انخفاض قاعات العرض السينمائية إلى 28 قاعة سنة 2017

شركات الإنتاج تستمر في الاستفادة من الدعم دون تسديد المستحقات السابقة

 

مكنت مهمة تقييم برامج النهوض بالصناعة السينمائية من تسجيل سجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول «أعمال المحاكم المالية» مجموعة من الملاحظات المتعلقة بالمركز السينمائي المغربي، تهم تنفيذ أهداف النهوض بقطاع السينما، وأيضا تسيير صناديق الدعم الثلاث التالية: «صندوق دعم إنتاج الأعمال السينمائية»، و»صندوق دعمرقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية»، و»صندوق دعم المهرجانات السينمائية».
فبخصوص تنفيذ أهداف النهوض بقطاع السينما، سجل المجلس الملاحظات التالية:
-غياب مخطط استراتيجي مندمج لتطوير قطاع الصناعة السينمائية. وجاء في التقرير أن «المركز السينمائي المغربي سنويا بتقديم مخطط للتنمية إلى مجلس إدارته. غير أنه في غياب مخطط استراتيجي مندمج للقطاع السينمائي، لا يتم اتخاذ أي إجراء لتحديد الجهات المسؤولة عن تنفيذ مخططات التنمية سالفة الذكر، وكذا الآليات اللازمة للتوجيه والتقييم.
علاوة على ذلك، بين افتحاص مخططات التنمية، التي يعدها المركز السينمائي المغربي، افتقار هذه المخططات إلى تحديد الأولويات فيما يخص الإجراءات المزمع اتخاذها، وكذا غياب التخطيط المسبق للآجال اللازمة لتنفيذها، إلى جانب عدم تحديد أنماط وآليات التدخل اللازمة والقابلة للتحقيق.
-غياب استراتيجية لتمويل أهداف النهوض بقطاع الصناعة السينمائية لا يتم إرفاق مخططات التنمية المعتمدة من قبل مجلس إدارة المركز السينمائي المغربي بالبرامج المالية التوقعية اللازمة، كما هو الحال بالنسبة للمخطط المتعلق بالفترة 2017- 2019، والذي تم اعتماده من قبل مجلس الإدارة خلال دورة2016 .
وقال التقرير إن جدوى هاته المخططات وتنفيذها تبقى رهينة باعتماد استراتيجية تمويل تحدد تقدير التكاليف على المدى القصير والمتوسط، وتمكن من تعديل هاته التكاليف حسب الموارد المالية المتاحة. وفي هذا الصدد، سجل المجلس غياب استراتيجية واضحة لتمويل أهداف النهوض بالصناعة السينمائية.
-عدم اكتمال عملية إنعاش القطاع السينمائي، حيث أكد تقرير المجلس أنه على الرغم من اتخاذ عدد من الإجراءات من أجل إنعاش القطاع السينمائي، بما في ذلك اعتماد منظومة جديدة لدعم إنتاج الأفلام، ورقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية، وتنظيم المهرجانات السينمائية، وكذلك إنشاء المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما، إلى جانب دعم إنتاج الأعمال السينمائية الأجنبية في المغرب، ظلت عملية إنعاش القطاع السينمائي غير مكتملة.
وفي الواقع، فإن أحد الأهداف الرئيسية لهذه العملية، والذي يكمن في إحياء وتعزيز فرع الاستغلال السينمائي، لم يتحقق بعد، بل هو في تراجع مقارنة بما كان عليه قبل اعتماد منظومة الدعم الجديدة في شقها المتعلق بدعم رقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية .
وفي هذا الإطار، لوحظ عدم تحقيق هدف المخطط المتعلق بالفترة 2010 – 2012، المدرج في عقد البرنامج والمضمن أيضا في المخطط المتعلق بالفترة 2013- 2015، والمتمثل في توفير 235 شاشة مشغلة فعليا في أفق سنة 2015. وقد عرفت شبكة قاعات العرض السينمائية انخفاضات متتالية من 53 قاعة سينمائية مشغلة سنة 2009 إلى 28 قاعة سينمائية مشغلة سنة2017، تتمركز جميعها على مستوى تسع مدن فقط.
