قرّر الأطباء الداخليون والمقيمون شلّ مصالح المستشفيات الجامعية مرّة أخرى من أجل حث وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على الاستجابة لملفهم المطلبي، وسطروا برنامجا احتجاجيا جديدا يتمثل في خوض إضراب لمدة ثلاثة أيام، انطلاقا من يومه الثلاثاء وإلى غاية بعد يوم غد الخميس، وهو ما يعني بأن الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات الجامعية ستعرف تعثرا مرة أخرى، وسيجد المرضى الذين انتظروا حلول المواعيد التي ترقبوها من اجل الفحص والعلاج أنفسهم أمام هذا الوضع الذي سيحول دون تمكينهم من تحقيق رغبتهم في الولوج إلى الصحة؟
وأكد مصدر طبي لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن الإضرابات التي تقرر خوضها تأتي بعد استنفاذ كل سبل «لفت الانتباه الودية» للمشاكل التي تعرفها هذه الفئة، والتي قوبلت بالتجاهل وباعتماد سياسة اللامبالاة، مشددا على أن الهدف ليس هو إضافة معاناة جديدة للصعوبات التي واجهها المرضى وإنما لكي يتبين لمن يتعمد عدم استحضار المهام والخدمات التي تقوم بها هذه الفئة من مهنيي الصحة، حجم الثقل والعبء الذي يتحمله الطبيب داخل المنظومة الصحية.
وكانت اللجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين قد استنكرت ما وصفته بـ « نهج اللامبالاة الذي اتبعته وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي في معالجة أزمات القطاع»، مشددة على أنه «من خلال سلسلة الاجتماعات والمراسلات، يتبين على أن الوزارة تفتقر إلى الإرادة الجادة في التعاطي مع مطالبنا، رغم ما تحمله من أهمية لضمان استقرار وأداء مهني كريم داخل المنظومة الصحية»، مستنكرة ما اعتبرته «تعنتا للوزارتين الوصيتين».
وأوضحت اللجنة بأن «استمرار هذا النهج يعكس غياب المسؤولية تجاه فئة أساسية في القطاع الصحي، مما ينذر بتداعيات سلبية ليس فقط على الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان، بل على جودة الخدمات الصحية التي يتلقاها المواطن»، مؤكدة في بلاغ لها بالقول «لقد بذلنا جهودا حثيثة لدفع الحوار المسؤول والتوصل إلى حلول عادلة ومنصفة، لكن الوزارة اختارت التمادي في سياسة التسويف والمماطلة، معرضة بذلك الاستقرار الصحي لمزيد من المخاطر».
وعلى إثر ما سبق، فقد دعت اللجنة الوطنية لخوض إضراب شامل أيام الثلاثاء، الأربعاء، والخميس 29، 30 و31 أكتوبر، مع استثناء مصالح المستعجلات والإنعاش والحراسة، «حرصا على استمرار تقديم الخدمات الطارئة والحيوية للمواطنين»، ودعت بالمناسبة الوزير الجديد «للتحلي بالحنكة والحكمة في معالجة هذه الأزمة وإظهار روح المسؤولية في التعامل مع مطالبها المشروعة»، مشددة على «أهمية فتح باب الحوار الجاد والمسؤول الذي يعيد الأمور إلى نصابها، والذي من شأنه أن يضع حدا لهذا التوتر المتفاقم، ويضمن حقوق المهنيين، بما ينعكس إيجابا على تحسين ظروف العمل وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين».