الوطنية … وكرة القدم

 

مرة أخرى، وبفضلها، يستطيع المغرب أن يتخطى حاجزا ليس بالسهل بالتأهل لربع نهاية بطولة كرة القدم بقطر لرسم سنة 2022. هذا الشعب، الضارب في العراقة، كلما اتخذ الوطنية قبعة، وتقمصها، إلا واجتاز الصعاب والعقبات، التي ربما ظهرت للأجنبي كأنها خط مستحيل تخطيه.
وإذا تمعنا بلفتة خاطفة في التاريخ الحديث، فها هي مسلسلات سنوات 26 – 1921 بالريف، وفصل هزيمة الاسبان، لولا تدخل فرنسا العارم بالسلاح الكيماوي الفتاك لأجيال؛ و1930 بالمحاولة الفاشلة لسن الظهير البربري للتفرقة العرقية بين مكونات الشعب المغربي: البربر والعرب؛ و1934 بالمناداة لتحقيق دفتر مطالب الشعب المغربي؛ و1936 بالمظاهرات العارمة؛ و1944 لجهر أمام فرنسا والعالم أجمع، وبإيعاز من الملك محمد الخامس، بالمطالبة باستقلال المغرب؛ و1947 بخطبة طنجة – وهي منطقة دولية – لمحمد الخامس لتأكيد ضرورة استقلال المغرب، و1953 بنفيه وقيام ثورة الملك والشعب بالمقاومة المسلحة، إلى رجوعه في 16 نونبر 1955. بمحطاتها العدة، كلها بطولة واستماتة، إنها روح الوطنية.
وها هي ورقة 6 نونبر 1975 للملك الراحل الحسن الثاني التي جعلت المسيرة الخضراء لشعب مسالم، منزوع السلاح، يزحف نحو أرضه ليحررها، تقاسمها بارونات الاستعمار على حساب حريته. سابقة فريدة، فعلا، يسجلها التاريخ، تدرس، لا محالة، في كراسي العلوم السياسية والقانونية والعسكرية.
وفي وقت قريب، إبان جائحة الكوفيد، نادى الملك محمد السادس بالصبر والانضباط، فكانت الاستجابة في المستوى، ومثالا بارزا تعالت أصواته في دهاليز منظمة الصحة العالمية.
وليد الركراكي، مدرب فريقنا الوطني، وطني، مغربي الهوية، لا مستعار، عرف بطريقته، أن ينفخ في لاعبي المنتخب روح الوطنية بإقناعهم أن لا كرواتيا، ولا بلجيكا، ولا كندا، ولا إسبانيا – وثلاث منهم فرق محترفة عالميا، عالية في جودة الأداء – يحق لهم التخطي وأن كل شيء ممكن، وأن مستحيل ليست لغة المغرب.
إنها الثقة في النفس، المبنية على المثابرة والعمل والصمود، وهنا لابد استذكار هذه الخصال الثمينة التي تقمصها آباؤنا وأجدادنا في أيام المحنة والصعاب، والتي تبنتها كذلك شعوبا عرفت الهزيمة والجوع والقهر بعد الحرب العالمية الثانية: ألمانيا واليابان، مثلا، اللذان نهضا في ظرف أقل من عشرين سنة ليصبحا من ضمن السبعة الأكثر غنى وتأثيرا في العالم الحاضر.
روح الوطنية، التي لم تغب علينا أبدا، لا قديما ولا حديثا، لزم علينا، حتما، استغلال معاني التعبئة والانضباط والفضيلة فيها، تزكيتها، واستذكارها، وسط عالمي التحديات، والمنافسة والمبارزة، بين أمواج بحار المتوسط، مهد الحضارات، والأطلسي أحد مراكز القوة والنفوذ في العالم.
فيا منبث الأحرار، مشرق الأنــــــــــــــــــــــــوار
إخوتي هيـــــــــــــــــــــــــــــا للعــــــــــــلى سعـــــــــــــــــــــــيا
نشهد الدنـــــــــــــــــــــــــيا أن هـــــــــــــــــنا نحــــــــــيى


الكاتب : عادل غلاب

  

بتاريخ : 09/12/2022