الموسيقار عبدالواحد التطواني سيرة فنان وإنسان (13) : الجنرال الحريزي مخاطبا الغرباوي والتطواني: «سيدي باغي يسمع أغنية أول همسة»

الفنان الكبير عبد الواحد التطواني، واسمه الحقيقي عبد الواحد كريكش، كان أول فنان مغربي يفتتح البث التلفزي للإذاعة والتلفزة المغربية سنة 1962 بأغنية،» علاش ياغزالي» مع الفنانة الحاجة الحمداوية .
بحكم دراسته للموسيقى وموهبته المبكرة، وسطوع نجمه في سماء الفن المغربي، التحق سنة 1963 بجوق إذاعة طنجة مع الراحل عبد القادر الراشدي، لينتقل إلى جوقي فاس ومكناس الجهويين، وفي 3 مارس 1968 التحق كمطرب بالجوق الملكي بأمر من المغفور له الحسن الثاني، وكان من بين من حضروا وعايشوا أحداث محاولة الانقلاب الفاشل سنة 1971 بالصخيرات.
غنى من ألحان كبار المبدعين المغاربة، كما غنى من ألحانه كبار نجوم الأغنية المغربية، وراكم العشرات من الأعمال الإبداعية طيلة مسيرته الفنية.
تعددت مواهب الموسيقار عبد الواحد التطواني، لتتخطى الغناء والتلحين والزجل والتشكيل، وتمتد إلى التمثيل، حيث شارك في العديد من المسرحيات وحاز على العديد من الجوائز التقديرية ووسام الاستحقاق الوطني.
الفنان القدير عبد الواحد التطواني يعتبر أول من غنى في أوبيريت في تاريخ الفن المغربي بعنوان ‘‘ بناة الوطن ‘‘، كتبها أحمد الطيب العلج وأخرجها فريد بنمبارك، وكانت من ألحان العربي الكوكبي ومحمد بن عبد السلام، ومن بطولة عبد الواحد التطواني وأحمد الطيب العلج ومحمد حسن الجندي وعزيز موهوب وبهيجة إدريس وإسماعيل أحمد ومحمد الإدريسي وقدمت للتلفزيون سنة 1967.
اشتغل، كما تقول سيرته الفنية، إلى جانب الفنان الأسطورة سليم الهلالي، حيث شكلت هذه التجربة إضافة إلى مسيرته المليئة بالعطاءات، ويعد أحد الرواد المتميزين في الموسيقى المغربية، لذلك لقب بـ «كنار المغرب الأقصى» و»مطرب الملوك».
في هذا اللقاء مع جريدة الاتحاد الاشتراكي، نسترجع مع سي عبد الواحد التطواني مسيرة هذا الرجل الفنان والإنسان.

 

الصداقة التي ربطت عبد الواحد التطواني بأحمد الغرباوي صداقة متينة، لذا من المستحيل أن تتأثر سلبا بأي مشكل مهما صغر أو عظم شأنه، ويكفي هنا أن نستدل بواقعة الأغنية الخالدة”ملهمتي ” لأحمد الغرباوي، حيث كان من المفروض أن يؤديها عبد الواحد التطواني، فبعد التمارين المتواصلة، سافر عبد الواحد التطواني إلى مدينة مراكش للمشاركة في حفل خاص، وترك الراحل الغرباوي ينتظره مع الجوق الوطني، لذا قرر أن يؤديها بنفسه، ولاقت نجاحا منقطع النظير، ورغم ماحدث، فإن هذه الواقعة لم تفسد للود قضية، وفي مهرجان الرباط 2004 قام التطواني بأدائها إلى جانبه، وغناها أيضا على قناة دوزيم في حفل تكريمه.
ذكريات جمة امتدت لفترة طويلة، يتذكرها الفنان عبد الواحد التطواني ويقول:
“في إحدى المرات كنا في ما نطلق عليه نحن المغاربة ” النزاهة ” على ضفة نهر أبي رقراق مع مجموعة من الأصدقاء منهم محمد بنخرابة وليوني المغربي وعبد الحفيظ دينية وغيرهم من الأصدقاء، كانت زوارقنا تسير في اتجاه مقهى يسمى ” الروبنسون ” وكان الراحل يغني بصوته الجميل والقوي إحدى أغاني فريد الأطرش، وكل منا يعزف معه بآلته الموسيقية، وكنا نحمل معنا في الزوراق مالذ وطاب من طعام وشراب”.
ويضيف الفنان القدير عبد الواحد التطواني:
“حين اقتربنا من ما يسمى الآن “أوطيل دوليز” حيث كنا ما زلنا في حالة من النغم، رأينا أحد الأشخاص بالزي العسكري يشير إلينا بالاقتراب من المقهى، في ما بعد عرفنا أنه الجنرال الحريزي، الذي كان في ذلك الوقت لايزال برتبة قبطان ،قمنا بالاقتراب منه فبادرنا قائلا ” سيدي باغي يسمع أغنية أول همسة”، وكان الراحل الكبير أحمد الغرباوي معروف بأداء هذه الأغنية بطريقة جد رائعة ،وحينما انتهينا من أداء الأغنية، اقترب منا القبطان/ الجنرال الحريزي، ومد إلى أحمد الغرباوي، رحمهم الله جميعا، ظرفا ماليا، وقد كان المبلغ في ذلك الزمان كبيرا يفوق مدخول أربع أو خمس حفلات، كان رحمه الله أيضا صاحب نكتة وفكاهة، وظل متماسكا ومتمسكا بعزيمته حتى آخر يوم من حياته، وكان فخورا أنه يتمتع بالرعاية السامية بالمستشفى العسكري بمدينة الرباط، لقد كان، رحمه الله، صديقا وأخا لم تلده لي أمي، ومثالا في حب الخير للجميع”.

 


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 16/04/2022