وأفاد التقرير أن هذه الوضعية تستدعي ضرورة إيجاد وسائل من شأنها إنعاش قطاع الاستغلال السينمائي.
أما بخصوص النقطة المتعلقة بتدبير صناديق دعم القطاع السينمائي، فيبين تحليل توزيع المبالغ المخصصة لدعم القطاع السينمائي، كما جاء في التقرير، أن صندوق دعم إنتاج الأعمال السينمائية يستفيد من حوالي 65 % من إجمالي المبالغ المخصصة. كما يستفيد صندوق دعم تنظيم المهرجانات السينمائية من حوالي 28 %. في حين أن دعم رقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية لا يستفيد سوى من 7 % من إجمالي المبالغ المخصصة .
وقد كشف تقييم مساطر تسيير اللجان الثلاث لمنح دعم القطاع السينمائي وكتاباتها، وكذا إجراءات المراقبة والتتبع المكلفة بتنفيذها عن ملاحظات عامة حول صناديق الدعم الثلاث، وأخرى تخص كل صندوق على حدة، نذكر أهمها فيما يلي:
أولا: آليات حكامة صناديق الدعم حيث، أظهرت المراقبة النقائص التالية:
غياب برامج العمل السنوية للجان منح الدعم.
غياب نظام داخلي لعمل لجان الدع م، يحدد القواعد والكيفيات الخاصة بعمل هاته اللجان.
قصور في تسجيل مداولات وقرارات لجان منح الدعم .
ثانيا: دعم إنتاج الأعمال السينمائية، إذ سجل المجلس الملاحظات التالية:
-اعتماد نهج قائم على الوسائل عوض النتائج، حيث كشف تحليل القرارات المتعلقة بمنح الدعم لإنتاج الأفلام السينمائية اعتماد نهج قائم على الوسائل بدلا من النتائج، وذلك في ظل غياب شبكة تنقيط لمعايير انتقاء الأفلام المستفيدة من الدعم. فعلى سبيل المثال، عرفت الدورة الأولى لسنة 2017 توزيع نفس مبلغ الدعم، المحدد في ثلاث ملايين درهم، لكل فيلم من الأفلام الستة التي استفادت من الدعم قبل الإنتاج.
وترجع هذه الوضعية لغياب شبكة تنقيط تتوفر على معايير انتقاء للأفلام المستفيدة من الدعم، بحيث لوحظ أن محاضر لجنة دعم إنتاج الأعمال السينمائية لا تتضمن تقييما نوعيا لمختلف معايير منح الدعم .
-معدل منخفض لإرجاع التسبيقات على المداخيل الممنوحة، إذ لم يتجاوز معدل إرجاع دعم إنتاج الأعمال السينمائية حوالي 1,22 % خلال الفترة 2004 – 2013 ، حيث بلغ مجموع المبلغ الإجمالي الذي تم إرجاعه ما يعادل 5,5 مليون درهم، في حين أن مبلغ الدعم الممنوح يفوق 450 مليون درهم، استفاد منها 200 فيلم. الأمر الذي يجعل المبلغ الإجمالي المستحق يتجاوز 444 مليون درهم.
-عدم إدراج جميع مصادر مداخيل الأعمال السينمائية، إذ لم تقم العديد من الأفلام التي حصلت على جوائز خلال المهرجانات المنظمة داخل المغرب أو خارجه، بتسديد حصة المداخيل المقابلة للجوائز التي فازت بها. وتهم هذه الملاحظة كذلك الأفلام التي تم تسويقها خارج المغرب، وتلك التي كانت موضوع تفويت حقوق البث التلفزي، والتي لم تسدد لصندوق الدعم النسب المستحقة من المداخيل.
