بمناسبة اليوم الوطني للأرشيف .. جامع بيضا، مدير أرشيف المغرب : استطعنا إغناء التراث الأرشيفي الوطني بمئات الآلاف من الوثائق

 المصادر الأرشيفية الوطنية المحفوظة لها أهمية بالغة للمغاربة والأجانب

 

بمناسبة اليوم الوطني للأرشيف أجرت جريدة الاتحاد الاشتراكي مع جامع بيضا، مدير أرشيف المغرب، حوارا لامس من خلاله عددا من القضايا والمهام المرتبطة بهذه المؤسسة الوطنية، حيث تحدث عن مهام واختصاصات هاته المؤسسة والأدوار الأساسية التي تلعبها من أجل الحفاظ وصيانة الذاكرة الوطنية، كما تطرق إلى بعض الإكراهات والصعوبات التي تواجه المؤسسة لممارسة مهامها واختصاصتها وأدوارها على الوجه الأكمل، متوقفا خلال هذا الحوار عند مختلف اتفاقيات الشراكة التي تعقدها هاته المؤسسة على الصعيد الوطني والدولي من أجل الوصول إلى أهدافها وأدوارها، كما حددها المرسوم المحدث والمنظم لمؤسسة أرشيف المغرب.

 

 مؤسسة أرشيف المغرب، مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المادي، فما هي المهام التي أسندها المشرع لهاته المؤسسة المكلفة بحماية وصيانة الرأسمال الرمزي الوطني؟ صيانة للذاكرة من كل الشوائب والتحريفات هي على رأس كل المهام التي يمكننا افتراضها في هذه المؤسسة، فما هي الوسائل الموضوعة لدى هاته المؤسسة، إداريا وبشريا وتقنيا، حتى تستطيع صيانة وحماية إرثنا التاريخي والحضاري؟

إن المهام التي أسندها المشرع لمؤسسة أرشيف المغرب بموجب القانون 99-69 المنظم للأرشيف والمؤرخ في 30 نونبر 2007، واضحة وجسيمة في نفس الآن. وفي صدارة هذه المهام صيانة الأرشيف الوطني وجمعه وتنظيمه وتيسير الاطلاع عليه لأغراض إدارية أو علمية أو اجتماعية أوثقافية. ومن أجل ذلك، يتعين على المؤسسة توفير الخبرة اللازمة لجميع القطاعات العمومية والهيئات الخاصة المكلفة بإدارة مرفق من المرافق العامة في ما يتعلق بالأرشيفات التي أنتجتها أثناء ممارسة مهامها. وتتضمن هذه الخبرة إعداد جداول زمنية للحفظ، وضمان المصادقة عليها. كما تشمل مراقبة شروط حفظ الأرشيف العادي والوسيط الذي بحوزة تلك الأطراف. وعندما تفقد تلك الأرشيفات قيمتها الإدارية وتمر إلى المرحلة العمرية الثالثة لتصبح أرشيفا نهائيا أو تاريخيا، فإنها تحال على مؤسسة أرشيف المغرب التي تقوم بحفظها ومعالجتها وإتاحتها للباحثين وعموم المهتمين.
ومن المهام الكبرى التي أوكلها المشرع كذلك للمؤسسة وضع معايير لعمليات جمع الأرشيف العمومي وفرزه وإتلافه، وكذا تصنيفه ووصفه وحفظه الوقائي وترميمه ونقله إلى حوامل مخصصة للأرشيف. وفي هذا الصدد، عملت المؤسسة منذ سنوات، وبعد القيام باستشارات دولية، بما فيها أخذ رأي المجلس الدولي للأرشيف، على وضع « الدليل المرجعي لتدبير الأرشيف العمومي» باللغتين العربية والفرنسية، فعممته على مختلف القطاعات العمومية، كما عملت على التعريف به في أكثر من مناسبة.
وأخير، وليس آخرا، فإن المشرع قد حث على الاهتمام بالأرشيفات التي بحوزة الخواص والعمل على اقتنائها وحفظها وإتاحتها عندما تكون لهذه الوثائق فائدة تاريخية أو تراثية، كما أناط بالمؤسسة مهام جمع مصادر الأرشيف المتعلقة بالمغرب والموجودة بالخارج. ومنذ انطلاق المؤسسة في ربيع 2011، استطعنا إغناء التراث الأرشيفي الوطني بمئات الآلاف من الوثائق ( على مختلف الحوامل) جلبناها من فرنسا والبرتغال والولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا والأردن، وذلك بواسطة اتفاقيات شراكة تعاون أبرمت مع هذه الأطراف. والعمل جار لتوسيع الدائرة إلى دول أخرى، وفي مقدمتها إسبانيا وتركيا وبريطانيا. وقد شملت عمليات اقتناء هذه أرشيفات بعض الخواص الأجانب من دبلوماسيين وأكاديميين وفنانين ومهندسين معماريين، وغيرهم. وتشجيعا لهؤلاء الخواص على البذل والعطاء، وكذا تعبيرا عن التقدير والامتنان، فإن المجموعات الوثائقية التي يتبرعون بها تظل موسومة بأسمائهم أو أسماء عائلاتهم.

