باريس تقدم «إسلام فرنسا» للجزائر كهدية من أجل المصالحة

كتب الموقع الإخباري “أطلس أنفو”، أول أمس الخميس، أن باريس، وفي سياق سعيها لإرضاء النظام الجزائري بأية وسيلة، “تقدم إسلام فرنسا للجزائر كهدية للمصالحة ونيل مكرماتها”.
وحسب وسيلة الإعلام الإلكترونية “اليوم، يبدو واضحا أنه، وفي سياق استراتيجية غايتها إرضاء النظام الجزائري بأية وسيلة، كما يتضح من خلال زيارة وزير الشؤون الخارجية جان-إيف لودريان للجزائر ومباركة وزير الداخلية جيرالد دارمانان للمجلس الوطني المزعوم لأئمة فرنسا، الذي أنشأه الشخص المثير للجدل شمس الدين حفيظ، تقدم باريس إسلام فرنسا للجزائر كهدية للمصالحة سعيا إلى نيل مكرماتها”.
وأوضح موقع “أطلس أنفو” في مقال تحليلي بعنوان “باريس تقدم إسلام فرنسا للجزائر من أجل المصالحة”، أن هذا الخيار “يكتسي قدرا أكبر من العبثية والخطورة، طالما أنه يراهن على مقاربة مضطربة للإسلام في فرنسا، بعيدا عن تهدئة النفوس ودعم العيش المشترك والاعتدال، كما أن من شأنها صب الزيت على النار وإثارة العداوات”.
وأضاف أن الميل الفرنسي نحو الجزائر أضحى “حقيقة تتجلى أكثر فأكثر”، وهنا فإن إسلام فرنسا “تجسيد صارخ” لذلك، مسجلة أنه منذ وصول جيرالد درامانان إلى وزارة الداخلية، “أضحى الانعطاف صوب الجزائر في تدبير شؤون الإسلام بفرنسا واقعا يثير التساؤلات”.
فمن دون سبب منطقي – يؤكد أطلس أنفو- اختار جيرالد درامانان ترجيح الكفة لصالح “أتباع إسلام يتم تدبيره علنا من طرف الأجهزة السرية الجزائرية، والذي يجسده الشخص المضطرب والمثير للجدل عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيظ”.
ولاحظ الموقع الإخباري أنه “بغض النظر عن العلاقات التي تجمع هذا الشخص بالأجهزة الجزائرية، وكونه المحامي المعروف لانفصاليي +البوليساريو+ لدى الهيئات الأوروبية، وتصريح سفير الجزائر علنا بأن مسجد باريس هو ملك للدولة الجزائرية، بينما شيدته فرنسا في العام 1926 بمساعدة المغرب لتكريم المسلمين الذين سقطوا في ساحات معارك الحرب العالمية الأولى”، يبدو أن هذه الحقائق لا تصدم أحدا داخل الهيئة التي تشرف على تدبير هذه القضايا الحساسة.
وأشار “أطلس أنفو” إلى أنه، على العكس تماما، فإن جيرالد دارمانان “يكافح باستماتة من أجل دعم هيمنة الجزائريين على الإسلام في فرنسا”، مشيرا إلى أن هذا الأمر يجري عبر عدة تدابير من قبيل إنشاء قناة مفضلة للتواصل مع مسجد باريس، مع المخاطرة بمنحها أهمية غير متناسبة تماما تتجاوز بكثير تمثيلها ونطاق إشعاعها.
وأبرزت وسيلة الإعلام أن “ذلك يتم أيضا من خلال منح معاملة الطفل المدلل لعميد المسجد، على الرغم من خرقه لجميع الأعراف الجمهورية، مثل كذبه الواضح المتمثل في عدم تلقيه الدعوة لحفل 11 نونبر، متسببا في ردود فعل سياسوية متسلسلة ضد الرئيس إيمانويل ماكرون”، مسجلة أن “الكذبة كانت وقحة وصارخة وتطلبت تفسيرات قوية”.
