بعد أقل من 24 ساعة من الجمع العام : فعاليات رجاوية تدعو إلى التخلي عن خطاب المظلومية واعتماد الفكر المنتج للخروج من المنطقة الرمادية

بعد أقل من 24 ساعة، تنطلق أشغال الجمع العام غير العادي لنادي الرجاء الرياضي البيضاوي بأكاديمية الفريق، حيث سيجد البرلمان الأخضر نفسه أمام مسؤولية اختيار قائد جديد للمرحلة المقبلة.
وستتنافس لائحتان، يقودهما رئيسان سابقان، على خلافة المكتب المديري، الذي ترأسه عزيز البدراوي لأقل من سنة، بعدما وجد نفسه مضطرا إلى القفز من السفينة قبل الموعد.
وهكذا سيكون الاختيار الرجاوي محصورا بين محمد بودريقة وسعيد حسبان، اللذين قدما لائحتيهما للمنخرطين وعقدا معهما لقاءات تواصلية من أجل عرض مشروعيهما لإنقاذ الفريق وإعادته إلى حالته الطبيعية.

اختياران أحلاهما مر

يرى العديد من متتبعي الشأن الرجاوي أن الاسمين المتنافسين على خلافة البدراوي لا يمكن لهما أن يعيدا القطار الأخضر إلى سكته، لأن أحدهما يعد سببا مباشرا في ما يعيشه الفريق حاليا، وساهم بأخطائه في تفاقم مديونية الرجاء، بينما الثاني عجز عن أداء مهمته، وقام بدوره بأخطاء أضرت بصورة الفريق، ليجبر على المغادرة.
وتضج العديد من الصفحات الرجاوية على مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الغضب من هذا المآل الذي آل إليه الفريق الأخضر، والذي تدهورت أحواله كثيرابعد المجد الذي عاشه وتوجه بخوض نهائي مونديال الأندية، حيث قدم صورة مشرفة لكرة القدم الوطنية، أشاد بها جلالة الملكية في رسالة ملكية، جاء فيها «وليظل الرجاء مثالا جديرا بالاقتداء من لدن مختلف الأندية الرياضية الوطنية».

برامج عامة وغياب خارطة طريق

من تابع الخرجات الإعلامية لمرشحي الرئاسة داخل فريق الرجاء الرياضي يخلص إلى حقيقة واحدة، وهي أن الطرفين معا يتبنيان رؤية عامة، تتلخص محاورها في الحكامة والترشيد والاعتماد على أبناء المدرسة، وهي أهداف غير عميقة لأن أزمة الرجاء أكبر من أن تختزل في سوء التدبير المالي والتقني، لأن هذين الشقين هما نتيجة حتمية لطغيان العشوائية وسيطرة نظرية المؤامرة والاستهداف، وغياب الفكر المنتج، حيث أصبحت المدرجات هي المتحكم في مصير الرجاء، عبر سلوكات «بلطجية» طالت عائلات وأسر المسيرين، وكانت سببا في مغادرة أكثر من رئيس لمنصبه قبل انتهاء مدته القانونية، والدليل هو سبعة رؤساء في أقل من سبع سنوات، وقد حطم الفريق خلال موسم 2021 – 2022 رقما قياسيا، بعدما تعاقب عليه ثلاثة رؤساء، هم رشيد الأندلوسي إلى غاية أكتوبر 2021 وأنيس محفوظ من أكتوبر 2021 إلى غاية 16 يونيو 2022، حيث ترك منصبه لعزيز البدراوي، بضغط من الألترا.
وتضيف العديد من المصادر الرجاوية أن الفريق الأخضر تحول إلى رهينة في يد المدرجات وصفحات الفايسبوك، التي يقتات أصحابها من أزمات الفريق، وكونوا شبكات متشعبة، أصبحت تفرض قراراتها على المكتب المسيرة والأطر التقنية، والدليل هو الوقفات الاحتجاجية التي نظمت للمطالبة برحيل جمال السلامي، الذي قاد الفريق إلى الظفر بالبطولة الاحترافية للمرة الأولى، بعد غياب دام 7 سنوات، كما بلغ نصف نهائي دوري الأبطال لأول مرة منذ عقد ونصف من الزمن، وضمن التأهل أيضا إلى نصف نهائي الكأس العربية، قبل أن يتوج بها الفريق رفقة المدرب التونسي لسعد الشابي، لا لشيء سوى أنه انهزم في لقاء الديربي أمام الوداد.

