت الأطباء والقضاة والمحامين بمكناس

الكاتب : مكتب مكناس: يوسف بلحوجي
بتاريخ : 22/01/2018