واعتبرت كاتبة المقال، حسناء الداودي، أن وزارة الداخلية و”الإليزيه” فضلا، مع ذلك، “انتهاج سياسة النعامة”.
وعلى العكس من ذلك، يكافئ جيرالد درامانان مسجد باريس من خلال تقديم ما يحلم عميده “بتحويله إلى أداة لبسط القوة والنفوذ”، المجلس الوطني للأئمة، بينما عهد بهذا المشروع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من طرف الرئيس إيمانويل ماكرون شخصيا، الذي قال بتاريخ 2 أكتوبر 2020 في خطاب له” (…) ما أصفه لكم هنا، ليست الدولة التي ستفعله، بحكم مبدأ الفصل، بل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. لكنني أثق فيه وهي مسؤولية جسيمة نوكلها إليه”.
وأشار “أطلس أنفو” إلى أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، من منطلق إدراكه لرسالته، أعلن عن إحداث المجلس الوطني للأئمة في 9 يناير 2022. وهو المجلس الذي سيكون مفتوحا في وجه جميع الأئمة في فرنسا سواء أكانوا ينتمون إلى اتحاد أو لا. أما مشروع عميد المسجد الكبير فهو في الوقت الراهن “قوقعة فارغة ومزيفة، لأنه مشكل من طرف أئمة ملحقين للجزائر وبعض طلبة المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية التابع لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا سابقا، التنظيم التاريخي للإخوان المسلمين في فرنسا”.
وأوضح الموقع أنه في مواجهة خطر العرقلة الدائمة لتأطير مسلمي فرنسا وتكسير دينامية وخيارات الأئمة، فضل جيرالد درامانان المراهنة على “المغامرة، الشكوك والمناطق الرمادية في المشروع السياسي والإيديولوجي، خدمة لمصالح الجزائريين بدلا من التفكير في مشروع فرنسي حقيقي، واضح في أهدافه وفعال في أساليبه”، مضيفا أنه “لا يهم وزارة الداخلية ما إذا كان هذا المجلس الوطني للأئمة مفرغا من التأثير الجغرافي والديني، وأن ينظر إليه مسلمو فرنسا كطبق طائر محدث من طرف الأجهزة الجزائرية، عوض أن يكون بمثابة بنية فرنسية تدافع عن إسلام الاعتدال والعيش المشترك الجمهوري”.
وأشارت وسيلة الإعلام الفرنسية إلى أن هذه “الهدايا” المقدمة من طرف جيرالد دارمانان لأتباع “إسلام جزائري يتم التحكم فيه من الجزائر العاصمة من طرف الأجهزة الجزائرية” ترافقت مع سلسلة من المقالات الصحفية التي تشوه سمعة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ورئيسه الفرنسي من أصول مغربية، محمد الموساوي.
وحسب وسيلة الإعلام الإلكترونية، “يبدو أن فرنسا فضلت التمكين على أراضيها لأتباع إسلام يخضع للتحكم الجزائري. فهذا الخيار يكتسي خطورة أكبر، على اعتبار أن النظام الجزائري الحالي الذي يمارس هذه الهيمنة ويفرض أجندته، ليس معروفا بانخراطه في التسامح والعيش المشترك. فعلاقاته مع المنظمات الإرهابية معروفة منذ العشرية السوداء عندما طرح السؤال “من يقتل من؟” الذي لم يجد حتى الآن جوابا له”.
وخلص موقع “أطلس أنفو” إلى التأكيد أن “الكثير من المتخصصين في هذه المرحلة المظلمة للجزائر، يعتبرون بعض أعضاء الجماعة الإسلامية المسلحة عسكريين في قميص أفغاني. ولا تزال الجزائر تظهر ذلك من خلال لعبتها الملتبسة في منطقة الساحل”.


بتاريخ : 11/12/2021