من يتستر على تجار البشر بجهة بني ملال خنيفرة؟
حملنا أسئلتنا القلقة في موضوع الهجرة السرية عبر ليبيا نحو الموت في البحر أو العبور إلى الضفة الأخرى، وحططنا الرحال بجهة بني ملال خنيفرة وتحديدا إقليم الفقيه بن صالح،.
لم تكن البداية من هذا الإقليم بداية مجانية أو رحلة غير محسوبة ، بل هي بداية مع سبق الإصرار والترصد عندما ارتفعت أصوات من داخل اسر الضحايا تشير بأصابع الاتهام إلى مافيات جد منظمة تسهر على تنقيل البشر بشكل محكم ودقيق بين المغرب وليبيا، عبر نقط محددة أولها مطار محمد الخامس صوب مطار قرطاج بتونس، ثم خط تونس طرابلس، وبالضبط مطار «معيتيقة» عبر شركة البراق، التي قالت مصادرنا أ، موظفة بنفس الشركة تنتظر القادمين من المغرب بأسماء محددة على رسالة تصلها عبر الوتساب، لإتخاذ الإجراءات اللازمة في توجيه هؤلاء إلى نقطة الهدف. كما تحدثت لنا مصادر عليمة ومتتبعة عن تنقيل البشر برا عبر الجزائر، بمرور تهريبي، ستؤكد مصادرنا انه منظم جدا بين الحدود المغلقة رسميا ،المفتوحة بشكل غير رسمي في وجه كافة المهربين من وإلى المغرب والجزائر.
وهي الأسئلة التي بحثنا في أجوبتها من خلال كافة المجهودات التي قام بها المغرب، في إعادة عدد هام من أبنائنا إلى حضن عائلاتهم بعدما سهرت الدولة المغربية في البحث عن كافة السبل للتعامل في هذا الملف، مع دولة أغرقها الربيع العربي في متاهة الفوضى» اللاخلاقة» المنتجة للإجرام بتلاوينه المختلفة، وبقيادة أكثر من 1700 مليشية، تمتلك السلاح وتحكم ليبيا بقوة الإرهاب وقانون الغاب وغياب الدولة .
كما هي الأسئلة التي حملناها في البدء إلى جماعة «البرادية « بإقليم الفقيه بنصالح، عندما أخبرتنا مصادرنا إن العائدون من ليبيا يملكون حقائق حول تهريب البشر وتحديدا بدوار اولاد علي الواد، وأولاد عبد الله .
دخلنا الدوار ليلا كانت الساعة تشير إلى الثامنة، لم يمنعنا الظلام الدامس، من مواصلة السير بسيارتي الخاصة، سألت مرافقاتي من المجتمع المدني التنموي والحقوقي واللواتي يملكن خرائط هذا الدوا، بفعل التضامن ومساعدة النساء في الولوج إلى سوق الشغل الموسمي، عن هذا المجال وعن ساكنته، ففوجئت كون هذا الدوار الحامل لإسرار كثيرة في طرق تدبير الهجرة السرية إلى مختلف نقط العبور، تبلغ نسمة ساكنته حوالي عشرة ألاف، من معدل تسعة وثلاثين ألف من ساكنة جماعة البرادية ، وأن هذا الدوار الذي يتوفر على هذا الحجم من الساكنة يفتقد مجاله إلى شروط التنمية في كافة المجالات .
أخذتنا مرافقتنا، إلى سيدة أخرى بالدوار اتضح لنا بعد لقائها،والحديث إليها، أنها قادرة على توصيلنا، حيث يتجمع الضحايا من الشباب، و الذين فكروا يوما أن فوضى ليبيا باستطاعتها إيصالهم إلى الضفة الأخرى بإيطاليا أو ألمانيا ، والذين أكدوا لنا في حوارات نملك تسجيلاتها،أنهم ذهبوا إلى ليبيا عبر مافيا يقودها من المغرب مواطن مغربي اسمه «الجيلالي» من دوار أولاد عبد الله كما يقودها من ليبيا شاب يطلق عليه اسم الحاج مقيم بطرابلس.
