بمنطقة « ايت وابلي « إقليم طاطا : الحناء.. تقليد جمالي واحتفالي ومدخل أساسي للنهوض بأوضاع الساكنة المحلية

بتجذرها في العادات والتقاليد، تحتل نبتة الحناء جزءا مهما من البيئة التقليدية لإقليم طاطا، ومكانة متميزة في الحياة اليومية للمرأة هنا، التي وجدت فيها سرا من أسرار الجمال والحظ والفأل الحسن.
هذه النقوش التي تخضب على كفوف النساء، تعد من أهم الأدوات التجميلية منذ القدم، فتزيين الأيدي والأقدام وصبغ الشعر.. عادات محببة في الأفراح وحتى من غير مناسبات، إذ تحولت إلى عادات يومية تمارسها المرأة بطاطا للحصول على تلك اللمسة الأنثوية الجميلة أو حتى للتداوي من بعض الأمراض الجلدية وغيرها، إضافة إلى كونها أصبحت تشكل مصدر رزق للكثيرات منهن.
وبمنطقة «أيت وابلي»، غير بعيد عن طاطا، يشكل المناخ السائد، والذي يتميز بالجفاف وارتفاع درجات الحرارة، وسطا مميزا وملائما لزراعة الحناء التي تسقى بالمياه الجوفية كالآبار مما يجعل المنطقة تعرف بجودة انتاجها لهذه المادة.
وتعزى خصوصية وتميز «حناء أيت وابلي»، إضافة لبيئة الإنتاج، إلى المهارات القديمة التي توراثتها الأجيال، والممارسات الزراعية التي طورها السكان المحليون على مر الزمان، خاصة في ما يتعلق بإنتاج الشتائل وتجفيف الحناء واستعمالاتها.
وتحظى زراعة الحناء ب»أيت وابلي» بأهمية كبيرة و تشكل علامة فارقة في الاقتصاد المحلي، حيث تجنى أربع مرات في السنة، وتتم عملية حصادها بجني الأوراق يدويا مما يكسبها ميزة عالية وجودة استثنائية، نتيجة المعرفة التقليدية التي تحفظها المرأة بأيت وابلي عن ظهر قلب.
ولتثمين هذا المنتوج تأسست تعاونية «الخنوك» المحلية سنة 2019، وهي تعاونية ذات النفع الاقتصادي، وتعتبر من المبادرات التي تم اتخاذها لتحقيق تأطير جيد للفاعلين في هذا القطاع، وتعزيز قدراتهم وتحقيق هدف استدامة الإنتاج، سواء من الناحية الكمية أو الجودة، بالإضافة إلى تمكين الفلاحين من الحصول على قدرة تنافسية جيدة. وفي هذا السياق، أكد رئيس التعاونية، عمر لفتوي في تصريح لـ «و.م.ع»، «أن التعاونية تبذل جهودا كبيرة من أجل تطوير قطاع إنتاج الحناء وتعزيز مساهمتها في الدينامية الاجتماعية والاقتصادية المحلية والوطنية»، مضيفا «أن عدد المشتركين في التعاونية بلغ 75 فلاحا من بينهم 38 امرأة وهو في تزايد مستمر».
ووفق المتحدث ذاته، فإن «إنتاج الحناء يمر بعدة مراحل، بداية من زراعة البذور و إنتاج شتائل الحناء ، و نقل وغرس الشتائل وسقيها بري منتظم، ومرحلة العناية بالشجيرات من خلال إزالة الأعشاب الضارة، ثم الجني باليد، فالتجفيف والتنقية، وبعد ذلك مرحلة الطحن ثم التلفيف، وأخيرا تصبح جاهزة للشحن».
إن الحناء كمفهوم محمل بكل طقوسه السوسيو اقتصادية والثقافية، أصبح يلعب اليوم عاملا أساسيا للسياحة البيئية والتضامنية داخل مناطق الواحات، فبالاضافة إلى أنه تقليد جمالي واحتفالي في آن واحد، فقد أصبحت زراعة الحناء، مكونا أساسيا للتنمية المستدامة ووسيلة مثلى للتشغيل القروي بإقليم طاطا، في سياق دعم محاربة التصحر، كما أنها ناقل للتراث الثقافي داخل الواحات بجنوب المملكة.


الكاتب : هاجر الراضي

  

بتاريخ : 06/06/2022