اختارت أن تعيش بين الثلاجات وطاولات التشريح، أن ترافق الأموات طيلة 15 سنة تقريبا وهي تستنطق الجثت بحثا عن عدالة فوق الأرض قبل تحتها، مشاريط متنوعة ومناظير مختلفة وحقائب وقناني بيولوجية بمشرطها تُعلي الحقيقة، كما ان تقاريرها لا يدخلها باطل فهي مهيأة لتنصف المظلوم، مشاهد الموت اليومية لم تضعف قلبها أمام موت متكرر ليل نهار وعلى مدار السنة. فقد اعتادت العيش وسط أجساد متحللة وأشلاء بشرية واجساد متفحمة واخرى فقدت ملامحها. من أجل أن تعلن عن الحقيقة كاملة انها الدكتورة ربيعة ابو المعز خلال هذا الشهر الفضيل سيبحر معنا القارئ لتفكيك جزء من مرويات الدكتورة ربيعة ابو المعز إخصائية الطب الشرعي بمستشفى محمد الخامس.
تؤكد ربيعة ابو المعز أن التشريح الطبي يتشعب إلى عدة مسالك فعندما تحال الجثة المراد تشريحها ويكون هناك شك بأن صاحبها قد تعرض للتسميم مثلا فإن الأمر يتعلق بأخد عينات من كل السوائل البيولوجية المتاحة في الجثة والتي تمكن المختبر الذي ترسل اليه العينات المسؤولة عن الوفاة حيث يتم اخد عينات من الدم ومن البول ومن المعدة والمرارة لان هذه السوائل يمكن استنطاقها وبالتالي يمكن لهذه العينات أن تكون من بينها عينة مسؤولة عن هذا التسمم من مواد مخدرة، كحول، أدوية، نبتة سامة ،أو مبيدات كيماوية، تضيف ابو المعز كما يمكن اخد عينة من الشعر الذي يمكن إخضاعها للتحليل وبالتالي يتمكن المختبر من تحديد تاريخ تناول هذه السموم والمختبر يمكنه من تحديد هل الشخص استعمل الشيء الذي أدى إلى تسممه، مرة واحدة أم مرات متعدد وأن الشعر يمكن أن يحافظ على هذه السموم أكثر من جميع العينات الأخرى.
هذا بالنسبة للتحاليل السمومية، اما بالنسبة للتحاليل الجينية فإنها تؤخد من الجثة المجهولة لتحديد هويتها وعينات وهي التي تؤخد من الدم وفي حالة عدم وجود دم بالشرايين لان الجثت المتخللة عادة ما تكون فارغة منه، يتم اخد عينة من عضلة الفخد حيث يتم من خلالها تحديد الهوية عبر الحمض النووي وفي حالة تحللها يتم اللجوء إلى عظم الفخد أو الأسنان لان الأسنان تحافظ على الحمض النووي لمدة طويلة ويتم اللجوء لهذه التقنيات ليس فقط من اجل التعرف على هوية الشخص المجهول وإنما أيضا من اجل تحديد هوية المعتدي في الاعتداءات الجنسية حيث يتم اخد مسحات من فم أو مهبل أو مخرج الضحية أو أي جزء آخر للحصول على دم أو بقع للسائل المنوي أو شعر المعتدي، كما يتم قطع الاظافر أو اخد مسحة من تحثها حيث مقاومة الضحية اثناء الاعتداء يمكن أن تحتفظ بجزء من هوية المعتدي وبالتالي الاهتداء إليه عن طريق الحمض النووي الذي يكون في الجلد كما يمكن اخد عينات من القلب والرئتين والمعدة والطحال من اجل الحصول مثلا على نتائج من جثة الغريق بعد استبعاد جميع الاحتمالات الاخرى وذلك بوجود مواد بحرية كالنباتات الموجودة في البحر
وذلك كون الضحية شرب كمية كبيرة من المياه وهي التي تسربت إلى باقي الأعضاء حيث يتم اكتشاف هذه النباتات البحرية في جسم الإنسان.
وبالتالي القول أنها بعيدة عن أي عمل إجرامي.