اليسار الجديد وقضية الصحراء المغربية -04- قضية الصحراء وشعار «الطريق الثوري» 2/2

نستعرض في الحلقات الآتية سلسلة من المواضيع المرتبطة بمواقف اليسار الجديد بالمغرب بشأن قضية الصحراء المغربية. ولعل اعتمادنا اصطلاح « اليسار الجديد» يستند على التداول المرتبط بمدلولات هذا المفهوم في علاقته بتنظيمات اليسار الماركسي- اللينيني- الماوي بأقطابه الثلاث البارزة.   منظمة « إلى الأمام، ومنظمة 23 مارس، و»لنخدم الشعب». كما نعتمد هذا المفهوم للتمييز الموضوعي بين التنظيمات الديمقراطية واليسارية المغربية» الرسمية» التي اشتغلت في الشرعية السياسية، والتنظيمات اليسارية الراديكالية التي عبرت عن مواقف متطرفة إزاء قضية الصحراء تلتقي في مجملها في إقرار « حق تقرير المصير» بإقامة تمييز بين ساكنة الصحراء والمغرب، أو باعتمادها مفاهيم خاصة من قبيل « الشعب الصحراوي» و « البؤرة الثورية» و «النضال الثوري» و «التناقض مع النظام..» الخ.

وإذا كانت الوثيقة المعنونة ب» سقطت الأقنعة، فلنفتح الطريق الثوري» الصادرة بتاريخ 30غشت 1970 قد تحدثت عن « الحزب الثوري المغربي»، وعن رفض « التقسيمات المفروضة من طرف الاستعمار» وربطت بين « نضال الشعب المغربي» والثورة العربية، وتحرير افريقيا، وعن الكفاح المشترك للشعوب، فإن الوثيقة ذاتها ربطت بين « جدلية الكفاحات الثورية للشعبين المغربي والاسباني» و» تطور النضال الثوري لما أسمته ب « الشعب المغربي في موريتانيا ووادي الذهب والساقية الحمراء.»، فان الوثيقة المعنونة ب « الثورة في الغرب العربي في المرحلة التاريخية من تصفية الامبريالية» الصادرة بتاريخ 4 ماي 1971 قد تحدثت عن التطورات السياسية في المنطقة مشيرة الى أن « الطغمة ( النظام) تتواطئ مع البرجوازيات البيروقراطية الجزائرية والموريطانية والتونسية مع الدمى التي يتم تهييئها في العيون» و «هذا التواطئ مكون محوري للاستراتيجية الامبريالية في المنطقة. لكن هذه الاستراتيجية، وضرورات الامبريالية في الفترة التاريخية التي هي فترة التصفية على الصعيد العالمي، جعلت من المغرب الحلقة الأضعف في هذه المنطقة، بترابط جدلي مع اسبانيا، الحلقة الأخرى الضعيفة في الجهة الأخرى من مدخل البحر الأبيض المتوسط..».
وستصدر لاحقا وثيقة أخرى معنونة ب « من أجل الجبهة الثورية الشعبية» بتاريخ 3 يوليوز 1972 تربط بين الثورة المغربية و القضية الفلسطينية، والنضالات التحررية في الوطن العربي وافريقيا، والصحراء.
تقول الوثيقة « لذا فان الجماهير الثورية المغربية ستصبح مجندة بجانب إخواننا الفلسطينيين، واخواننا المضطهدين في الوطن العربي. كما أن الثورة المغربية ستساند في نفس الوقت مجموع النضالات التحررية في الوطن العربي….وستساند أيضا الكفاح الوطني التحرري والاجتماعي لكافة شعوب العالم ضد الامبريالية…وعلى الثورة المغربية أيضا أن تسخر طاقتها لإزالة الوجود الإمبريالي في غرب الوطن العربي. عليها أن تزيل القواعد الامبريالية العسكرية والمدنية من المغرب، وعليها أن تشطب الفاشيين الاسبان من القواعد التي لازالت تحت قبضتها على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في بلادنا. عليها أن تساعد بصفة حاسمة إخواننا الصحراويين، لكي يقدموا مسيرة حرب التحرير الشعبية التي ستخرج الامبريالية من الواجهة الأطلانتيكية للوطن العربي..».
