اختارت أن تعيش بين الثلاجات وطاولات التشريح، أن ترافق الأموات طيلة 15 سنة تقريبا وهي تستنطق الجثت بحثا عن عدالة فوق الأرض قبل تحتها، مشاريط متنوعة ومناظير مختلفة وحقائب وقناني بيولوجية بمشرطها تُعلي الحقيقة، كما ان تقاريرها لا يدخلها باطل فهي مهيأة لتنصف المظلوم، مشاهد الموت اليومية لم تضعف قلبها أمام موت متكرر ليل نهار وعلى مدار السنة. فقد اعتادت العيش وسط أجساد متحللة وأشلاء بشرية واجساد متفحمة واخرى فقدت ملامحها. من أجل أن تعلن عن الحقيقة كاملة انها الدكتورة ربيعة ابو المعز خلال هذا الشهر الفضيل سيبحر معنا القارئ لتفكيك جزء من مرويات الدكتورة ربيعة ابو المعز إخصائية الطب الشرعي بمستشفى محمد الخامس.
تستحضر ابو المعز اهتمامها ببعض القضايا التي وقعت خارج المغرب وهي في بداية اشتغالها بهذا التخصص حيث تتناول خلال هذه الحلقة قضية اختفاء الطفل يونس في بلجيكا والتي سيتم العثور عليه ميتا في مياه نهر ليز، حيث كشف تقرير التشريح الطبي، الذي أخضعت له جثة الطفل المغربي يونس ذوو الاربع سنوات، التي وجدت غارقة فوق مياه نهر ليز بمنطقة كومين، على الحدود الفرنسية البلجيكية، أن الطفل يونس لم يمت غرقا بل توفي قبل إلقائه في الماء.
وأكدت أن نتائج التشريح الطبي أبرزت أن رئتي الطفل يونس لم تكن مليئة بمياه النهر، ما يدل على أنه توفي قبل وضعه في الماء، في حين، رفضت وكيلة الملك بمدينة تورناي تأكيد صحة هذه المعلومات.
خاصة وأن اختفاء الطفل، من أمام منزل أسرته بمنطقة كومن، بعد مشاداة بين والديه، زادت من غموض وفاته، مضيفة أن تقرير التشريح الطبي أوضح أن الأطباء لم يجدوا أي آثار للماء برئتي الطفل، وأن عدم وجود المياه يعني حتما أن الطفل توفي قبل أن ينتهي به المطاف في الماء.
وأكدت أن جل التقارير تؤكد الدكتورة ربيعة أن الطفل يونس لم يعثر عليه مربوط الذراعين أو الساقين، ولم يكن مصابا بسكتة دماغية نتيجة صدمه بسيارة، لكن كانت توجد عليه آثار كدمات واضحة أصيب بها قبل اختفاءه وبالتالي إن كانت هذه المعلومات صحيحة فإن مسار التحقيق في القضية سيأخذ مجرى آخر.
وكانت الشرطة البلجيكية قد استمعت إلى والد الضحية ، حول ظروف اختفاء ووفاة ابنه يونس، لأزيد من ثماني ساعات، وبعد خروجه من مخفر الشرطة أكد والد الضحية لوسائل الإعلام أن الشرطة تشتبه به، وأنه جرى الاستماع إليه، لكنه أكد على براءته، وينتظر نتائج التحقيقات في القضية. كما أعلن والد الطفل أنه عين محاميا وسينتصب طرفا مطالبا بالحق المدني في قضية طفله.
وقالت الدكتورة ابو المعز أن والد الطفل قال في تصريحات إعلامية إن طفله لا يعرف سوى طريق البيت والمدرسة أو الملعب حيث يلعب كرة القدم، وأنه لا يعرف الذهاب إلى أي مكان أو إلى مسافات بعيدة عن منزل أسرته، مضيفا أنه لا يعتقد أن ابنه يستطيع السير إلى المكان، الذي عثر فيه على جثته.
وأن وكيلة الملك لدى محكمة كومين البلجيكية كانت قد أكدت ، أن الجثة التي عثر عليها، تعود إلى الطفل يونس، ذي الأربع سنوات، الذي اختفى عن الأنظار زهاء أسبوعين و نصف، و أضافت وكيلة الملك أن الملابس التي عثرت عليها فرقة الأبحاث البلجيكية على جثة الضحية، هي نفسها، التي تقدم بأوصافها والدا الطفل يونس، اللذان ينحدران من المغرب.
و كانت قضية اختفاء الطفل يونس أثارت اهتمام الصحافة البلجيكية والفرنسية، وتجندت لها مصالح الانتربول، وكان يونس غادر منزل أسرته بكومين في بلجيكا قرب الحدود مع فرنسا بعد شجار بين أبويه. ومنذ يوم التبليغ عن الاختفاء كثفت مصالح الشرطة البلجيكية أبحاثها على جانبي الحدود البلجيكية الفرنسية.