بعد 6 سنوات من الخطاب الملكي، تأخر آجال الأداء مازال يؤرق المقاولات الصغرى

المديرية العامة للضرائب تدعو الى التصريح بالفواتير
وتتوعد «المتأخرين» بغرامات ثقيلة

 

 

أصدرت المديرية العامة للضرائب مذكرة دعت فيها المقاولات إلى تقديم التصريحات المتعلقة بالفواتير غير المؤداة ضمن الآجال القانونية. يأتي هذا الإجراء في إطار تطبيق القانون رقم 69.21، الذي يهدف إلى معالجة التأخرات في الأداء التي تؤثر سلبا على النسيج الاقتصادي الوطني، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة.
وبعد 6 سنوات من الخطاب الملكي ل 20 غشت 2018 الذي حث الادارات والمؤسسات العمومية على أداء ما بذمتها للمقاولات في أجال معقولة، ما زالت مشكلة تأخر آجال الأداء من أبرز التحديات التي تواجه المقاولات الصغرى والمتوسطة في المغرب. فالتأخيرات المستمرة في تسديد المستحقات تضعف السيولة المالية لهذه المقاولات، مما يحد من قدرتها على الاستثمار والتوسع، بل وقد يؤدي في بعض الحالات إلى إفلاسها. وفقًا لتقارير إعلامية، فإن هذه الظاهرة تفاقمت على مر السنوات، مما استدعى تدخل الجهات المعنية لوضع حد لهذه الممارسات الضارة بالاقتصاد الوطني.
في هذا السياق، تحاول العديد من المقاولات المؤسسات التأقلم مع التغييرات الجديدة المتعلقة بآجال الأداء. فابتداءً من فاتح يناير 2025، دخلت المرحلة الثالثة والأخيرة من إجراءات القانون رقم 69.21 حيز التنفيذ، مما يشمل نطاقا واسعا من الشركات، بما في ذلك الصغيرة جدا (TPE)، التي كانت مستثناة سابقا. ويتوقع أن تفرض غرامات مالية على المقاولات التي لا تلتزم بالآجال المحددة، حيث ستحتسب نسب الغرامات بناء على السعر المرجعي الجديد لبنك المغرب، وستتوزع بالنسبة إلى التأخيرات المسجلة بعد فاتح دجنبر الجاري بين 2.50 في المائة عن الشهر الأول، و0.85 في المائة لكل شهر أو جزء من شهر إضافي.
وفي مذكرتها الصادرة حديثا، أكدت المديرية العامة للضرائب، أن هذا الإجراء يهم الأشخاص الذاتيين والمعنويين الذين حققوا رقم معاملات يتجاوز 10 ملايين درهم ويصل إلى 50 مليون درهم، دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، خلال السنة المالية المنتهية قبل فاتح يناير 2024. ويتوجب على هؤلاء التصريح بجميع الفواتير الصادرة ابتداءً من فاتح يناير 2024 التي لم تُسدد ضمن الآجال القانونية.
أما بالنسبة للمقاولات التي تجاوز رقم معاملاتها 50 مليون درهم، دون احتساب TVA، خلال السنة المالية المنتهية قبل فاتح يناير 2025، فهي ملزمة بتقديم تصريح ربع سنوي، يجب إيداعه قبل نهاية الشهر الموالي لانقضاء كل ربع سنة.
وفي هذا السياق، أوضحت المديرية أن الغرامة المالية تُفرض على جميع الفواتير الصادرة ابتداء من فاتح يناير 2025، حتى إن كان مبلغها أقل من أو يساوي 10,000 درهم. كما شددت على أن عدم وجود فواتير غير مدفوعة في الآجال القانونية لا يعفي من الالتزام بالتصريح الإجباري.
وبموجب القانون الجديد، حُدد أجل 60 يوما كحد أقصى للأداء، ويمكن تمديده إلى 120 يوما في حالة اتفاق بين الطرفين. أما بعض القطاعات الخاصة، فقد تستفيد من سقف استثنائي يصل إلى 180 يوما، شرط صدور مرسوم خاص وموافقة مجلس المنافسة. من جانب آخر، تم تحديد معدلات الغرامات المالية وفقا لسعر الفائدة المرجعي لبنك المغرب، حيث تبلغ نسبة العقوبة 2.50% عن الشهر الأول من التأخير، ثم 0.85% لكل شهر إضافي، فيما ترتفع إلى 3% بالنسبة للفواتير المتأخرة منذ ما قبل يونيو 2023.
هذا التشديد في التدابير والغرامات يجعل من الضروري للمقاولات الامتثال للضوابط الجديدة لتفادي أعباء مالية إضافية قد تؤثر سلبا على استقرارها. فالقانون 69.21 لا يهدف فقط إلى ردع التجاوزات، بل يسعى إلى إرساء ثقافة اقتصادية قائمة على احترام الالتزامات التعاقدية، ما يعزز الثقة في مناخ الأعمال المغربي ويضمن توازنًا أكبر داخل السوق الوطنية.
تجدر الإشارة إلى أن موضوع تأخر آجال الأداء كان محور خطاب ملكي سامٍ، سنة 20218، حيث أكد جلالة الملك محمد السادس، على ضرورة معالجة هذه الظاهرة التي تعيق تطور المقاولات الوطنية وتؤثر سلبا على الاقتصاد المغربي. وقد دعا جلالته إلى تعزيز الشفافية والالتزام بالآجال المحددة في المعاملات التجارية، مشددًا على أن احترام هذه الآجال يعكس مدى مصداقية وجدية الفاعلين الاقتصاديين. ويعد تطبيق القانون رقم 69.21 خطوة حاسمة نحو تحسين مناخ الأعمال في المغرب، وضمان حقوق المقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة.

 


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 18/03/2025