جلسنا في فضاء منزوي خلف مقهى في طريق محاذية للدوار، مع الشباب العائد من جحيم ليبيا .
كان هؤلاء يتنفسون الصعداء وهم يتحدثون عن جحيم «سجن السكة» بزوارة غرب ليبيا كما يتحدثون بألم كبير عن رزقهم ورزق عائلاتهم المتواضعة الذي أخذه الحراك الموجود بيته في الجوار، والذي اختفى عن الأنظار بعدما أخذ حوالي مائة وسبعين مليون سنيتم وسهر بالمقابل على نقل هؤلاء الشباب من جهة بني ملال خنيفرة نحو مطار محمد الخامس بعدما أدوا زيادة عن المبلغ المرصود وقدره ألفين وخمس مائة يورو، المقسم بين المافيا العاملة بين خط المغرب ليبيا .إنه وضع جد معقد ، ومتداخل ويدور في فلك العمل السري المنظم وهو ما سنعمل على ذكر ما توصلنا بتفاصيله في هذا التحقيق.
حكى لنا مروان ويوسف وخالد عن الأساليب المتبعة في خط المغرب ليبيا وعن الحراك وبيته وأسرته ومجال تحركه،وتحويله للعملة من الدرهم إلى اليورو وحمل هذه العملة إلى الحراك الليبي المستلم لأفواج البشر في طرابلس وزوارة ومصراتة وصبراتة ،عبر مطار محمد الخامس أو عبر حدود مع الجزائر بما للجارة الجزائر من دور عدائي اتجاه المغرب، ومن دور غامض في التنسيق على المستوى الإقليمي في ملف محاربة المتاجرة بالبشر والمخدرات على مستوى الاتحاد الإفريقي .
وهو القلق الذي حاولنا فيه إشراك الشباب العائد من جحيم سجون ليبيا الرسمية او احتجازات الميلشيات الناشطة جدا في حزام طرابلس زوارة أو في الحدود مع تونس تلك التي صرح فيها علانية القائد السبسي، أن تونس لا تستطيع أن تتحمل كل هذه الأمواج من البشر، لهذا فهي تعمل على إرجاعهم إلى ليبيا أو تسريحهم في الحدود مع هذا البلد الذي أصبح يشكل منبع اللا استقرار في المحيط الإقليمي والجهوي.
كان الشباب الذي توجهنا لهم بهذا السؤال، حول دور السلطات، سؤال يؤرقهم ويعون أهميته وضرورته.
وهو السؤال الذي وجد مخارجه عند هؤلاء الشباب ، في أجوبة متقطعة بجرأة البعض وتحفظ البعض وصمت آخرين، لكنه سؤال أفضى إلى معرفتنا أن السلطات تقوم بعملها بناء على مساطر في البحث والتقصي الذي افضى إلى اعتقال البعض من تلك الشبكة المشتغلة في الاتجار بالبشر.
قال مروان بأسى كبير ، الحراك أخد أموالنا والسلطة تريد معطيات مادية في هذا لفتح هذا الملف …) وهي الجملة التي التقطناها على لسان آخرين ونملك تسجيلها ، والتي أكدت لنا أن هناك فسادا ينبغي التحقيق فيه السلطات الإقليمية والجهوية أن تعمل على مزيد من التحري في هذا الملف الخطير والشائك الذي هو محطة اشتغال وطني و إقليمي ودولي، وان تجارة البشر أصبحت عنوانا عريضا لكافة المنتديات الدولية والوطنية وان حقائق مريرة نقلت بالصوت والصورة لأبنائنا المغاربة والأفارقة في مشهد عبودي وابتزازي واللا إنساني فوق التراب الليبي، تحركت فيه دواليب أممية ومنظمات عالمية ونشرت فيه حقائق تؤكد أن الأمر يحتاج إلى تكاثف المجهودات، لمعالجة تمفصولاته الجزئية والعامة.
