الوساطة التركية لوقف إطلاق النار لقاء محتمل بين وزيري خارجية أوكرانيا وروسيا و«هدنة» مشكوك فيها

قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أمس الخميس، إنه من المحتمل أن يلتقي نظيريه الروسي سيرغي لافروف، والأوكراني دميترو كوليبا خلال أسبوعين لإجراء محادثات في تركيا، في حين تستمر المعارك بين الطرفين لليوم الـ37 منذ بدء الحرب.
وقال تشاووش أوغلو في مقابلة تلفزيونية: «قد يحصل اجتماع على مستوى أعلى، على الأقلّ على مستوى وزراء الخارجية، خلال أسبوع أو أسبوعين»، مشيرا إلى أن «من المستحيل تقديم موعد».
وأكّد رئيس الوفد الأوكراني المُفاوض دافيد أراخاميا، الأربعاء، لقنوات تلفزيونية، أن «المفاوضات مع البعثة الروسية ستُستأنف في الأول من أبريل عبر الإنترنت».
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الخميس، أنّه لا يصدّق التعهّدات التي أطلقتها روسيا بشأن تقليص عملياتها العسكرية في بلاده، مشيرا إلى أنّ قواته تتحضّر لخوض معارك جديدة في شرق البلاد.
وجاء إعلان الرئيس الأوكراني بعدما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنّ قواتها ستلتزم اعتبارا من صباح الخميس وقفا لإطلاق النار في ماريوبول، إفساحا في المجال أمام إجلاء المدنيين من المدينة الأوكرانية المحاصرة، ما اعتبرته نائبة رئيس الوزراء الأوكرانية «تلاعبا».
وقال زيلينسكي في رسالة مصوّرة: «نحن لا نصدّق أحدا، ولا حتّى عبارة جميلة واحدة»، مشيرا إلى أن القوات الروسية تعيد انتشارها لمهاجمة إقليم دونباس، الواقع في شرق البلاد.
وأضاف: «لن نتنازل عن أيّ شيء. سنقاتل من أجل كلّ شبر من أرضنا».
وتستعد كييف لإرسال 45 حافلة الخميس لإجلاء مدنيين من مدينة ماريوبول، حسبما قالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك في تسجيل مصوّر نشر على تلغرام.
وتعهّدت الثلاثاء الماضي، موسكو، التي تقول إنها تريد التركيز على إقليم دونباس، حيث تقع المنطقتان الانفصاليتان دونيتسك ولوغانسك، بـ»الحدّ بشكل جذري من نشاطها العسكري في اتجاه كييف وتشيرنيهيف» في شمال البلاد، بعد المفاوضات الروسية الأوكرانية في إسطنبول.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، مساء الأربعاء، في بيان لها، إنه على المدى المنظور، «نتوقّع أن يزداد إطلاق النار على الوحدات الأوكرانية»، مع اعتبار «مهمّة محاصرة مدينة تشيرنيهيف» هدفا.
ولفت المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر موتوزيانيك، الأربعاء، إلى أنه لاحظ خروج وحدات معينة من كييف وتشرنيهيف، لكن «لم يكن هناك انسحاب مكثف للقوات الروسية من هذه المناطق»، على عكس ما تعهّدت به موسكو قبل يوم.
وتواصل القوات الروسية في الشرق «محاصرتها لمدينة خاركيف وقصفها»، بحسب هيئة الأركان الأوكرانية التي قالت إنه «باتجاه دونيتسك، يحاول العدو السيطرة على بوباسنا وروبيجني والاستيلاء على ماريوبول» حيث يواصل الروس «تنفيذ هجماتهم».
وقال فاديم دينيسينكو، أحد مستشاري وزير الداخلية الأوكراني، عبر قنوات تلفزيونية أوكرانية إن «الروس بدأوا باستخدام مطار بريست (في بيلاروس) لقصف أراضينا».
وفي شرق أوكرانيا أيضا، استعاد الجيش الأوكراني السيطرة على طريق سريع استراتيجي يربط خاركيف بشوهويف.
وقال مسؤول في الاستخبارات الأوكرانية لوكالة «فرانس برس»: «هناك جثث روسية منتشرة في كل مكان»، مضيفًا «كان القتال صعبًا جدًا (…) واستمر قرابة ثلاثة أيام».
وغادرت القوات الروسية مدينة تروستيانتس بعد شهر من احتلالها.
عمليات الإجلاء
من ماريوبول

