بعد مرور 25 عاما على إطلاق مسلسل برشلونة ماري رويفيلير، الباحثة بجامعة بروكسيل الحرة: لا توجد منطقة تجارة حرة حتى الآن

تستضيف مدينة برشلونة، يوم الجمعة المقبل، المنتدى الإقليمي الخامس للاتحاد من أجل المتوسط، الذي يعقد في إطار الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاق مسلسل برشلونة.
وقال بيان للاتحاد من أجل المتوسط، إن هذا المنتدى الذي سيشارك فيه وزراء خارجية الدول الـ 42 الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، سيشكل فرصة لتقييم ما تم تحقيقه خلال ربع قرن من الحوار والتعاون، وكذا للتفكير في مستقبل الشراكة الأوروـمتوسطية، مع الاهتمام أكثر بتداعيات جائحة فيروس (كوفيدـ19) وأثرها على النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي بدول المنطقة.
وأوضح نفس المصدر أن هذا المنتدى الذي سيعقد افتراضيا بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، سيتم تحت الرئاسة المشتركة لجوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وأيمن الصفدي وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، وذلك في ضيافة وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، والأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ناصر كامل.
وأضاف أن المنتدى الإقليمي الخامس للاتحاد من أجل المتوسط سيسبقه يوم غد الخميس (26 نونبر) عقد اجتماع وزاري بين الاتحاد الأوروبي وجوار الجنوب سيخصص لبحث آفاق شراكة متجددة.
كما سيتم بنفس المناسبة، تنظيم مؤتمر افتراضي للمجتمع المدني تحت شعار «مستقبل المجتمع المدني.. يوروميد زائد 25» سيخصص لتقديم واستعراض مختلف المبادرات والمشاريع الناجحة للفاعلين المعنيين التي تم تنفيذها على أرض الواقع وساهمت في دعم وتعزيز التعاون الأوروـمتوسطي.
يشار إلى أن الاتحاد من أجل المتوسط الذي يتخذ من برشلونة مقرا له، هو المنظمة الحكومية الدولية الأورو-متوسطية الوحيدة التي تضم دول الاتحاد الأوروبي و15 دولة من جنوب وشرق البحر المتوسط.
ويوفر الاتحاد من أجل المتوسط منتدى لدعم وتعزيز التعاون الإقليمي والحوار وتنفيذ مشاريع ومبادرات ملموسة لها تأثير ملموس على ساكنة المنطقة، خاصة فئة الشباب، من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية الثلاثة للمنطقة المتوسطية، والتي تتمثل في الاستقرار والتنمية البشرية والتكامل.
في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، تستعرض ماري رويفيلير، الباحثة المتخصصة في العلاقات الأورو-متوسطية بجامعة بروكسيل الحرة، حصيلة 25 سنة من مسلسل برشلونة، مع تسليط الضوء على سياسة الجوار الأوروبية وآفاق الشراكة الأورو-متوسطية على ضوء وباء «كوفيد19».

 