حملنا كافة تصريحات الضحايا إلى مصادرنا ،التي أكدت متابعتنا لربط الإتصالات بكافة المعنيين، أنهم على دراية بالملف، وهي المصادر التي أكدت لنا أن مختلف الأجهزة بالإقليم والجهة تعرف تفاصيل العمليات المشبوهة التي تقع في الإقليم والجهة، وهي تتبع مجرياتها، وتطوراتها، و هناك ملفات مفتوحة قانونية لمعاقبة الجناة، وان كل جهاز يحتفظ بمنظومته المعلوماتية ويضبط عن بعد المتحركين والمتحركات في هذا الصدد وعيا بالظاهرة واحتراما لمجريات المساطر في دولة الحق والقانون، كما أكد لنا مصادرنا الموثوقة، أن منسقي الإقليم والجهة، فتحا تحقيقات في النازلة وان هناك اعتقالات بالفعل بدأت ، وأن آخرين من «الحراكة» المؤكد أنهم يعملون ضمن شبكة منظمة، جار البحث عنهم، كما أكدت مصادرنا آن بعض»الحراكة» توقفوا عن نشاطهم التهريبي للبشر وبدأو يتحسسون رؤوسهم عندما بدأ العائدون من جحيم ليبيا يشيرون إليهم بالأصبع، مطالبين بإعادة رزقهم ورزق أمهاتهم وأبائهم كأبسط حق لما تعرضوا له من ظلم وجور كبيرين .
وفور علمهم بوجودنا بالإقليم، اتصلت بنا أمهات الضحايا عن طريق أحد مناضلينا بالجهة،و الذين حجوا إلى مقرنا بالفقيه بنصالح، حاملنا لائحة بأسماء الشباب والشابات اللواتي هاجروا إلى ليبيا طمعا في الوصول إلى الضفة الأخرى قبل أن يسقطوا في أيدي البحرية الليبية المحسوبة على حكومة طرابلس. ضمت اللائحة المقدمة لنا أسماء محددة بالغة من العمر بين 22 و30 سنة. كان خطاب واحد يوحد هؤلاء النساء ورجل أب لضحية رافقهم، قالوا لنا «نريد من الحكومة أن تعيد لنا أبناءنا من سجون ليبيا»، سألتهم متى ذهب أبناؤكم إلى هناك ، قالوا أن رحلتهم كانت بعد إقدام المغرب على استرجاع الفثلاث أفواج عبر تونس في عمليات تطلبت مجهودا كبيرا من الدولة المغربية، لكن أبناءنا لم يستشيروننا ، وكنا آخر من يعلم بذهابهم إلى ليبيا» سألتهم مكررة جملي كي أنتزع منهم حقائق عن مهربي البشر من المنطقة، لكن فوجئت أن العائلات كانت خائفة من ذكر اسمائهم، تحسبا لأي خطر بإمكانه أن يطال الضحايا في سجون ليبيا، وخوفا على حياتهم كرر هؤلاء جملة واحدة، أنهم يريدون من الحكومة المغربية تسريع المساطر من أجل رجوع الضحايا إلى وطنهم، مؤكدين أن صورا وصلتهم من سجن السكة تؤكد وجود أبنائهم هناك.