 ماذا يربط مؤسسة أرشيف المغرب بالمؤسسات الجامعية الوطنية، وكيف تساعد في توسيع قاعدة البحث العلمي؟ وما هي صلتها بنظيراتها في البلدان الشقيقة والصديقة؟

إنها مهام جسيمة ونبيلة، وهذا ما يفسر كون مؤسسة أرشيف المغرب قد أدرجت منذ 2012 ضمن المؤسسات العمومية الاستراتيجية. ولكن، هل وفرت لها كل الوسائل الكفيلة بجعلها تؤدي مهامها في أحسن الظروف؟ فواقع الحال يفرض علي أن أقول بكل صراحة أن الأمر ليس كذلك، فلا الموارد البشرية ولا فضاءات العمل المؤقتة المخصصة لها ترقى إلى المستوى المناسب للدور المنوط بها. وقد أعددنا – بطلب من المجلس الوطني للأرشيف- دراسة شاملة عن الوضعية الحالية للأرشيف في بلادنا وعن الاستراتيجية الضرورية في هذا الحقل بالنسبة للعشر سنوات القادمة، وسنوافي بها عما قريب رئيس الحكومة، رئيس المجلس الوطني للأرشيف.

 كيف يمكن لأرشيف المغرب أن يخرج من قبوه ويعرض منتوجاته للعموم حتى يعرف المواطن أن هناك مؤسسة خاصة بحماية هويته وبصماته التاريخية؟

تعتبر مؤسسة أرشيف المغرب، بما تكتنزه من أرشيفات عمومية وخاصة، منهلا لا مناص منه للباحثين الجامعيين المهتمين بالمغرب. فالمصادر الأرشيفية المحفوظة في مخازنها توفر مواد مصدرية ذات أهمية بالغة ينهل منها المغاربة والأجانب على السواء. وبالنسبة للمغاربة، فإنها توفر عليهم أحيانا عناء السفر والبحث في مراكز أرشيف أجنبية، مع ما يعنيه ذلك من مصاريف باهظة قد لا تتوفر للطلبة المبتدئين في مشوارهم العلمي.

 كيف يتم استعادة الوثائق والمخطوطات التاريخية؟

بالرغم من كون مؤسسة أرشيف المغرب تصدر مجلة سنوية، وكذا بعض المؤلفات ذات الطابع الوثائقي من حين إلى آخر، فإن مهامها الأساسية تكمن في جمع الأرشيف وحفظه وإتاحته للباحثين الذين تقع على كواهلهم مهمة البحث والنشر. والأرشيفات التي توفرها المؤسسة متنوعة وتشمل تخصصات عديدة قد تتجاوز الحقل التاريخي. فالمؤسسة تعنى بأرشيف المغرب عامة، وليس بالأرشيف التاريخي فحسب.

 ما هي تمثيلية المؤسسات العمومية والخاصة في أرشيف المغرب إن كانت؟ وما يمنع من عدم وجودها إن غابت؟

في ما يتعلق بتمثيلية المؤسسات العمومية في « أرشيف المغرب»، يمكن رصدها في:
أولا: المجلس الإداري للمؤسسة والذي يحدد أعضاءه مرسوم 21 ماي 2009 ، وهم 13 عضوا.
ثانيا: المجلس الوطني للأرشيف الذي يحدد أعضاءه مرسوم 8 غشت 2017 ، وهم 18 عضوا55.
وأن مؤسسة أرشيف المغرب منفتحة دوما على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي للتعريف بمنجزاتها ونشر « ثقافة الأرشيف» في مختلف ربوع المملكة. وما الهبات التي نتوصل بها من لدن الخواص إلا ثمرة من ثمرات هذا المجهود. وعلاوة على ذلك، فكل المناسبات ( ندوات ومعارض…) تستثمر من أجل هذا الغرض. وطبعا فالاحتفاء باليوم العالمي للأرشيف ( 9 يونيو من كل سنة) وباليوم الوطني للأرشيف ( 30 نونبر من كل سنة) يندرج في إطار التحسيس بأهمية تدبير الأرشيف كتراث وحداثة .

