الهندسة المتقدمة و معايير FIFA في كأس إفريقيا 2025 .. لماذا لا تغرق ملاعب المغرب خلال النهائيات القارية؟

تحتضن بلادنا، في ذروة فصل الشتاء، نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي شهدت لحظات فارقة خصوصا على الصعيد التقني، لحظات قلبت موازين التحدي الذي رفعه المغرب بتجهيزه لملاعب عالمية ليس فقط من حيث الشكل والجمال بل أيضا من حيث كيفية التعامل مع الظروف المناخية الصعبة وقدرة أرضية هذه الملاعب على تصريف المياه المتهاطلة عليها وفق معايير تضعها الفيفا كأساس في البطولات الدولية.
برنامج الفيفا للجودة يؤكد أن أرضية الملاعب الكروية من العشب الطبيعي تعد من أهم عناصر الملعب، لارتباطها المباشر بسلامة اللاعبين وأدائهم الكروي، كما أنها تؤثر على جودة اللعب نفسها، وفي هذا الإطار وضعت الفيفا دليلا موحدا لإعداد واختبار الأرضيات العشبية الطبيعية، يُعرف بـ FIFA Natural Turf Guidelines، الذي يحدد أفضل الممارسات في تصميم الأرضيات وصيانتها من بداية التخطيط حتى الصيانة اليومية (اختيار نوع العشب المناسب حسب المناخ والتربة – تصميم طبقات تحت سطح العشب تدعم التصريف والتهوية – صيانة مستمرة لضمان ثبات الأرضية طوال مدة البطولة – أنظمة تصريف المياه التي تعد أحد أعمدة جودة الملاعب الحديثة).
دليل الفيفا يؤكد أن التعامل مع الماء داخل الأرضية هو أمر حاسم خصوصا إبان موسم الأمطار أو البطولات التي تُلعب في فصول غير مواتية، وذلك بتصميم شبكات تحت أرضية تتكون من طبقات رمل وحصى وأنابيب مثقبة تسمح بمرور المياه مع ضمان عدم تجمع مياه الأمطار على سطح الملعب حتى خلال الأمطار الغزيرة والقوية، مما يساعد على الحفاظ على أرضية الملعب وإبقائها صلبة ومتسقة، وهو ما يساهم في التقليل من مخاطر تعثر اللاعبين أو إصابتهم بسبب البرك المائية كما يحافظ على استمرار المباريات حتى في الظروف المناخية الصعبة.
فضلا عن نظام تصريف المياه يتطرق الدليل أيضا إلى التهوية تحت العشب (subsurface aeration)، وهي تقنية تُدخل الهواء في طبقات التربة تحت العشب لتعزيز نمو الجذور الصحية، وتقليل التكدس المائي ضمن التربة، مع زيادة مقاومة الأرضية للاستعمال المكثف والمناخ المتقلب.
هذه التقنية المتقدمة تجعل من أرضية الملاعب ذات قوة وقدرة على تحمل الضغط البدني والمباريات المتتابعة خلال البطولات، وهو ما يساهم في النجاح الفني والتقني في الملاعب الاحترافية مثل ما شهدته وتشهده كأس إفريقيا 2025 .
قبل انطلاق بطولة كأس إفريقيا بالمغرب خضعت الملاعب المغربية لتحديثات مهمة، لا تقل أهمية عن البُنى التحتية الأخرى، تمحورت حول تركيب أرضية عشبية هجينة تجمع بين العشب الطبيعي والألياف الصناعية لتحسين المتانة والتصريف مع تحسين شبكات الصرف تحت أرضية الملاعب، وذلك بهدف ضمان الاستجابة السريعة للأمطار، كما انصب الاهتمام على اختيار أنواع العشب الملائمة للمناخ المناخ المغربي وتعزيزها بعمليات صيانة مكثفة من قبل فرق مختصة.
ورغم تهاطل الأمطار الغزيرة التي عرفتها المباريات خصوصا مباراة الافتتاح بين المنتخبين المغربي وجزر القمر لم تظهر أي آثار لتلك المياه على أرضية الملعب الذي احتضن المباراة واستمرت المقابلة دون أن تتوقف دقيقة واحدة مما ترك انطباعا إيجابيا وانبهارا لدى الفرق واللاعبين وكل المتتبعين لهذا العرس الكروي، وأكد أن المغرب نجح في استثمار هذه التهيئة التقنية لملاعب كرة القدم وفق معايير الفيفا الدولية، واعترف المراقبون حول العالم أن الملاعب المغربية تفوقت في قدرتها على التعامل مع الظروف الصعبة مقارنة ببعض بطولات سابقة على المستوى الدولي، وتحدث تقرير لقناة فرانس 24 مثلا عن سبب صمود أرضية ملعب الرباط رغم الأمطار الغزيرة التي تزامنت مع افتتاح البطولة، موضحا أن جودة الأرضيات وأنظمة الصرف والصيانة المتقدمة في الملاعب المغربية كانت عاملا حاسما في ذلك، مراسلة القناة أشارت إلى أن الملاعب المغربية خصوصا تلك المستعملة في كأس أمم إفريقيا 2025 تمت تهيئتها بمعايير قوية تشمل نظم صرف متطورة وصيانة مكثفة لضمان جودة اللعب وعدم تأثر أرضية الملاعب بالأمطار .
أرضيات ملاعب كرة القدم المغربية، التي أثبت جاهزيتها للعب المتواصل، أكدت التزام المغرب بأعلى المعايير الدولية في تجهيز المنشآت الرياضية، مما جعله محل إشادة على الصعيدين الإفريقي والعالمي وعزز مكانته كوجهة موثوقة لاستضافة التظاهرات العالمية.


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 25/12/2025