وتستعد كييف لإرسال 45 حافلة الخميس، لإجلاء مدنيين من مدينة ماريوبول المحاصرة، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن وقف محلي لإطلاق النار، بحسب نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك.
وقالت فيريشوك في تسجيل مصوّر نشر على تلغرام: «تم إبلاغنا الليلة من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن روسيا مستعدة لفتح إمكانية الوصول» إلى ممر إنساني من ماريوبول إلى زابوروجيا عبر ميناء برديانسك الخاضع للسيطرة الروسية. وأضافت «سنرسل 45 حافلة عبر هذا الممر».
وتوقّع البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية الخميس، بأن ينكمش الاقتصاد الروسي بـ10% العام الجاري ويتراجع إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني بنسبة تصل إلى 20% في ظل «أكبر صدمة في الإمدادات» منذ 50 عاما تتسبب بها الحرب.
وقبل الغزو الروسي، توقّع المصرف الذي يتّخذ من لندن مقرا، بأن ينمو إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني بـ3.5 في المئة هذا العام وبأن يحقق الاقتصاد الروسي تحسنا بنسبة ثلاثة في المئة.
وذكر المصرف أنه أول مؤسسة مالية دولية تحدّث توقعات النمو منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا الشهر الماضي.
وأفاد بأن التوقّعات الأخيرة قائمة على فرضية «أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غضون بضعة أشهر، ليعقبه بعد وقت قصير انطلاق جهود كبيرة لإعادة الإعمار في أوكرانيا».
وفي ظل سيناريو كهذا، يفترض بأن ينتعش إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني بنسبة 23 في المئة العام المقبل، بينما يتوقع ألّا تحقق روسيا الخاضعة لعقوبات أي نمو.
وتأسس البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية عام 1991 لمساعدة الدول السوفياتية سابقا على التحوّل إلى اقتصادات السوق الحر، لكنه وسّع نطاق نشاطه لاحقا ليشمل دولا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتوقع المصرف بأن تحقق منطقة استثماره، باستثناء روسيا وبيلاروس، نموا بنسبة 1.7 في المئة هذا العام، مقارنة بتوقعاته السابقة بأن تبلغ النسبة 4.2 في المئة في تشرين الثاني/ نوفمبر.
ويتوقع بأن يتسارع النمو لاحقا ليصل إلى خمسة في المئة عام 2023.
لكنه حذّر من أن هذه «التوقّعات خاضعة لضبابية عالية بشكل استثنائي، بما في ذلك مخاطر سلبية كبيرة في حال تصاعدت الأعمال العدائية أو فرضت قيود على صادرات الغاز وغيره من السلع الأساسية من روسيا».
وأضاف أن اقتصاد العالم يواجه «أكبر صدمة إمدادات منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي على أقل تقدير».
وأشار إلى أن «البنك يتوقع بأن يكون لازدياد تكاليف مواد أساسية مثل الغذاء والنفط والغاز والمعادن تأثيرا جوهريا على الاقتصادات، خصوصا في الدول ذات الدخل الأكثر انخفاضا».
ولفت المصرف إلى أن «روسيا وأوكرانيا تمدّان (العالم) بحصة كبيرة بشكل غير متناسب من السلع الأساسية التي تشمل القمح والذرة والأسمدة والتيتانيوم والنيكل».
وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جنيف أن خلال خمسة أسابيع من الحرب، أجبر أكثر من 4 ملايين شخص على الفرار من أوكرانيا. لم تشهد أوروبا مثل هذه الموجات من اللاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. واضطر أكثر من عشرة ملايين شخص، أي أكثر من ربع السكان، إلى مغادرة منازلهم.
صحف غربية تقرأ الوساطة التركية

نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية تقريرا بعنوان «العالم في انتظار الأخبار السارة بينما تستمر محادثات السلام الروسية الأوكرانية في تركيا»، تحدثت فيه عن المحادثات الصباحية الرسمية التي استضافتها تركيا بين المفاوضين الروس والأوكرانيين في قصر «دولما بهتشي» في إسطنبول والتجمع غير الرسمي في فندق شانغريلا المجاور بعد ظهر يوم الثلاثاء، التي وإن كانت صعبة إلا أنها تبشّر بنتائج أفضل من الجلسات السابقة.
وعلى الرغم من انتشار مزاعم بوجود مؤامرة تسميم، نفى النائب الأوكراني رستم أوميروف ذلك ودعا الناس إلى عدم الثقة في «معلومات لم يتم التحقق منها». ومن جهته، أعرب وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن أمله في أن يلتقي وزيرا الخارجية وربما لاحقا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وبوتين أيضًا.
وذكر موقع «المونيتور» الأمريكي في تقرير بعنوان «المحادثات الروسية الأوكرانية في تركيا تسفر عن هدنة دون اتفاق وقف إطلاق النار» أن محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول استؤنفت بعد توقف دام أسبوعين. وهذه المرة الثانية التي يلتقي فيها الطرفان في تركيا، التي سعت إلى وضع نفسها كوسيط نزيه في الصراع. وقد قررت موسكو تقليص النشاط العسكري بشكل أساسي في ضواحي كييف وتشيرنيهيف من أجل زيادة الثقة المتبادلة في المفاوضات المستقبلية للوصول إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا وتوقيعه.
وقال المفاوض الأوكراني ديفيد أراخامية إن «الفوز الأول» لأوكرانيا كان نقل المفاوضات من روسيا البيضاء – الحليف الوثيق لروسيا – إلى تركيا التي تعتبر نفسها في وضع فريد لتكون وسيطًا إن لم تكن بالفعل وسيطًا فعليا في الحرب، وذلك بصفتها قوة في البحر الأسود وعضوا في الناتو ولديها علاقات تجارية وأمنية مهمة مع روسيا وأوكرانيا على حد سواء.
رغم التفاؤل، يحذّر المراقبون من أن نهاية الصراع ليست مؤكدة. وفي كلتا الحالتين، ستكون تركيا في وضع يسمح لها بالفوز بجزء كبير من عقود إعادة الإعمار في حال حل السلام في أوكرانيا.
تحدّث موقع «يورو توبيكس» عن مفاوضات إسطنبول في تقرير بعنوان «ماذا ستربح تركيا كوسيط في حرب أوكرانيا؟»، مشيرا إلى أن تركيا لطالما كانت تمثّل خيارًا واضحًا لاستضافة المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا لاشتراكها في الحدود مع كلا البلدين.
وأضاف الموقع أن تركيا عضو في الناتو ودعمت خصوم روسيا في سوريا وناغورنو كاراباخ، لكن لديها أيضًا نزاعات متكررة مع الاتحاد الأوروبي بشأن الغاز وقبرص واللاجئين، وبالتالي فإن دورها كوسيط سيكسبها نفوذا إضافيًا في هذا الشأن.
نشرت مجلة «نيو ستيتسمان» البريطانية تقريرًا بعنوان «سياسة التوازن التركية تؤتي أكلها في الوقت الذي تلعب فيه أنقرة دور الوساطة بين أوكرانيا وروسيا»، تحدثت فيه عن بروز تركيا كوسيط قادر على التوفيق بين أطراف الصراع منذ بدء الغزو الروسي قبل أكثر من شهر. وقد سعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إقامة علاقات وثيقة مع روسيا أكثر من أي زعيم آخر لحلف الناتو تقريبًا.
وذكرت الصحيفة أن دعم تركيا العسكري لأوكرانيا كان كافيا ليدفع كييف للوثوق بوساطة أنقرة. في بداية الحرب، حدّت تركيا من وصول السفن الحربية الروسية التي تمر عبر مضيق البوسفور والدردنيل إلى البحر الأسود. كما ساعدت الأسلحة التي باعتها تركيا إلى أوكرانيا، لا سيما طائرة «بيرقدار تي بي 2» المسيرة، على التصدي لتقدم القوات الروسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن وساطة تركيا قوبلت بإيجابية من قبل قادة التحالف الغربي. وخلال مكالمة هاتفية أجريت في وقت سابق من هذا الشهر، أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تقديره لجهود تركيا لدعم حل دبلوماسي للصراع الأوكراني.
وحسب الصحيفة، تأمل تركيا أن تساعد وساطتها في حل الخلافات بين أوكرانيا وروسيا. وتفيد بعض المصادر أن إدارة أردوغان اقترحت أن تحتفظ روسيا بمنطقتي دونباس وشبه جزيرة القرم بموجب عقد إيجار طويل الأجل مشابه لذلك الذي اعتمدته المملكة المتحدة عندما حكمت هونغ كونغ.
نشر «معهد الشرق الأوسط» الأمريكي تقريرا بعنوان «تركيا بين أوكرانيا وروسيا» تطرق فيه إلى هدف تركيا من لعب دور الوساطة في الحرب الروسية الأوكرانية، الذي يتمثل أساسا في درء توسّع رقعة الصراع. عند النظر في دور تركيا، ينبغي إدراك المخاطر التي تواجه أنقرة حيث أن نتيجة هذه الحرب الكبرى ستؤثر على كل سمة من سمات الحياة في البلاد ومستقبلها.
وذكر الموقع أن أنقرة تحتاج إلى الحفاظ على علاقاتها مع موسكو على الرغم من الخلافات والتنافس العميق بينهما. وتعتمد تركيا على روسيا لتلبية حوالي 50 في المئة من احتياجاتها من الغاز، لذلك غالبا ما تفصل تركيا بين خلافاتها السياسية وخلافاتها الاقتصادية مع روسيا.
وأضاف الموقع أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى إلى تعزيز مكانة تركيا وتوسيع دورها كوسيط على المستوى الإقليمي والدولي من خلال تحقيق توازن بين النفوذ الأوكراني والروسي في المنطقة.
نشرت صحيفة «بارونز» الأمريكية تقريرا بعنوان «أسعار النفط تنخفض مرة أخرى… هذه المرة بسبب محادثات السلام» سلطت من خلاله الضوء على تأثير محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا على أسعار النفط. وقد شهدت أسعار النفط تراجعا بعد استئناف محادثات السلام بين المفاوضين الروس والأوكرانيين في إسطنبول. وفي تغريدة على تويتر شاركها يوم الإثنين، أعرب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا عن امتنانه لتركيا لاستضافتها الجولة القادمة من محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا قائلا: «آمل أن تحقق هذه المفاوضات في ظل الوساطة التركية نتائج تخدم مصالح السلام في أوكرانيا».


الكاتب :   وكالات

  

بتاريخ : 01/04/2022