لا يزال كتاب “ربيع الإرهاب في الجزائر”، لمؤلفه اعمر رامي، يثير الجدل في الأوساط الجزائرية، حيث يُعد من بين الكتب المحظورة في البلاد، يتضمن هذا الكتاب شهادات حية لضباط منشقين عن المخابرات الجزائرية، الذين غادوا البلاد بعد اغتيال القايد صالح، حاملين معهم وثائق عسكرية سرية ومعلومات خطيرة تكشف تورط عدد من جنرالات الجزائر في استغلال ورقة الإرهاب والنعرات العرقية لإشعال فتيل الحرب الأهلية، من بين الأسماء المذكورة في الكتاب توفيق مدين، خالد نزار، وسعيد شنقريحة.
الكتاب يكشف تفاصيل صادمة عن سجون المخابرات الجزائرية خلال “العشرية السوداء”، وهي الفترة التي شهدت موجة عنف غير مسبوقة في تاريخ الجزائر، وعلى الرغم من أن المؤلف استخدم اسماً مستعاراً، إلا أنه يُعرّف بنفسه على ظهر الغلاف كشخص من مواليد منطقة القبايل، وناجٍ من خمس سنوات من التعذيب داخل تلك السجون، حيث يعيش اليوم في لندن، منذ عام 1999، بعد نشره لكتابه الحامل في مضمونه حقائق قد تعيد الجدل حول مرحلة مظلمة من تاريخ البلاد.
في سياق متصل، فات لمصادر إعلامية أكدت بأن السلطات الجزائرية، بقيادة الجنرال قايدي، مدير المخابرات العسكرية، والجنرال مجاهد، المستشار الأمني للرئيس عبد المجيد تبون، كانت قد تحركت عبر مسؤولين في الجيش والأمن لمحاولة إقناع السلطات الفرنسية بمنع نشر وتوزيع الكتاب، نظراً لما يحمله من خفايا وأسرار مثيرة حول أدوار الجنرالات خلال “العشرية السوداء”، وكم أثار الكتاب حالة من الاستنفار داخل أجهزة المخابرات الجزائرية، مما دفعها إلى عقد اجتماعات مكثفة لمناقشة تداعيات المعلومات الواردة فيه.
وكانت الأسواق العالمية قد شهدت نزول عدة كتب تفضح جوانب مختلفة من النظام الجزائري، ومنها كتاب “الحرب القذرة” لمؤلفه الضابط السابق في القوات الخاصة بالجيش الجزائري، حبيب سويدية، الذي اتهم فيه جيش بلاده بالتورط في مذابح “العشرية السوداء”، وكتاب “باريس والجزائر.. قصة حميمية” للصحفيين الفرنسيين كريستوف دوبوا وماري كريستيان تابيت، الذي يكشف عن فضائح الفساد في الجزائر وأملاك وحسابات مسؤولين جزائريين في فرنسا.
ذلك إضافة إلى كتاب “جزائر الجنرالات” لإلياس العريبي، الذي يفضح الدور الحقيقي للجنرالات في تكوين الجماعات المسلحة لإغراق الجزائر في الفوضى ومنع أي مساءلة عن جرائمهم، وتناول الكتاب أيضاً جرائم تصفية المعارضين الديمقراطيين والصحافيين والمفكرين والفنانين بتعليمات من الجنرالات، وهي معلومات سبق أن كشفها العقيد محمد سمراوي في كتابه “سنوات الدم”، ثم كتاب “سعيد مقبل: الموت حرفياً”، الذي يضم حوارات أجرتها الصحافية الألمانية مونيكا بورغمان مع الصحافي الجزائري سعيد مقبل قبل اغتياله في 1994.
وبعد كتاب “مافيا الجنرالات” لهشام عبود، الذي يكشف فساد النظام العسكري الجزائري وأمية جنرالاته، برزت رواية “الحوريات” للكاتب الفرنسي الجزائري كامل داوود، التي حازت على جائزة “غونكور”، وتتناول الحرب الأهلية الجزائرية من خلال مأساة شخصية “فجر”، الحامل بطفلتها المنتظرة، وتحكي عن أهلها ومذابح تلك الفترة، قبل رواية “مجنونة الجزائر” للكاتب الفرنسي-الجزائري أحمد حنيفي التي تعبر عن غضب الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن خلال “العشرية السوداء” وما زال مصير الكثير منهم مجهولا حتى اليوم.