احتضنت دار الشعر بمراكش، الجمعة الماضية، فعاليات الدورة الثالثة للندوة الوطنية «مقيمون في الذاكرة»، والتي اختارت الدار أن تخصص فقراتها الجديدة هذه السنة لـ»ذاكرة شاعر الحمراء الشعرية.. الشاعر محمد بن ابراهيم (1897-1955)». وخلال هذه الندوة، التي نظمتها دار الشعر بمراكش، تحت إشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، وبتنسيق مع كلية اللغة العربية بمراكش، وبيت الشعر في المغرب، حاول النقاد خالد بلقاسم، وجليلة الخليع، وسعيد العوادي استقصاء تجربة هذا الشاعر الألمعي، وإضاءة الكثير من عوالم تجربته الشعرية والإنسانية، والتي لاتزال حاضرة الى اليوم.
وهكذا، تناول الناقد خالد بلقاسم موضوع «الزمن الشعري في قصائد محمد بن ابراهيم»، بينما تطرقت الشاعرة جليلة الخليع إلى «الطرفة المراكشية في قصائد شاعر الحمراء»، فيما استقصى الناقد سعيد العوادي «إنسانية شاعر الحمراء» من خلال قراءة نصية في قصيدة «الله في البؤساء»،
تندرج الندوة، التي سعت إلى تقريب الأجيال الصاعدة ومجموع الباحثين والطلبة، من تجارب مغربية رائدة وأجيال شعرية أعطت الكثير للشعر والأدب المغربي، ضمن سلسلة الندوات التي تنظمها دار الشعر بمراكش لاستقصاء أسئلة وقضايا الشعر المغربي اليوم، والذي يفضي إلى محاولة تبني خطاب جديد، يلامس عمق القضايا وحلحلة الأسئلة والتفكير في راهن الممارسة الشعرية.
كما توخت مواصلة سلسلة النقاشات التي فتحتها الدار، مند تأسيسها الى اليوم، مركزة على عمق القضايا الجوهرية التي تهم القصيدة المغربية المعاصرة وأسئلة النقد الشعري.
وتجدر الإشارة إلى أن ندوة «مقيمون في الذاكرة»، أتت ضمن سلسلة من الندوات المحورية السنوية، تخصص لمقاربة واستقراء ذاكرة الشعر المغربي، وتستقصي بعض التجارب الشعرية المؤسسة والرائدة، والتي شكلت أفق القصيدة المغربية الحديثة ورسخت خصوصيتها، وأيضا الى إثارة القضايا الجوهرية والمركزية التي تهم الخطاب الشعري بالمغرب.
وكانت الدورات السابقة قد تناولت بالتحليل تجربتي المعتمد بن عباد شاعرا، والشاعر والناقد أحمد المجاطي، واختارت هذه المرة أن تفتح «ذاكرة شعرية متقدة لشاعر الحمراء» والتي لاتزال إلى اليوم تفتح مزيدا من الأسئلة في الخطاب الشعري المغربي، ومن خلال الكثير من الإصدارات، لعل آخرها كتاب الناقد أحمد اليابوري «في شعرية ديوان (روض الزيتون) لشاعر الحمراء»، محمد بن إبراهيم.
وقد سبق للباحث أحمد الخلاصة أن أصدر كتاب «شاعر الحمراء في تاريخ الأدب المعاصر» (1987)، فيما تناول الروائي والقاص والكاتب عبد الكريم غلاب تجربة شاعر الحمراء في كتابه الصادر سنة 1982 بعنوان «عالم شاعر الحمراء»، دون اغفال الكثير من الدراسات والإشارات التاريخية الدالة (عبدالله كنون) وآخرون.
يذكر أن شاعر الحمراء محمد بن إبراهيم، خلف منجزا شعريا غنيا بمضامينه وتيماته، حيث يلتقي الحس الوطني بالقومي، إلى جانب قصائد المدح والهجاء. وقد احتفظ بأسلوبه الشعري الخاص، والذي أعطاه ميسما مغربيا يميزه عن باقي معاصريه، لذلك أطلقت عليه بعض المنابر الإعلامية، «شاعر المغرب الأول، أو شاعر افريقيا».