«المهندس» لسامر المجالي.. رواية الزمن الذي لم يمضِ بعد

عمّان «العُمانية»: تفتح رواية «المهندس» للروائي الأردني سامر حيدر المجالي مشهداً يطلُّ على مجمل التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها الشباب العربي منذ بداية العقد الثاني من القرن الحالي، وتقدّم ما يواجهون من هموم وما يعيشون من نجاحات وإخفاقات على الصعد المهنية والإنسانية كافة. تدور أحداث الرواية في عدة أماكن بالمنطقة العربية؛ بدءاً من مدينة عمّان التي وُلد فيها بطل الرواية «فراس» وعاش سنوات شبابه، قبل أن ينتقل للعمل في الخارج، ويسجل من هناك شهادته على العصر الذي عاشه بتجلياته المتعددة؛ لا سيما تلك المتعلقة بعالم المال والأعمال.
وجاءت الرواية الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن في 192 صفحة، ويُسجَّل لها إطلالتها الموضوعية على زمن ما زالت أحداثه ساخنة، ونقلها تفاصيل يومية يعيشها الشباب العربي في مختلف البقاع التي تظهر خلال الرواية، مع أخذها بعين الاعتبار التداخلات الجغرافية والزمنية في مسرح الأحداث. وتعود الرواية بالقارئ إلى عقدَي الثمانينات والتسعينات في الأردن كي تربط الحاضر بالماضي. وللغرض نفسه، تعرض مجموعة من سمات الحقبة الناصرية، وتطوف بعهد الانفتاح في مصر، لتصب الرؤى جميعها في الأعوام 2010-2019 التي شهدت أهم مفاصل الرواية.
وتحرص الرواية كذلك على إبراز الثيمة الهندسية خلال أحداثها، فتقدم رؤى مكانية ذات طابع هندسي، وتتحدث عن سمات العمران في غير مدينة من المدن التي يرد ذكرها خلال السرد، وتستذكر معماريين أعلاماً تركوا بصماتهم في الحضارة الإنسانية، بل إنها تعمد إلى المزج بين الهندسة والحالات النفسية التي يمر بها بطل الرواية، موجدة علاقة فريدة من نوعها بين الجانبين.
وفي هذا السياق نقرأ في إحدى الصفحات: «الإنسان هو الكائن الوحيد الذي تنطبق فيه قوانين الروح على المادة، والمادة على الروح. روحي تعاني من حالة تشبه الإجهاد الفيزيائي. تعب ثم راحة، ثم تعب ثم راحة، ثم تعب ثم راحة، ثم خيبة فأمل، فخيبة فأمل، فخيبة فأمل، هذا هو الإجهاد بعينه، أو ما يسميه الخواجات(Fatigue) ، ونهايته دائماً انهيار كامل في المنظومة». كما نقرأ في فقرة أخرى: «يا إلهي، ما الذي يحدث! كيف يوجد الشيء في الوقت نفسه في مكانين؟! هذا لا يحدث أبداً إلا خارج حدود المنطق. انهارت الأبعاد وتفتت الزمن، صار العالم هلاميًّا ولم يعد للهندسة من وجود البتة.. ماذا يبقى منّا إذا اختفت الهندسة وفقدنا اليقين؟».
يذكر أن المجالي أصدر قبل هذه الرواية: «شياطين في حضرة الملكوت» (بحوث عرفانيَّة وفلسفيَّة)، «أكمام الحب والغضب» (نصوص)، «المؤابي» (رواية)، «مع الحياة نظرات في صفاتها وأسرارها» (فلسفة(


بتاريخ : 13/08/2024