بسبب صعوبة الولوج للتمويل والعقار وارتفاع العبء الضريبي ومنافسة القطاع غير المهيكل

  • البنك الدولي: القطاع الخاص في المغرب عجز عن الإسهام بدرجة كافية في إحداث فرص الشغل

 

قال البنك الدولي إن القطاع الخاص في المغرب عجز عن الإسهام بدرجة كافية في إحداث فرص الشغل، معتبرا أنه على الرغم من تحقيق بعض التحسن في التصنيف على مؤشرات ممارسة أنشطة الأعمال، فإنه مازالت هناك جهود كبيرة يتعين أن يبذلها القطاع الخاص.
وأوضح البنك الدولي في تقرير جديد نشر أمس بعنوان «مشهد فرص الشغل في المغرب» أن تراكم رؤوس الأموال العمومية وصعوبة بيئة الأعمال أمام الشركات، والتي تتسم بارتفاع تكلفة الحصول على الأراضي ووجود نظام ضريبي معقد (وارتفاع العبء الضريبي نسبيا) ونقص العمالة الماهرة وبرامج التكوين ونقص سبل الحصول على التمويل (مؤسسة التمويل الدولية)، أدى إلى “مزاحمة” القطاع الخاص مما حد من إسهامه في تحقيق النمو كثيف الاستخدام للأيدي العاملة. وبينما كانت فرص الهجرة إلى الخارج متاحة قبل عام 2008، فمنذ الأزمة المالية التي شهدها ذلك العام بات يتعين على المهاجرين المحتملين الانتظار ضمن طوابير طويلة. وأدى انخفاض عدد فرص الشغل، بجانب تنامي أعداد مَن هم في سن العمل واستمرار القطاع غير الرسمي، إلى ارتفاع معدلات الخمول والبطالة الدائمة.
ويرى التقرير الذي يعد أول نتاج للتعاون بين المندوبية السامية للتخطيط والبنك الدولي، أن هناك فوارق جهوية ملحوظة في النمو الاقتصادي، وإحداث فرص الشغل، والمحركات الاقتصادية القطاعية. وكان قطاع الخدمات المحرك الرئيسي للنمو والتشغيل في بعض الجهات (الرباط)، فيما كان دور القطاع الثانوي (الصناعة) أكثر بروزا في جهات أخرى (الدار البيضاء). وحتى داخل قطاع الخدمات، اتسم النمو في بعض الجهات باعتماده على الأنشطة الأكثر كثافة في استخدام الأيدي العاملة وذات القيمة المضافة المنخفضة (الدار البيضاء)، فيما شهدت جهات أخرى كالرباط، نمواً في الخدمات الأعلى إنتاجية. ومن ثم، هناك
أمثلة ناجحة تشجع على محاكاتها في القطاعات والجهات الأخرى.
وبسبب قيود بيئة الأعمال، سجل القطاع الخاص ركودا في مبيعاته التي ترتبط ارتباطا قويا بإحداث فرص الشغل. ورغم تحقيق بعض التحسينات في الإطار التنظيمي، فإن الشركات الخاصة تشير إلى وجود تحديات تتعلق بنقص العمالة الماهرة، والمنافسة من القطاع غير الرسمي، واللوائح التنظيمية، والأعباء الضريبية. ولم يؤد قطاع التصدير المغربي إلى إحداث توسعات إنتاجية للنهوض بسلاسل القيمة المحلية. وقد أدى هذا الوضع، بالإضافة إلى ضعف نسبة التشغيل بالقطاع الصناعي، إلى قلة فرص الشغل المنتجة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.
وأفاد التقرير أن المغرب شهد تزايدا في نسبة المشتغلين بالقطاع الرسمي، لكن هناك مجالاً كبيراً لإحراز المزيد من التحسن. فقد زادت نسبة المشتغلين بأجر بهذا القطاع زيادةً مطردةً من 29 % في عام 2000 إلى 45 % في عام 2019، وهو ما يعني أن أكثر من نصف المشتغلين بأجر مازالوا يعملون في القطاع غير الرسمي. ولا ينتج عن ذلك انخفاض إيرادات الضرائب الحكومية فحسب، بل أيضا عدم القدرة على الاستفادة من تمكين المزيد من العمالة من التعيين بموجب عقود منتظمة مع الحصول على معاشات تقاعدية وتأمين صحي جيد وموثوق به. ولهذا، من المهم فهم أسباب محدودية التشغيل بالقطاع الرسمي ووضع سياسات يمكنها التصدي لهذه المعوقات.
ولتجاوز هذه المعوقات، دعا البنك الدولي المغرب إلى تسريع وتيرة التحول الهيكلي وإحداث المزيد من فرص الشغل في القطاعات عالية الإنتاجية. معتبرا أن وجود قطاع غير رسمي كبير يضعف إنتاجية الأيدي العاملة، ويقوِّض القاعدة الضريبية، ويحرم العديد من العمال وأسرهم من الحصول على تأمين صحي واجتماعي مناسب.
وأوصى التقرير بإدماج المزيد من النساء في القوى العاملة. إذ من شأن هذه الجهود أن تؤدي إلى تقليص الفوارق بين الجنسين، وتمكين النساء من اتخاذ القرارات داخل المنزل، وزيادة الاستثمارات الأسرية في التعليم والرعاية الصحية، والاستفادة من مورِّد رئيسي للتنمية الاقتصادية. كما طالب التقرير بدعم الشباب أثناء الانتقال من التعليم إلى سوق الشغل. فرغم تحقيق المغرب مكاسب مهمة في مجال التعليم، فإنه يلزم إحراز المزيد من التحسينات لتطوير القوى العاملة بحيث يمكنها دفع نمو معدلات التشغيل ومساعدة الشباب في الحصول على فرص شغل عالية الإنتاجية.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 01/06/2021