اليسار الجديد وقضية الصحراء المغربية -03- قضية الصحراء وشعار «الطريق الثوري» 2/1

نستعرض في الحلقات الآتية سلسلة من المواضيع المرتبطة بمواقف اليسار الجديد بالمغرب بشأن قضية الصحراء المغربية. ولعل اعتمادنا اصطلاح « اليسار الجديد» يستند على التداول المرتبط بمدلولات هذا المفهوم في علاقته بتنظيمات اليسار الماركسي- اللينيني- الماوي بأقطابه الثلاث البارزة.   منظمة « إلى الأمام، ومنظمة 23 مارس، و»لنخدم الشعب». كما نعتمد هذا المفهوم للتمييز الموضوعي بين التنظيمات الديمقراطية واليسارية المغربية» الرسمية» التي اشتغلت في الشرعية السياسية، والتنظيمات اليسارية الراديكالية التي عبرت عن مواقف متطرفة إزاء قضية الصحراء تلتقي في مجملها في إقرار « حق تقرير المصير» بإقامة تمييز بين ساكنة الصحراء والمغرب، أو باعتمادها مفاهيم خاصة من قبيل « الشعب الصحراوي» و « البؤرة الثورية» و «النضال الثوري» و «التناقض مع النظام..» الخ.

ارتبطت قضية الصحراء بمفهوم الثورة في العديد من الوثائق التي أصدرتها منظمة « الى الأمام». ومن ضمنها وثيقة « سقطت الأقنعة ،لنفتح الطريق الثوري.» ووثيقة « الثورة في الغرب العربي»، و وثيقة « مسودة حول الاستراتيجية الثورية»و « وثيقة « تناقضات العدو والافق الثوري بالمغرب». وهي الوثائق التي نشرت ما بين 1970 و 1974.
يشير التمهيد الموضوع ل « مقدمات أولية» الى أنه ما بين 1974 و 1976ظلت مواقف منظمة «الى الأمام» ثابتة. ولم تخرج المواقف المعبر عنها خلال تلك الفترة عن وثيقتي « الموقف الوطني الحقيقي من الصحراء ومهام الحركة الجماهيرية وقواها الثورية والديمقراطية» و كراس « طريقان لتحرير الصحراء». لكن في خريف 76، ومع التطورات الجديدة التي عرفتها قضية الصحراء( اعلان الجمهورية العربية في الصحراء، واندلاع الحرب بين المغرب والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، و محاكمة 77) قامت المنظمة الى جانب مجموعة من أطر وقيادة 23 مارس، بإعادة «تقييم الموقف السابق، ومعالجة تناقضاته المفاهيمية من قبيل جماهير أم شعب؟، وكذلك من خلال إعادة النظر والتدقيق في مفهوم « الاستراتيجية الثورية في المغرب». وستصدر وثيقتان في هذا الصدد( بالفرنسية).وثيقة « هليشكل سكان الصحراء شعبا؟». ووثيقة « « الجمهورية العربية في الصحراء، انطلاقة الثورة في الغرب العربي».وستصدر الوثيقتان في كتاب « سيرورة إعادة بناء منظمة « الى الأمام»، جدلية القطيعة والاستمرار» من منشورات الأفق الديمقراطي، حسن الصعيب».
وفي وثيقة « سقطت الأقنعة، فلنفتح الطريق الثوري» (غشت 1970)،في علاقتها بقضية الصحراء، ستشير الوثيقة الى العديد من العناصر التاريخية المرتبطة بالمرحلة، ومنها:
ـ «تعميم نظام الاستعمار الجديد الذي تنوب فيه الاقطاعيات والبرجوازيات المحلية جزءيا عن السيطرة المباشرة للامبريالية.
– استيلاء حفنة من البيروقراطيين المحترفين على الحكم في الاتحاد السوفياتي في السنوات التي تلت وفاة ستالين.
– هذه الحفنة دعت الى ما يسمى بالأأنظمة الديمقراطية الوطنية ودخلت مع الامبريالية في مجرد تناقضات ثانوية على الصعيد الاقتصادي.
– الثورة الكوبية ستفتح ثغرة جديدة في أمريكا اللاتينية، وتسجيل نضالات الشعوب في افريقيا (في الكونغو، ومالي، وغانا، وانغولا،وموزنبيق، وغينيا، والتشاد، والرأس ألأأخضر، وزيمبابوي، وناميبيا…
– انتصار الثورة الثقافية في الصين وألبانيا تزود النضالات الثورية العالمية.
– انبعاث القوى الثورية العمالية في فرنسا وإيطاليا واسبانيا..»
في هذه الأجواء، تنمو « الثورة العربية معتمدة على الثورة العالمية» حسب ما جاء في وثيقة «سقطت الأقنعة». وتضيف الوثيقة:
«هذا النمو الهادر أخذ انطلاقته من الهزيمة التي عرفتها الاقطاعيات والبرجوازيات العربية في يونيو 1976. والمحرك الرئيسي لهذه المسيرة هو الشعب الفلسطيني المسلح الذي أصبح يشكل « قوة ثورية لا تقهر».فمن خلال نضالاته» تفضح كل تأثيرات وايديولوجيات البرجوازية الصغيرة وتنغرس حذور الأيديولوجية الثورية الماركسية اللينينية، وتترعرع أيديولوجية الثورة العربية..»
وعند حديث الوثيقة عما تسميه ب « استراتيجية الثورة»، تستعرض الوثيقة عنصرين اثنين
يظهر من تحليل القوى المتواجدة في المغرب والنضالات الهامة للطبقة العاملة وشبه البروليتاريا في المدن والبوادي. أن الانطلاقة الثورية ممكنة في المغرب في السنوات القادمة…، كما أن أهمية المغرب القصوى بالنسبة للاستراتيجية الامبريالية في منطقة البحر الأبيض المتوسط تجعل التدخل الامبريالي ضد الانطلاقة الثورية أمرا حتميا فتكون آنذاك الحرب الشعبية الرد الناجع على الهجوم الامبيرالي..وستكون النضالات العظيمة التي ستتمخض عنها طاقات الشعب الاسباني الثورية دعما حاسما للحركة الثورية المغربية…».
لتخلص الوثيقة الى أن « الحزب الثوري المغربي يرفض بتاتا كل التقسيمات المفروضة من طرف الاستعمار، كما يرفض كل المواقف الشوفينية التي تتخذها البرجوازية والبرجوازية الصغيرة والسياسيون المنافقون المغاربة والرامية الى جعل تلك الربوع الصحراوية ومن سكانها مستعمرات مغربية…».
وتربط هذه الوثيقة» النضال الشعبي المغربي» بما تسميه المسيرة العامة والطويلة للثورة العربية، وتحرير وتوحيد القارة الافريقية. وتضيف» وأقرب إخواننا في هذا النضال ضد الاوليغارشياالكمبرادورية عملاء الامبريالية ، وضد الامبريالية الفرنسية والاسبانية ومن أجل طرد الصهيونية، ومن أجل طرد سيدتهم جميعا الامبريالية الأمريكية، هم إخواننا في الصحراء وموريتانيا…»


الكاتب : n تقديم وإعداد: عبد المطلب أعميار

  

بتاريخ : 17/03/2025