قرّر أطباء القطاع الخاص العودة إلى الاحتجاج وخوض إضراب وطني يوم الخميس 4 أبريل 2019، بعد أن كانوا قد خاضوا إضرابا شهر أكتوبر الفارط، وعدلوا عن تنفيذ إضرابين آخرين آنذاك، نتيجة للوعود الرسمية التي جرى تقديمها لهم بخصوص معالجة ملفهم المطلبي وإيجاد حلول لمضامينه، وعلى رأسها مراجعة التعريفة المرجعية الوطنية.
وأعلن ممثلو التنظيمات الصحية النقابية والمهنية الممثلة للقطاع الخاص، ويتعلّق الأمر بكل من الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، التجمع النقابي للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص، التجمع النقابي للأطباء العامين بالقطاع الخاص والنقابة الوطنية للأطباء العامين بالقطاع الخاص، خلال جمع عام لهم انعقد مطلع الأسبوع الجاري بالدارالبيضاء، عن انخراط 11 ألف طبيب في إضراب وطني من أجل ردّ الاعتبار لمهنة الطب بما يضمن ولوجا سلسا للمواطنين المغاربة لهذا الحقّ الدستوري، وتعبيرا عن رفض سيناريوهات الدفع بالمواجهة المفتوحة بين المريض والطبيب، في الوقت الذي تتحمل فيه جهات أخرى مسؤولية ارتفاع كلفة العلاجات والتداوي، التي يؤدي المواطن المغربي في سعيه إليها نسبة 50 في المئة من جيبه الخاص، ويتحمّل هذه النفقات حتى في ظل وجود تغطية صحية، خاصة بالنسبة لمنخرطي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و»كنوبس». واستدل أطباء القطاع الخاص بتصريح لوزير الصحة، أنس الدكالي، الذي أكد خلال مشاركته يوم الأحد الأخير بمراكش في مؤتمر وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية الأفارقة، أن نصف الإنفاق الصحي يتم تمويله من قبل الأسر، أي أن المريض المغربي يتحمل 50 في المئة من مصاريف العلاج.
وانتقد البروفسور رضوان السملالي، تجاهل مراجعة التعريفة المرجعية، هذه الخطوة التي كان يجب القيام بها في 2009، بعد أن تم الاتفاق على تفاصيلها في 2006، إذ ينص قانون التغطية الصحية على مراجعتها كل ثلاث سنوات، مشيرا إلى أنه رغم النقاش بخصوص هذه النقطة الذي دام لأكثر من 5 سنوات إلا أن لاشيء تغير. وأوضح رئيس الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة أن التعريفة المرجعية في صيغتها الحالية هي السبب في استمرار تحمل المغاربة لنسبة ثقيلة من مصاريف العلاج، مشددا على أن الرفع منها سيقلّص من نسبة التحمل الذاتي لكل مريض، وسيضمن الرفع من قيمة التعويضات التي سيستردها، وهو ما سيضمن ولوجا منتظما للعلاج وسيسهم في تجويد صحة المغاربة.
من جهته، دعا الدكتور مولاي سعيد عفيف، رئيس التجمع النقابي للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص، إلى المساهمة الفعلية والإيجابية لكل الأطراف المعنية بهذا الملف، سواء تعلٌّق الأمر بوزارة الصحة، أو قطاعات وزارية أخرى، وكذا الوكالة الوطنية للتأمين الصحي أو المؤمنين، والانخراط العملي لتجاوز الاختلالات التي يعرفها ملف التعريفة المرجعية من أجل المساهمة الفعلية في تجويد الخدمات الصحية وتمكين المواطنين منها. وشدّد الدكتور عفيف على أن أطباء القطاع الخاص، يجمعون على ضرورة تحصين الممارسة الطبية من الشوائب والاختلالات، التي ارتفعت حدتها واتسع مداها في ظل فوضى عارمة وغياب تدخل لإعمال القانون، الأمر الذي له انعكاسات وخيمة على المواطنين وعلى قطاع الصحة بشكل عام، ويدعون إلى تحقيق عدالة ضريبية، كما يستنكرون حرمانهم من تغطية صحية، والسعي لاعتماد معايير غير منطقية في هذا الصدد، إلى جانب عدم توفرهم على التقاعد.
وجدير بالذكر أن المشاركين في أشغال الجمع العام، وإلى جانب النقاط السالف ذكرها، قد خصصوا حيّزا مهما للحديث عن هيئة الأطباء والطبيبات الوطنية، وعن مهامها وأدوارها، والأشواط التي قطعتها في جانب تخليق الممارسة المهنية وتحصين مهنة الطب وحماية صحة المواطنين، وطالبوا في هذا الصدد بضرورة إحداث هيئة وطنية لأطباء القطاع الخاص، لكي تعمل على تحصين المزاولة الطبية القانونية، وتسهر على معالجة الاختلالات والمشاكل المسجلة التي تستهدف القطاع الخاص على وجه التحديد. وفي ختام اللقاء، أكّد الحاضرون عن انخراط التنظيمات المهنية والنقابية الصحية الممثلة للقطاع الخاص في إضراب وطني يوم الخميس 4 أبريل 2019، مشددين على أن المهلة التي تم منحها للجهات المعنية من أجل مراجعة التعريفة المرجعية الوطنية، والوعود الرسمية التي جرى تقديمها في هذا الإطار، لن تحول دون خوض إضراب وطني من أجل معالجة كل الإشكالات التي يتخبط فيها القطاع، والتي لا ترتبط بوزارة الصحة لوحدها وإنما تدخل في نطاق اختصاصات ومهام قطاعات أخرى، يجب عليها جميعا أن تستوعب دقة وحساسية المرحلة وأن تحرص على التعاطي الإيجابي والحكيم مع الملف المطلبي لأطباء القطاع الخاص.