وستصدر وثيقة جديدة بتاريخ 30 يونيو 1972 بعنوان « مسودة حول الاستراتيجية الثورية» ستربط مجددا بين ما تسميه « الشعب الصحراوي» و « الجبهة الواسعة لشعوب منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط». وتتحدث الوثيقة عن « القواعد الحمراء المتحركة» التي ينبغي أن توضع في اطار هذه الجبهة، وتضم « الشعب الصحراوي، والشعب الموريتاني، والشعب الاسباني، وشعب تشاد.».
وفي 10 شتنبر 1972 ستصدر منظمة « الى الأمام» وثيقة جديدة معنونة ب» تناقضات العدو والأفق الثوري بالمغرب» تتحدث فيها عن « الاندفاعية الثورية للجماهير» و « دور الجيش في الصراع الطبقي» و عن « الأفق الثوري في المغرب».
تعتبر الوثيقة بأن الميزة الأساسية للوضع في المغرب هي « الاندفاعية الثورية للجماهير». وتربط الوثيقة مجددا بين « النضال الثوري والتحرري» في الصحراء، وبين « النضال الثوري للجماهير المغربية».
تقول الوثيقة « إن التلاقي ما بين يونيو 1967، وشتنبر 1970 لكل السيرورات الوطنية والدولية للصراع الطبقي في المغرب وبالنسبة للثورة العربية، يفسر ذلك المظهر المتفجر فعلا الذي أخذه في وقت وجيز النضال الثوري للجماهير المغربية وتمفصله المتنامي مع النضال الثوري والتحرري لإخوانهم الصحراويين..». ولتفسير ما أسمته الوثيقة ب « الاندفاعية الثورية للجماهير»،تقول الوثيقة ذاتها « ان ضباب الأيديولوجية البرجوازية الذي حيد الجماهير عن الاستقلال بدأ ينقشع شيئا فشيئا بعد 15 سنة من التورطاتوالاستسلامات والتواءات سياسيي البرجوازية الوطنية،منايكس ليبان الى افران مرورا بانهيار 1965بالاضافة للإفلاس المفتوح للتحريفية..».
وتضيف الوثيقة ان فهم الجذور الثقافية والسوسيو- ثقافية للجماهير المغربية تسمح» بابعاد كل غموض حول طبيعة هذا الوعي.»و « أن كل هذا ترك الجماهير الشعبية المغربية أمام مسؤولية المصير الوطني، ليس ذلك الذي يقتضي اخضاع قبائل الريف والصحراء الغربية للأطماع الاقتصادية للبورجوازية وطبقة المحزن، ولكن ذلك الذي تحملته القبائل دائما في مواجهة الدخول الاستعماري..ذلك الذي استعاد حمل العلم من أجدير الى السمارة، والذي كان قد أخاف الامبريالية والخونة. انها المسؤولية التاريخية الملقاة على الشعب العربي بالمغرب، وفي الصحراء الغربية الموقد الغربي للثورة العربية..».
وفي معرض تناولها « للأفق الثوري في المغرب» تؤكد الوثيقة مجددا على « تحويل المغرب والصحراء الغربية الى بؤرة غربية للثورة العربية». وهذا الهدف لا « يمكن أن ينبع الا من فوهة البندقية ( السلطة تنبع من فوهة البدقية). وتوظف الوثيقة العديد من المفاهيم من قبيل « التحالف الثوري للعمال والفلاحين « وتحطيم طبقة المخزن،»و « تحطيم النفوذ الامبريالي الصهيوني» و « تشييد السلطة الثورية للجان العمالية المسلحة والجماعات المبلترة» و « استعادة أراضي القبائل من أجل تشييد الدكتاتورية الديمقراطية الثورية»…
وخلال شهر مارس 1974 ستصدر منظمة « الى الأمام» وثيقة جديدة تحمل عنوان « من أجل خط ما ركسي لينيني لحزب البروليتاريا المغربي» تتحدث فيها عن « الثورة المغربية كجزء لا يتجزء من الثورة العربية» تشير فيها مجددا « للشعب العربي في الصحراء الغربية». وعند تفصيلها في مهام « الماركسيين اللينينيين المغاربة» تشير الوثيقة الى «ربط كفاح الشعب المغربي بالأمة العربية في نضالها ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية من أجل الاستقلال الوطني والديمقراطية والوحدة والاشتراكية» و «دمج كفاح التحرر الوطني في الصحراء الغربية بالثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، في استراتيجية واحدة، وجبهة واحدة».


الكاتب : n تقديم وإعداد: عبد المطلب أعميار

  

بتاريخ : 18/03/2025