ما هو تقييمك للشراكة الأورو-متوسطية بعد 25 سنة من انطلاق مسلسل برشلونة؟

pp يتمثل الهدف المبدئي لمسلسل برشلونة في بلوغ تنسيق إقليمي أفضل للتعاون بين مختلف بلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط والاتحاد الأوروبي. إن قوتها الدافعة الرئيسية هي جعل الحوض المتوسطي منطقة لـ “السلام والرخاء المشترك”.
إذا أردنا عرض الحصيلة، فإن العنصر الأول الذي ينبغي التأكيد عليه هو فشل الهدف الرئيسي المتمثل في إحداث اندماج/نهج إقليمي. حتى اليوم، معظم الشراكات بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب البحر الأبيض المتوسط ثنائية وليست إقليمية. وعلى الصعيد الاقتصادي، لا توجد منطقة تجارة حرة حتى الآن، بعد مرور 25 عاما على إطلاق مسلسل برشلونة. ابتداء من العام 2004، أنشأ الاتحاد الأوروبي فقط معاهدات التجارة الحرة مع مختلف الدول على نحو فردي.
وفي المقابل، كانت ولا تزال محاربة الإرهاب والحفاظ على الأمن بالحوض المتوسطي من أولويات الشراكة الأورو-متوسطية. فقد تم تعزيزها بعد العام 2001، ويمكننا القول أنها تمثل اليوم الأولوية الرئيسية للشراكة الأورو-متوسطية.
بشكل عام، أود أن أقول إن الشراكة الأورو-متوسطية لم تحقق أهدافها الرئيسية، لكنها مع ذلك جعلت من الممكن إحداث إطار لتعاون مستدام بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب الحوض المتوسطي. بكيفية أخرى، “تذكر” الشراكة الأورو-متوسطية بوجود شراكة، وتفرض الحوار. وقد مكنت من إقامة معاهدات للتجارة الحرة، سمحت لدول جنوب البحر الأبيض المتوسط بولوج مميز إلى السوق الأوروبية. كما تشجع التعاون حول تدبير الموارد (لاسيما تدبير المياه والبيئة والطاقة) الإقليمية. إلى جانب الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي لدول جنوب البحر الأبيض المتوسط، والذي تم إحداثه في إطار مسلسل برشلونة، والذي يتم تجديده بانتظام (+/- كل 5 سنوات). ومن ثم، هناك عناصر مهمة للتعاون بين الاتحاد الأوروبي وجنوب الحوض المتوسطي بين عامي 1995 و2020، على الرغم من أن الأهداف التأسيسية لم تتحقق.

n برأيك، هل ساهمت سياسة الجوار الأوروبية في تعزيز الشراكة الأورو-متوسطية؟

pp لا تشكل سياسة الجوار الأوروبية، التي تأسست سنة 2004، وسياسة الجوار الأوروبية المنقحة (2015)، في رأيي، نقاط تحول مهمة في التعاون بين الشمال والجنوب بالفضاء الأورو-متوسطي، لكنها مكنت من إنشاء اتفاقيات شراكة ثنائية في العام 2004 وتجديدها اعتبارا من العام 2015.
وبالمثل، قدمت سياسة الجوار الأوروبية وسياسة الجوار الأوروبية المنقحة فرصا للاتحاد الأوروبي من أجل الحوار مع شركائه ووضع قائمة بالأولويات المشتركة وفقا لمصالح كل منهما.
وفي 2018، أعلن الاتحاد الأوروبي عن رغبته في إنهاء سياسة الجوار الخاصة به، من أجل ملاءمة جميع ممارساته العالمية في إطار موحد. وسيتعلق الأمر بالسياسة الأوروبية لـ “الجوار والتنمية والتعاون الدولي”، التي يجب أن تدخل حيز التنفيذ في العام 2021.
وستحدد هذه السياسة الجديدة أهدافا جديدة وتنسق تطبيقات الاتحاد الأوروبي عبر العالم. ومع ذلك، أعتقد أنه سيستمر تحديد هذه الأهداف وتنفيذها في إطار الشراكات الثنائية، ومن الصعب القول ما إذا كان بوسعنا توقع تغييرات كبيرة في التعاون الأورو-متوسطي في إطار هذه السياسة الأوروبية “للجوار والتنمية والتعاون الدولي”.

n هل تعتقدين بأن جائحة فيروس كورونا بوسعها إعطاء دفعة جديدة للشراكة الأورو-متوسطية، في ضوء التحديات الكبرى التي فرضتها هذه الأزمة؟

pp أعتقد أنه في أفضل الأحوال، ستعزز الأزمة الاقتصادية الناجمة عن وباء فيروس كورونا التعاون الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي وشركائه في جنوب البحر الأبيض المتوسط، وستصاحبها مساعدات مالية إضافية. لكن قد يقرر الاتحاد الأوروبي أيضا التركيز على أزمته الاقتصادية والاجتماعية، وتكثيف الإجراءات الحمائية.
أعتقد أننا سنتمكن من مراقبة المبادرات الإقليمية ذات الطابع الاقتصادي والتجاري، بهدف دعم قطاعي الصناعة والطاقة، لكنني سأفاجأ إذا تم تناول التنمية السوسيو-اقتصادية كأولوية.