كشفت بيانات أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط أمس، أن معدلات التضخم في بلادنا، مازالت مرتفعة بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل 2023 وإن كانت قد شهدت بعض التراجع الطفيف في الفصل الأخير من العام المنصرم. ولم تسعف التدابير التي أعلنت عنها الحكومة قبل أشهر، في كبح جماح الأسعار التي اشتعلت في المواد الغذائية طوال العام الماضي، وهو ما ضاعف عناء المواطنين في تأمين قفتهم اليومية جراء لهيب أسعار الخضر والفواكه واللحوم والزيوت والبيض..
وإلى حدود شهر يناير 2024 ، لا زالت شريحة واسعة من الأسر المغربية تعاني للوصول إلى المواد الغذائية الأساسية، بعدما ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات غير مسبوقة (100 درهم للكيلوغرام) وبعدما حطمت أسعار الخضر الرئيسية (الطماطم والبصل و البطاطس) أرقاما قياسية.
وأوضحت المندوبية في تقريرها حول أسعار الاستهلاك أن معدل التضخم ارتفع خلال الشهر الماضي ب 2.3 في المائة مقارنة مع يناير 2023 كما أن معدل التضخم الأساسي الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية، ارتفع بدوره إلى 2.9 في المائة مقارنة مع مستواه في يناير 2023.
وتفيد البيانات الإحصائية التي أعدتها المندوبية السامية للتخطيط أن ارتفاعات المواد الغذائية المسجلة ما بين شهري دجنبر 2023 ويناير 2024 طالت على الخصوص أثمان السمك وفواكه البحر ب 4,7% والفواكه ب 0,6% والقهوة والشاي والكاكاو ب 0,4% واللحوم ب 0,3%. في المقابل تراجعت أسعار الخضر بمعدل 9.6 في المائة.
ولم تسلم جميع تكاليف المعيشة الرئيسية من موجة الزيادات المتفاوتة التي ضربت جيوب المغاربة خلال الفترة الفاصلة بين يناير 2023 و 2024، انطلاقا من أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية التي قفزت بـ 4.2 في المائة، والسكن والماء والكهرباء والغاز والمحروقات الأخرى التي ارتفع معدلها 0.1 في المائة، وتكاليف النقل التي ارتفعت بـ 0.1 في المائة، مرورا بأسعار التبغ والمشروبات الكحولية التي زادت بـ 2.3 في المائة وأسعار الأثاث والأدوات المنزلية التي نمت بـ 1.7 في المائة، ووصولا إلى قطاع المطاعم والفنادق الذي عرفت أسعاره نموا بـ 4.3 في المائة.
وقد سبق للفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية أن نبه الحكومة أثر من مرة إلى مخاطر تدهور القدرة الشرائية للمغاربة بسبب هذه الزيادات المتوالية في أسعار المواد الأساسية ، حيث سجل المستشار بمجلس المستشارين الاتحادي السالك المساوي ، أن أسعار جل السلع المغربية تعرف اليوم زيادات كبيرة في الأثمنة، انطلقت بالارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات لتحيط بكل مواد المعيش اليومي للمواطن المغربي.
وأضاف المستشار الاشتراكي، أن هذا الارتفاع الصاروخي للأسعار دفع بالعديد منهم إلى التعبير عن غضبهم بكل الوسائل وفي جل المدن المغربية.
ولاحظ المستشار الاتحادي أن الحكومة انطلقت من منطلقين أساسيين لتبرير هذه الارتفاعات التاريخية في مواد أساسية للعيش اليومي للمواطن، أولها العوامل الخارجية وثانيها الجفاف، وهما العاملان اللذان أصبحا هيكليين وليسا متغيرين ، حيث إن النزاعات العالمية المؤثرة على سلاسل الإمداد الدولية والتغيرات المناخية والجفاف أصبحت معطيات معروفة ويتم البناء عليها قبل سن أية سياسة مالية لأي دولة.
وبالموازاة مع ذلك، أكدت الحكومة أنها أقدمت على عدة إجراءات كالدعم المباشر لمهني النقل، الدعم الاستثنائي للفلاحين ومربي الماشية وإجراءات أخرى للحفاظ على استقرار الأسعار وتعزيز الرقابة، لكن جولة بسيطة في أحد الأسواق الشعبية البسيطة قادرة على دحض هذه الإجراءات أو زيارة صغيرة لبقال الحي ستنفي هذه الادعاءات، فكل المواد تقريبا قد عرفت زيادات في غياب الرقابة وغياب أي جهة جادة لحماية المستهلك المغربي الذي يبقى هو الحلقة الأضعف التي تتأثر بكل الفشل الذي عرفته الحكومة في السيطرة على التضخم ومراقبة الأسعار .