وأمام هذا الخطاب الذي امتزج بدموع النساء ولاستعطافاتهن أخذنا لائحة بأسماء هؤلاء الشابات والشباب، والتي تؤكد أن عمليات الهجرة السرية مازالت متواصلة ، وأن نشاط المهربين أصبح يتوخى الحذر في مجمل عمليات التهريب التي تبتدع أساليب أخرى أكثر سرية ، لكن نشاطها متواصل في نقط معينة تجد فيها مبتغاها من أجل حصد مزيد من الراغبين في الهجرة سرا إلى الضفة الأخرى عبر ليبيا خاصة وعبر نقط أخرى جديدة كمدينة طنطان وطرفاية وبوجدور. وقبل أن نودع هؤلاء النساء اللذين ذهب أباؤهم مؤخرا أن التغيير الحقيقي يأتي من الأسر أولا والتي ينبغي أن لا تساعد أبناءها على هذا التهور الكبير في اللعب بأرواحهم والدفع بهم إلى الموت في البحر، وأن المسؤولية تقع على عاتقهم كذلك، وأن ابناؤهم اللذين يطالبون بالعودة بتدخل المغرب من أجل استراجعهم من سجن السكة بطرابلس، كان من الممكن جدا أن يكونوا في حفر مائية أو ترابية مجهولة . ويذكر في هذا الصدد أن طائرتان للخطوط الأفريقية قد وصلتا للمغرب و على متنهما مجموعتين من المهاجرين غير الشرعيين من الجنسية المغربية من نزلاء مقر جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية فرع طرابلس بطريق السكة عبر مطار معيتيقة الدولي جوا إلى مطار محمد الخامس خلال غشت الماضي ،و وجدوا في استقبالهم عائلاتهم ، وعبروا عن فرحتهم وسعادتهم بعودتهم لأرض الوطن هاتفين بحياة الملك الذي تدخل في قضيتهم ، كما شكروا كل من ساهم في مساعدتهم عبر الاعلام . كما نوه بنفس التاريخ جهاز الهجرة غير الشرعية الليبي بالسلطات المغربية التي قامت بتوفير طائرتين لنقل المغاربة من ليبيا بعد أن تقطعت بهم السبل و نهاية الحلم في الهجرة إلى الفردوس الأوروبي ، وكان من أغلبية هؤلاء العائدين، المنحدرون من أقاليم جهة بني ملال خنيفرة، لاسيما الفقيه بن صالح و القصيبة وبني ملال و تادلة
سألنا خبراء من المنطقة عن الظاهرة فسمعنا منهم أن ظاهرة الهجرة السرية أو «الحريك» أو الهجرة في سياق القنوات اللاقانونية تجد تفسيرها في السياق العام الذي خلقته العولمة المشئومة التي فتحت الحدود للبضائع وأغلقتها في وجه الأشخاص،ودفعت بالمسار الهجروي في اتجاه دون منافذ: الباب المسدود، الشيء الذي دفع بحاملي مشروع الهجرة إلى الارتماء في أحضان شبكات تهريب البشر.
أكد هؤلاء أن جهة بني ملال_ خنيفرة، بشكل عام وإقليم الفقيه بن صالح على وجه التخصيص لا يشدان عن هذه القاعدة، فالمد اشر والدواوير والمراكز القروية والحضرية للجهة والإقليم تنام وتستيقظ على حكايات مأساوية لأسر اكتوت بنار فاجعة اختفاء، اختطاف وموت أبنائها تحث طائلة التغرير، النصب والاحتيال ببيعها وهم إلحاق أفرادها بالضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.
وشدد محاورونا واللذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم أن قليلا من الالتفات، إلى هذا الواقع المرير، يجعل أذاننا تلتقط، مباشرة، أنين اسر الضحايا الذي ارتفع ليصم الأذان وليطرح الأسئلة المحرجة حول آفة الهجرة السرية ومخلفاتها السيئة والمضاعفات الخطيرة التي تقع مباشرة على كاهل اسر الضحايا: موتى، مفقودين ورهائن الاعتقال والأسر بليبيا.
وأكد محاورونا أن تدبير الهجرة بدون مقاربة اجتماعية يولد الكارثة ،فظاهرة الهجرة أو يايسمى ب»الحريك» تشكل المعضلة التي لم يوجد لها حل ، رغم تبدل ظروف نشأتها ، وتحول المجتمعات المستوردة الى رافضة وغير قادرة على استعاب المزيد .
وأشار هؤلاء أنه برغم المأسي و الألام التي تخلفها من جراء الاستغلال اللانساني من قبل مافيات التي تنشط في مجال الاتجارالبشر ، فإن الرغبة في الهجرة و مغادرة الوطن للبحث عن لقمة العيش في ازداد ملحوظ ، مما يجعلك لا تفهم ماذا يريد شبابنا اليوم ، الذي يغامر بنفسه و لا يبالي بما سيحدث له ، وما يعانيه والديه من ابتزاز مافيات التهريب.
وأضاف محاورونا أن الظاهرة تحتاج إلى تحليل عميق ، وهي مرتبطة بالعوامل التالية : العامل الأول : يمكن تجسيده في الحلم الذي تموقع في أذهان الشباب ، والكامن في الذهاب إلى الجنة الأوربية، الموفرة للامكانيات التي نظرهم لا يمكن توفيرها في بلدهم ، و التواجد في بيئة لا توجد فيها رقابة عائلية، تسمح بالحرية الشخصية ، والعيش في مجمتمع يعترونه متحضر وراق .
العامل الثاني : نشوء ثقافة الغربة المحققة للعيش الكريم مند الثمانيات ، حيث لعب لجوء الكثير من شباب الأسر الفقيرة الى الخارج قصد العمل ، دورا هاما في تحسين دخل عائلاتهم ، وتحول جزء كبير منهم إلى صف البورجوازيات، وقد ظهر ذلك جليا من خلال سكنهم(فيلات راقية) والسيارات الفاخرة التي يمتطيها اولادهم وبناتهم ، والضيعات الفلاحية الشاسعة التي اصبح يملكها بعض العائدين من المهجر ، مما أثر على عقلية الشباب و جعل الكثير منهم يفكرون مند الصغر في الهجرة ، واعتبارها الحل الأوحد في ظل الانسداد ، وفقدان الأمل في بدائل أخرى توفرها الدولة أو القطاع الخاص .
العامل الثالث : ترك الظاهرة دون مصاحبة و مقاربة لتفكيكها،واختزالها في دور المورد الجالب للعملة الصعبة ، والمخفض لنسبة البطالة. وأشار المتتبعون ممن سألناهم عن قرب، أن هذه العوامل مجتمعة ساهمت بشكل مباشر في استمرار الظاهرة و استفحالها، رغم الظروف الصعبة (الاختطاف، الاختفاء ، القتل، الغرق في البحر ، الابتزاز …) ، و تبقى لحد الساعة مسببة للمآسي و الاحزان لآلاف الأسر المغربية ،الغارقة في البحث عن حلول لمشاكل الشغل لأبنائها المعطلين التائهين.
وقال آخرين أنه ما من شك أن ظاهرة الهجرة السرية من الظواهر المتفشية بالمغرب عامة، وجهة بني ملال خنيفرة خاصة ، وبإقليم الفقيه بن صالح أكثر تخصيصا، غير أن الملفت هو أن الأمر أضحى يتعلق بممارسة اقل مايمكن أن وصف به أنها سلوك إجرامي،لما تكون تجارة بأرواح شبابنا دون رادع يحد من هذا النزيف.
كما أكد لنا المتتبعون في المنطقة أن هذه الموجة لا تعود إلى وقت قصير، وإنما لها بديات تود إلى عقود خلت ، حينما أصبحت موضة جعلت طاقاتنا الشابة تحلم بالفردوس الأوروبي، ايطاليا، حتى أن تلامذة المؤسسات التعليمية ترسخت لديهم هذه الفكرة، سيما وهم يلاحظون التحول الذي طرأ على حياة المهاجر اجتماعيا ، معتقدين أن هذا هو الخيار والحل الذي سيخرجهم من معضلاتهم المادية والنفسية، في ظل واقع مأزوم يبدو فيه الأفق الغير المطمئن، بسبب الاختيارات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، غير المنتجة وغير الفعالة. تزداد الأمور قتامه ، حينما يصبح هؤلاء عرضة للاتجار من قبل شبكات منظمة لا تبالي بأرواح الناس، بقدر ما هي منشغلة بما ستجنيه من أموال على حساب الآسر الكادحة في غالب الأحيان.
وهكذا تطلع علينا مختلف وسائل الأعلام الوطنية والدولية بأخبار متواترة حول فقدان العديد من شبابنا لحياتهم غرقا بالبحر،أو تعرضا للاحتجاج من طرف عصابات متخصصة متسلحة تنشط في ما صار يعرف بدول»الربيع العربي»، الشيء الذي يزيد من معاناة اسر الضحايا ومآسيها». فلو وجد هؤلاء الشباب داخل بلدهم أيحفظ كرامتهم ويستجيب لحاجاتهم الضرورية ولحقوقهم الأساسية ، لما فكروا أصلا في مثل هذه المغامرات غير محسوبة العواقب.