الناصري والوداد شوكة في حلق الرجاويين

يُعيب الكثير من المهتمين بشؤون كرة القدم الوطنية على جماهير الرجاء ومنخرطيها أنهم لن يغادروا المنطقة الرمادية التي أصبحوا يعيشون داخلها منذ حوالي عشر سنوات ، طالما يغطون مشاكلهم بمظلة نظرية المؤامرة، فهم يدعون أن رئيس الوداد، سعيد الناصري، يعمل جاهدا كي يظل الرجاء يعاني ويزكي فريقه ومصالحه على حساب الغريم الأخضر، عبر مجموعات من القرارات التحكمية، سواء على مستوى الهيئات الكروية أو الحكام.
وتلتقي الكثير من الخرجات الإعلامية لمنخرطي الفريق، وتعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى بعض المسؤولين، وآخرهم البدراوي، الذي أعلن استقالته في برنامج إذاعي من منصبه كنائب لرئيس العصبة الاحترافية لكرة القدم بسبب عدم تمكنه من خدمة مصالح فريقه، وكانت هذه الاستقالة شرارة أشعلت حملة مسعورة ضد رئيس الجامعة، اعتبر فيها بعض الرجاويين أنه يرجح كفة الوداد ويدعمه محليا وقاريا على حساب فريقهم، وهي حملة سرعان ما أكد الواقع والزمن أنها كانت غير صحيحة بالمرة.
وفي اتصال هاتفي للجريدة مع بعض منخرطي الرجاء، دعوا الرئيس الجديد إلى التركيز على هموم الرجاء ومشاكله، وعدم تصريفها بترويج خطاب المظلومية، والتفكير في الطريقة التي يمكن الخروج بها من الوضع الحالي، لأن الطريقة التي تسير بها الوداد لا يمكن استنساخها، وتجربة «مول الشكارة» لم تنجح، وإذا ما استمرت الأنظار شاخصة نحو الوداد وإنجازاته، فإن الرجاء لن يقدر على التغلب على أزماته، وسيظل الضغط قويا على الجماهير واللاعبين، وبالتأكيد ستكون النتائج عكسية.
خمسة ملايير سنتيم لبداية الموسم
سيجد الرئيس الجديد فور انتخابه نفسه مضطرا إلى توفير مبلغ مالي يناهز خمسة ملايير سنتيم، يخصص جزء مهم منها لتسديد النزاعات، ورفع قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم بمنعه من الانتدابات الصيفية.
ويتوجب على الرجاء تسديد 226 مليون سنتيم للاعب الليبي سند الورفلي، و435 مليونا لسيف الدين العلمي، فضلا عن 304 ملايين سنتيم لفائدة محمود بنحليب و 100 مليون سنتيم ليوسف غرب، وهناك أحكام أخرى في الطريق، أبرزها حوالي 500 مليون سنتيم لفائدة محسن متولي.
وسيكون الرئيس الجديد أيضا مطالبا بتسديد مستحقات اللاعبين، ولاسيما منح التوقيع، لتفادي اللجوء إلى مسطرة التقاضي داخل الجامعة أو الفيفا، علما بان الرئيس الحالي تنازل عن ملياري سنتيم، وازن بهما ميزانية هذا الموسم التي بلغت ثمانية ملايير و 400 مليون سنتيم.
هي تحديات كبرى يتعين النهوض بها والتعامل معها بكثير من العقلانية، لأن أزمة الرجاء ظاهريا تبدو مالية، لكنها باطنيا هي أزمة هيكلية وبنيوية، تحتاج إلى صرامة وقوة شخصية وشجاعة من أجل القطع مع كل الممارسات التي أفقدت الفريق صيته العالمي.


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 25/05/2023