نافذة وإطلالة

أرشيف المغرب مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، أحدثت بموجب القانون 69.99 المتعلق بالأرشيف المؤرخ ب 30 نونبر 2007 . انطلق نشاطها في ربيع 2011 وصنفت كمؤسسة استراتيجية سنة 2012.
تضطلع مؤسسة أرشيف المغرب أساسا بمهمة صيانة التراث الأرشيفي الوطني وتكوين أرشيف عام وحفظه وتنظيمه وتيسيرالاطلاع عليه،وذلك من خلال:
1. النهوض ببرنامج تدبيرالأرشيف العادي والوسيط الذي بحوزة مصالح الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية والهيئات الخاصة المكلفة بتدبير مرفق عام.
2. صيانة التراث الأرشيفي الوطني والنهوض به وتثمينه.
3. وضع معايير لعمليات جمع الأرشيف وفرزه وتصنيفه ووصفه وحفظه الوقائي وترميمه ونقله في حوامل مخصصة للأرشيف.
4. النهوض بمجال الأرشيف عن طريق البحث العلمي والتكوين المهني والتعاون الدولي. ولهذا الغرض، يعهد إلى أرشيف المغرب بما يلي :
– مواكبة وتقديم الدعم لمصالح الدولة وللجماعات الترابية من أجل إعداد وتنفيذ برامجها المتعلقة بتدبير الأرشيف.
– جمع ومعالجة وحفظ الأرشيف النهائي لمصالح الدولة والجماعات الترابية وأرشيف الخواص.
-إتاحة التراث الأرشيفي المحفوظ لديها للباحثين وعموم المهتمين.
-تثمين هذا التراث من خلال تنظيم أنشطة تربوية وعلمية وثقافية.
مصادر الأرشيف المحفوظ بالمؤسسة:
يتم إغناء أرصدة المؤسسة بطريقتين مختلفتين:
ـ استلام الأرشيف العام الذي يتوفر على قيمة علمية أو تاريخية، بعد انتهاء فائدتها الإدارية.
ـ اقتناء الأرشيف الخاص ذي المنفعة العامة، مثل أرشيف العائلات والفنانين والشخصيات العمومية، والأسر والجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية…
ـ يخضع الأرشيف لمعالجة علمية بهدف الحفاظ على أَصَالَته وتكامله وموثوقيته واستغلاليته. ويتعلق الأمربتوصيفه وترتيبه وترقيمه وإِعداد أدوات البحث.
وتضع مؤسسة أرشيف المغرب رهن إشارة الباحثين والمهتمين أرصدة غنية ومتنوعة:
ـ أرشيف عمومي تاريخي.
ـ الأرشيف الخاص المسلّم للمؤسسة قصد حفظه وإتاحته للعموم.
الترسانة القانونية:
رغبة في صيانة الذاكرة الوطنية في شموليتها، وما يتطلبه ذلك من إعداد الترسانة القانونية التي تؤطر بشكل عام هذا المجال، عمل المشرع على صياغة مقتضيات تفصيلية في هذاالباب، شكلت مواد القانون رقم 69.99 المتعلق بالأرشيف، والذي رأى النور في30 نونبر2007. وتنزيلا لمقتضيات هذا القانون، أعدت المؤسسة، في إطار لجنة مشتركة بين الوزارات، مرسوما يتعلق بتحديد شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتلاف الأرشيف العادي والوسيط، وشروط وإجراءات تحويل الأرشيف النهائي، تم نشره تحت رقم 2.14.267 في4 نونبر2015.
خدمات المساعدة والمواكبة:
يقدم أرشيف المغرب المساعدة والمواكبة التقنية اللازمة لإعداد برنامج تدبير الأرشيف وتنفيذه ؛ وذلك لفائدة مصالح الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية، وكذا لفائدة الهيئات الخاصة المكلفة بإدارة مرفق من المرافق العامة لاسيما في ما يتعلق بإعداد أدوات تدبير الأرشيف وتحيينها والمصادقة عليها.
الخدمات الموجهة للعموم:
تضع المؤسسة رهن إشارة الباحثين قاعة مجهزة بهدف الاطلاع على وثائق الأرشيف وفقا للقانون الجاري به العمل، بالإضافة إلى رواق للأرشيف تقام به معارض دورية موجهة للعموم وذلك لتثمين أرصدة الوثائق المحفوظة بالمؤسسة.
الأنشطة الثقافية والعلمية:
يكتسي الأرشيف أهمية كبيرة باعتباره مصدرا من مصادرالمعلومة، إضافة إلى قيمته التاريخية.
لهذا انخرطت المؤسسة منذ بدايتها في تنظيم أنشطة ذات طابع تحسيسي وإشعاعي بهدف التعريف بالأرشيف لدى العموم والمهنيين، وذلك من خلال:
ـ مواعيد سنوية
اليوم الوطني للأرشيف(30 نونبر): الذي يصادف ذكرى صدور أول قانون منظم للأرشيف بالمغرب (قانون رقم 69.99)
اليوم العالمي للأرشيف(9 يونيو)
معارض: تتجلى في عرض وثائق نادرة (صور ووثائق أصلية، …)تسلط الضوء على أحداث وشخصيات بارزة ومواضيع تاريخية.
تظاهرات أخرى: بهدف الانفتاح على محيطها، تنظم المؤسسة، مع شركائها الوطنيين والدوليين، أنشطة وتظاهرات ثقافية وعلمية مختلفة.
منشورات وإصدارات: تقوم المؤسسة بإصدار منشورات عن مختلف أنشطتها المنظمة، كما تقوم بإصدار مجلة سنوية بهدف تمكين العموم والباحثين بشكل خاص من مواكبة المستجدات في مجال الأرشيف.
الزيارات التربوية: هي زيارات موجهة لفئات مختلفة(تلاميذ،طلبة،باحثون، …)تمكنها من التعرف على المؤسسة ومرافقها ومهامها وكذا مهنة الأرشيفي.


الكاتب : الرباط: محمد طمطم

  

بتاريخ : 30/11/2022