وأضاف المتتبعون في المنطقة والذين يتابعون عن قرب ، أن الدولة المغربية لو انتهجت سياسات سليمة لما وصل الأمر إلى هذا الوضع. فالمغرب غني بموارده الطبيعية ، وأيضا بموارده البشرية مقارنة بكثير من الدول الأخرى التي استثمرت في الموارد البشرية باعتبارها مصدر الثروة كما هو حال سنغافورة واليابان وسواهما، مؤكدين أن العديد من المسئولين، والجهات المعنية بمثل هذه الملفات لا تستحضر خطورة الظاهرة على المجتمع برمت
وأضاف محاورونا أن المعضلة في الأصل هي الفساد الذي ينخر المجتمع في كافة الأصعدة، وفي شتى مناحي الحياة، الأمر الذي يعني أن ثروات البلد غير موزعة بشكل عادل على أبنائها؛ مما يستدعي تدخلات حازمة ومسئولة، كل من موقعه ، لإنقاذ ما يمكن انقاذه، ولوقف هذا النزيف الذي يشكل خطرا حقيقيا على حاضر ومستقبل المغرب.
وأثاروا انتباه الفاعلين، خاصة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الجادة إلى ضرورة تحمل مسؤولياتها، وذلك للعمل على التصدي للاختلالات، ومواجهة كافة ظواهر الفساد الظاهر والمستتر
وأجابنا هؤلاء الباحثين والمتتبعين عن قرب في سؤال وجهناه لهم عن تهجير ، على انه بقليل من الجهد والإرادة يمكن الحد من ذلك، او على الأقل التقليل من هذه المآسي، كما بالإمكان وضع اليد على العناصر التي تمارس هذا النشاط غير القانوني في ظرف وجيز.
موجهين الرسالة إلى من في مواقع المسؤولية باختلاف أنواعها ا، من أجل تكثيف المجهودات ضد هذه الآفة الخطيرة قبل أن تتفاقم الأمور أكثر ، وتتضاعف ماسي الأسر ، جراء ما تتعرض له فلذات كبدهم على يد هذه العصابات الإجرامي .
إلى ذلك كان مسؤولون ليبيون قد صرحوا أن بلادهم ضحية للهجرة غير النظامية وليست سببا فيها مؤكدين أن المدعي العام الليبي يحقق في «ادعاءات» الاتجار بالبشر واستغلال اللاجئين الأفارقة في تجارة الرقيق، بينما أُعلن عن اتفاق دولي لإجراء «عمليات إجلاء» للمهاجرين المتضررين من الأزمة.وندد المسؤولون بالحملة الإعلامية التي تتعلق بـ»ادعاءات» الاتجار بالبشر على الأراضي الليبية ،وأن ليبيا ضحية للهجرة غير الشرعية وليست سببا فيها، ودعا المجتمع الدولي إلى مناقشة أسباب الهجرة وحل جذورها في البلدان المصدرة لها، وأن الحكومة الليبية ملتزمة بمعاقبة من تثبت مسؤوليته عن أي خرق للقوانين الإنسانية المحلية والدولية. وصرح مسؤولون ليبيون لوسائل إعلام أن إقامة وإعداد برامج تنموية في دول المصدر كفيلة للحد من هذه الظاهرة بالدرجة الأولى. كما أن زعماء دول أوروبية وأفريقية بينها ليبيا إضافة إلى الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي قرروا قبلا عندما تناولت وسائل اعلام مشاهد غير إنسانية تعرض لها المهاجرون السريون الأفارقة على التراب الليبي إجراء «عمليات إجلاء « للمهاجرين الذين يشكلون ضحايا لعمليات الاتجار بالبشر في ليبيا..وهو القرار الذي نفذ بعضه في الوقت الذي مازالت الأزمة قائمة.