-استمرار بعض شركات الإنتاج في الاستفادة من الدعم دون تسديد المستحقات السابقة، علما أنه في حالة عدم الالتزام بتسديد مبلغ التسبيق عن المداخيل الذي استفاد منه الفيلم، لا يمكن للشركة المستفيدة من الدعم تقديم أي مشروع جديد إلا بعد تسديد المستحقات الواجب إرجاعها. لكن لوحظ أن العديد من الشركات استفادت من الدعم مرات متعددة دون تسديد المستحقات الواجب إرجاعها من مبالغ الدعم الممنوحة سابقا .
ثالثا: دعم توزيع واستغلال الأفلام السينمائية، حيث سجل تقرير المجلس الملاحظات التالية:
-غياب نهج واضح في تدبير صندوق دعم القاعات السينمائية، إذ لم يخضع توزيع المساعدات بين الفروع الثلاثة، المتعلقة بالرقمنة والتحديث والإنشاء، لأي تخطيط مسبق قائم على تدبير موجه نحو نتائج مدعمة بمعايير محددة وأهداف يتعين تحقيقها. الأمر الذي أدى إلى عدم منح أي دعم لإنشاء القاعات السينمائية على الرغم من عدم كفاية شبكة قاعات العرض للترويج لهذا القطاع. وفي نفس السياق، يعرف عدد القاعات المستفيدة من الدعم ومبالغ الدعم الممنوحة تغيرا ملحوظا من سنة إلى أخرى، وذلك في غياب معايير محددة مسبقا تبرر الخيارات التي تم اتخاذها.
– قصور في مراقبة احترام القاعات المستفيدة من الدعم لالتزاماتها لا يتم تطبيق المراقبة القبلية على جميع القاعات المستفيدة، الأمر الذي لا يسمح للجنة الدعم بضمان توافق القاعات المستفيدة من الدعم مع الشروط المطلوبة. كما لوحظ غياب عمليات المراقبة المصاحبة والبعدية للتأكد من التنفيذ الفعلي لأعمال الرقمنة أو التحديث، موضوع الدعم، ومن احترام القاعات المستفيدة للالتزامات المتعهد بها.
رابعا: دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية، إذ لوحظ ما يلي :
عدم تنفيذ قرار المجلس الإداري بشأن حالة التنافي في منح دعم تنظيم المهرجانات السينمائية. وقد تبين للمجلس عدم تنفيذ قرار مجلس إدارة المركز السينمائي المغربي الهادف إلى إعفاء المركز من اللجوء إلى لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية للحصول على الدعم من أجل تنظيم المهرجانات السينمائية الثلاثة التالية: أولا، المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، ثانيا، مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة، وثالثا، مهرجان الفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني. وذلك عبر تحديد خيار جديد، بتنسيق مع الوزارة المكلفة بالاتصال ووزارة الاقتصاد والمالية.
ويشكل هذا الوضع حالة تنافي على اعتبار أن المركز السينمائي المغربي، المكلف بتنظيم المهرجانات الثلاثة سالفة الذكر، هو الذي يحدد دفتر التحملات المتعلق بدعم تنظيم المهرجانات السينمائية، الموافق عليه من طرف مجلس إدارته. كما أن المركز يقترح أعضاء لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية، والذين يعينهم الوزير المكلف بالاتصال .
نواقص في مراقبة استخدام الدعم الممنوح للتظاهرات السينمائية، إذ تبين أن عدد المهرجانات التي تمت مراقبة احترامها لبنود دفتر التحملات الخاص بدعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية ومقتضيات الاتفاق النموذجي، خلال الفترة 2013 – 2016 ، لم يتجاوز 37 مهرجانا من أصل 203 ، أي ما يعادل نسبة 18 % من جميع المهرجانات المستفيدة من الدعم. ونتيجة لهذا الوضع، تقرر منح القسط الثاني من الدعم دون التحقق من وفاء المستفيد بجميع التزاماته.


بتاريخ : 01/02/2020