بعد ضغوطات واتهامات بمعاداة السامية : رئيسة جامعة بنسيلفانيا ليز ماجيل تقدم استقالتها

وضعت حرب غزة الجامعات الخاصة في الولايات المتحدة أمام معضلة دقيقة، بيت تلبية مطالب داعميها الأثرياء المؤيدين لإسرائيل، والحفاظ في نفس الوقت على حق طلابها في التعبير عن آرائهم الداعمة للفلسطينيين.وقام عدد من الأثرياء الأمريكيين، أو لوّحوا على الأقل، بوقف تبرّعاتهم لمؤسسات تعليم عريقة مثل جامعة هارفارد في ولاية ماساتشوستس وجامعة بنسيلفانيا.
كذلك، واجه المسؤولون عن جامعتي كولومبيا في نيويورك وستانفورد في ولاية كاليفورنيا مطالبات بالنأي بأنفسهم بشكل لا لبس فيه عن مجموعات طلابية مؤيدة للفلسطينيين، تتهم إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في منشورات يتم توزيعها خلال تحركاتها.
ونزولا عند هذه الضغوطات، قدمت رئيسة جامعة بنسيلفانيا الأمريكية المرموقة، ليز ماجيل، استقالتها من منصبها في أعقاب موجة انتقادات واسعة طالتها على خلفية جلسة استماع عقدت في الكونغرس الأمريكي،  الأسبوع الماضي، بشأن «معاداة السامية» في جامعات الولايات المتحدة بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة .
وقد مثلت في هذه الجلسة كل من رئيسة جامعة هارفارد، كلودين جاي، ورئيسة جامعة بنسلفانيا ليز ماجيل، ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سالي كورنبلوث يوم الثلاثاء في 5 دجنبر2023، أمام لجنة في مجلس النواب الأمريكي، للإدلاء بشهاداتهن في مسألة الاحتجاجات المعادية للسامية، عبر الإجابة عن سؤال موحد :هل يعتبر الحرم الجامعي الدعوة لإبادة اليهود، انتهاكا للسلوك في ما يتعلق بالتنمر والمضايقات نعم أو لا؟
استقالة ماجيل التي اعتبرت «طوعية» !وهو ما لا يستقيم مع الأجواء الضاغطة نفسيا خلال جلسة الاستماع، والأسلوب الاستفزازي الذي تمت به من طرف رئيسة اللجنة، النائبة الجمهورية «إليز ستيفانيك» التي تولت الاستجواب، والتي اعتبرت أن إجابات رئيسات الجامعات الثلاث غير دقيقة حين اتجهت كلها إلى وضع ما يحدث داخل الجامعات الثلاث في سياقه العام، وأن «هذا لا يعتمد على السياق، لكون الجواب عليه أن يكون «نعم»، تفهم أسبابها بوضعها في هذا السياق الذي يتحكم فيه اللوبي الصهيوني داخل أمريكا وفي كل المجالات، والذي لم تسلم منه حتى الجامعات. وفي هذا الإطار أعلن سكوت بوك رئيس مجلس أمناء الجامعة ومقرها فيلادلفيا – يوم السبت 9 دجنبر الجاري – أن ماجيل «قدمت استقالتها بشكل طوعي» وأنها وافقت على البقاء في منصبها حتى يتم تعيين رئيس مؤقت. وأكد متحدث باسم الجامعة أن بوك بدوره استقال من منصبه.
يذكر أن الرئيسات الثلاث قدمن مرافعات قانونية وأخلاقية مطوّلة، وتفادين الإجابة المباشرة عن أسئلة شملت الاستفسار عما إذا كانت الدعوة إلى «إبادة اليهود» تشكّل انتهاكا للقوانين الطلابية في الجامعات.
وقد أثارت، خلالها وبعدها، تصريحات ماجيل وكلودين غاي ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سالي كورنبلوث ، غضب العديد من النواب ورجال الأعمال. فقد طالب 74 نائبا أمريكيا بإقالة الرئيسات الثلاث، بينما اعتبر الحاكم الديمقراطي لولاية بنسيلفانيا جوش شابيرو أن أداء ماغيل كان «مخزيا»، فيما أعلن أحد المتبرعين لجامعة بنسيلفانيا سحب دعم بقيمة 100 مليون دولار قدمه لكلية إدارة الأعمال.
من جهته صرح «ياد فاشيم»، القائم بالنصب التذكاري للهولوكوست في إسرائيل، إنه: «يشعر بالفزع لأن قادة المؤسسات الأكاديمية النخبوية يستخدمون السياق المضلل للتقليل من شأن الدعوات للإبادة الجماعية ضد اليهود وتبرير هذه الدعوات».
الأمر لم يقف عند استقالة ماجيل ، بل إن ستيفانك وهي تعلق على استقالة رئيسة جامعة بنسلفانيا ليز ماجيل والتي اعتبرتها «الحد الأدنى المطلوب» ، توجهت عبر منصة «إكس» إلى رئيستي هارفارد وماساتشوستس بدعوتهما إلى «القيام بالأمر الصحيح… العالم يراقب»، في تلميح إلى الاستقالة أيضا.
وعكس الخطوة التي أقدمت عليها ماجيل، فإن مواطنتها رئيسة جامعة هارفارد كلودين غاي ، قدمت اعتذارا علنيا عن إجاباتها التي أدلت بها خلال جلسة الاستماع في الكونغرس.وقالت في مقابلة نشرتها صحيفة «هارفارد كريمسون» الطلابية في الجامعة «كان يجب أن يكون ذهني حاضرا في تلك اللحظة لأقوم بالعودة إلى الحقيقة التي ترشدني، وهي أن الدعوات إلى العنف ضد مجتمعنا اليهودي، والتهديدات الموجهة لطلابنا اليهود لا مكان لها في جامعة هارفارد، ولن تمر دون أن يتم التصدي لها».


بتاريخ : 12/12/2023