تشهد أسواق اللحوم الحمراء بالمغرب وضعية كارثية، بعدما وصل الخصاص في قطعان الماشية المعدة للذبح إلى مستويات غير مسبوقة، ولم تعد المجازر الكبرى تستقبل ما يكفي من البهائم لتلبية الطلب وهو ما أشعل لهيب أسعار اللحوم التي وصلت إلى 130 درهما للكيلوغرام وتتجه بثبات نحو 150 درهما.
وفشلت الحكومة حتى الآن في احتواء هذا الوضع الخطير، ولم تفلح تدابير الوزارة الوصية في تأمين حاجيات الأسواق الوطنية، وهو ما أشعل غضب المهنيين الذين أطلقوا النار على الحكومة وسياستها الفاشلة وتدابيرها المرتبكة التي أوصلت القطاع الى حافة الهاوية.
وفي هذا السياق نددت “الفيدرالية المغربية للفاعلين بقطاع المواشي”، بالوضعية المزرية التي أصبح يعيشها قطاع اللحوم الحمراء بالمغرب، بسبب ندرة السلع من رؤوس للأغنام والأبقار المعدة للذبح والتسمين.
وسجلت الفيدرالية المهنية في بلاغ لها، غياب رؤية واضحة من قبل وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، للخروج من الأزمة التي يعيشها قطاع اللحوم الحمراء.
وعبرت الفيدرالية عن استيائها من تغييب وتهميش فئة واسعة من الفاعلين، من كسابة صغار ومتوسطين ومستوردين وتجار الجملة والتقسيط، من الحوار وإبداء الرأي من أجل إيجاد حلول لازمة.
وأكدت الهيئة المهنية عدم تقبلها إقدام الوزارة المعنية على تنزيل دفاتر تحملات جديدة بدون التشاور مع المستوردين الذين يعانون مع المصدرين بسببها.
ولوحت الهيئة بوضع برنامج عمل نضالي وتحسيسي وقانوني والتصدي بكل الطرق القانونية المشروعة لأي قرار يهدف إلى خدمة مصالح معينة، ويضرب مصالح الفاعلين الحقيقيين بالقطاع.
وعرفت سلسلة اللحوم الحمراء خلال السنوات الثلاث الأخيرة تدهورا خطيرا، بفعل توالي سنوات الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، وهو ما كانت له انعكاسات سلبية سواء على القطيع الوطني الذي تراجع بشكل كبير، مقارنة مع ما كان عليه قبل 10 سنوات، أو على تلبية الطلب الداخلي.
وقد عرفت سلسلة اللحوم الحمراء خلال السنوات الثلاث الأخيرة تدهورا مقلقا، بفعل توالي سنوات الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، وهو ما كانت له انعكاسات سلبية سواء على القطيع الوطني الذي تراجع بشكل كبير، مقارنة مع ما كان عليه قبل 10 سنوات، أو على تلبية الطلب الداخلي. وبعد أن كان المغرب سنة 2019 يؤمن 98 في المائة من حاجيات الاستهلاك الوطني، أصبحت الحكومة اليوم تعول بشكل كبير على الاستيراد لسد الخصاص المهول الذي أصبحت تعاني منه الأسواق الداخلية، وهو ما تسبب خلال العام الجاري في ارتفاع غير مسبوق لأسعار اللحوم الحمراء التي باتت تحلق فوق 100 درهم للكيلوغرام.
ولكبح جماح أسعار اللحوم الحمراء، استنجدت الحكومة بالمستوردين لملء الفراغ الذي خلفه تراجع الإنتاج الوطني، ولزيادة العرض الخاص باللحوم الحمراء في السوق الوطني، وهو ما جعل الاستيراد حاجة ملحة للحفاظ على أسعار الجملة في مستوى 75 درهما للكيلوغرام، علما بأن أي توقف لهذه العملية قد يعود بالأسعار إلى مافوق 100 درهم للكيلوغرام.
ويرى المهنيون أن الحكومة مطالبة بالانكباب على دعم الأعلاف مباشرة من المصنع، والقطع مع الأسلوب البيروقراطي المعتمد حاليا، والذي يتطلب مجموعة من الإجراءات الإدارية المعقدة مع السلطات المحلية للاستفادة في نهاية المطاف من بضعة أكياس من الشعير أو العلف المدعم،
ولمجابهة هذه الإشكالية، عمدت الحكومة خلال العام الماضي إلى توقيع عقد البرنامج الخاص بسلسلة اللحوم، في إطار استراتيجية الجيل الأخضر، وتصل التكلفة الاجمالية لتنزيل مضامين هذا العقد ل 2021 ـ 2030، حوالي 14.45 مليار درهم، منها 6.7 ملايير درهم كمساهمة من المهنيين، و7.75 مليار درهم كمساهمة من الدولة.
ويهدف العقد البرنامج الموقع بين الدولة والفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، إلى رفع الإنتاج وبلوغ 850 ألف طن من اللحوم الحمراء في أفق 2030. علما بأن هذا الهدف كان محددا في مخطط المغرب الأخضر في حدود 612 ألف طن حيث تم بلوغ إنتاج بـ 606 ألف طن، سنة 2019 قبل أن يتراجع إلى ما دون 600 ألف طن في 2020 (بسبب كورونا والجفاف) قبل أن يتقهقر الإنتاج حاليا إلى ما دون 500 ألف طن.
من جهة أخرى يتوخى عقد برنامج سلسلة اللحوم الحمراء، تحسين أوزان الذبائح من 245 كيلوغرام سنة 2019 إلى 270 كيلوغرام في أفق 2030 بالنسبة للأبقار، ومن 16 كيلوغرام سنة 2020 إلى 20 كيلوغرام في أفق 2030 بالنسبة للأغنام. هذا بالإضافة إلى تحسين شروط الذبح من خلال تراخيص الاعتماد لـ 120 مجزرة في أفق 2030 عوض 6 مجازر معتمدة في سنة 2020.