المنتدى الوزاري الإفريقي الرابع عشر لتحديث الإدارة العمومية ومؤسسات الدولة
قال محمد بنعبد القادر «إن المنتدى الإفريقي، في دورته الحالية، يمثل فضاء فكريا مهما وفرصة سانحة لتبادل الآراء وإثراء النقاش بين الفاعلين والخبراء الأفارقة والدوليين حول ترسيخ الحكامة العمومية بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة في البلدان الإفريقية».
وأضاف محمد بنعبد القادر، الوزير المنتدب المكلف بإصلاح الإدارة العمومية، خلال المنتدى الوزاري الإفريقي الرابع عشر لتحديث الإدارة العمومية ومؤسسات الدولة على هامش الدورة السادسة والخمسين لمجلس إدارة «الكافراد» يوم أول أمس الخميس 21 يونيو 2018 بمراكش، أن التنمية المستدامة في القارة الإفريقية اليوم قضية مركزية لمختلف الدول والحكومات التي أولتها اهتماما خاصا ضمن استراتيجياتها الوطنية وسياساتها العمومية الرامية إلى النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنات والمواطنين.
ولذلك، أضحت التنمية المستدامة أولوية الأولويات، ليس فقط على الصعيد المحلي الذي يتعلق بكل بلد على حدة، بل أيضا على الصعيد الإقليمي الذي يهم القارة الإفريقية برمتها. فالتنمية المستدامة، في السياق الإفريقي الراهن، تكتسي بعدا شاملا لكونها في صدارة التحديات المشتركة التي تتطلب تعبئة جماعية متواصلة لتحقيق النماء المنشود، معتبرا أن هذه المقاربة الشاملة للتنمية في إفريقيا هي جوهر الرؤية المتبصرة لجلالة الملك وعمله الدؤوب من أجل الدفع بمختلف المبادرات التنموية الرائدة على صعيد القارة. فقد حرص بمعية أشقائه الرؤساء الأفارقة، على تعزيز الشراكات الاستراتيجية وتفعيل المشاريع المشتركة في ميادين التنمية ذات الأولوية. وهكذا، شكلت مبادرات المملكة المغربية تجاه القارة الإفريقية نموذجا للتعاون المثمر جنوب – جنوب المرتكز على المقاربة المندمجة والقائم على مبدأ التضامن.
وشدد بنعبد القادر على أنه انطلاقا من الإرادة القوية التي تؤكد عليها القيادات الإفريقية، لا يوجد أمام إفريقيا إلا خيار الأمل والتنمية المستدامة والعمل المشترك والتوجه نحو المستقبل الواعد .
وأضاف وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية أن من بين المداخل الأساسية، بل والحاسمة، لبلوغ أهداف التنمية المستدامة ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة في تفعيل وتقييم مختلف السياسات العمومية ذات البعد التنموي. وهي كفيلة بتعزيز العمل العمومي وصيانة المخططات والبرامج التنموية من الاختلالات التدبيرية الممكنة والانحراف عن الأهداف المسطرة. وعلى هذا الأساس، يشكل تطوير آليات الحكامة عنصرا أساسيا ضمن الجيل الجديد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تقبل عليها القارة الإفريقية في مسارها التنموي.
وأشار بنعبد القادر أن من ضمن الإصلاحات الكبرى التي ينبغي إيلاؤها أهمية قصوى مسألة ترسيخ الحكامة العمومية الجديدة داخل المنظومة الإدارية التي تعتبر بحق الدعامة الرئيسية لأي مشروع تنموي طموح. ودعا إلى إعادة النظر في طرق بلورة وتفعيل وتقييم السياسات العمومية بما يجعل خدمة المواطن المحدد الأبرز لتدبير الشأن العام. كما يقتضي الأمر مراجعة الأدوار التقليدية للدولة وإقرار اللاتمركز الإداري واعتماد أساليب أنجع لضمان التقائية السياسات التنموية العمومية.
وأكد الوزير المغربي أن ترسيخ الحكامة العمومية والحرص الدائم على إنجاز التحويل الضروري لمنظومتها سيساهم لا محالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بالقارة الإفريقية في أفق 2030. ومن شأن ذلك تمكين البلدان الإفريقية من ضمان النجاعة الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية وتجسيد الاستدامة البيئية، كما سيمكنها من إحداث التحولات الهيكلية في البنيات الإدارية بما يضمن جودة الخدمة العمومية والاستجابة لتطلعات جميع الأفارقة وضمان حقهم في العيش الكريم.
ولم يخف بنعبد القادر في كلمته أن المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال الحكامة رغم أهميتها، لا ترقى إلى مستوى الطموحات والتطلعات في ضمان التقائية السياسات العمومية في المجالات التنموية الهادفة إلى تحسين شروط العيش الكريم. داعيا إلى ضرورة المضاعفة من المجهودات للالتزام بالحكامة الديمقراطية المؤسسة على دعم الآليات التشاركية من أجل إقرار مؤسسات شفافة ومنفتحة، وينبغي أيضا الإقدام على الإصلاحات المؤسساتية اللازمة لإرساء منظومة الحكامة الجيدة بشكل يجعلها قادرة على استيعاب تغيرات العالم المتسارعة والاستثمار الأمثل للتكنولوجيات الحديثة.
وتحدث الوزير عن إطلاق دينامية جديدة لإصلاح الإدارة العمومية بالمغرب تهم إحداث أربعة تحولات هيكلية تهم الجوانب التنظيمية والتدبيرية والرقمية والتخليقية، من خلال تطوير المنظومة التشريعية وتقوية التواصل المؤسساتي وترسيخ التقييم المنتظم ودعم التعاون الدولي. وضمن هذا التصور الخاص بالإصلاح الإداري، تم اعتماد جملة من التدابير المندمجة الرامية إلى تعزيز الحكامة الجيدة في الإدارة العمومية من أجل الارتقاء بالأداء الإداري وتكريس مبادئ النزاهة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وعلى هامش هذه الدورة تم توزيع عدة جوائز تهم ثلاث فئات: الإدارة الالكترونية «التطبيقات الذكية» و»الخدمات الالكترونية»، الابتكار وتحسين جودة الخدمات العمومية بالإضافة إلى تعزيز مقاربة النوع في مجال الوظيفة العمومية.
يذكر أن فئات هذه الجائزة تُمنح لكل مؤسسة حققت إنجازا هاما في المجالات السالفة الذكر، وذلك تشجيعا وتقديرا لهذه المؤسسات العمومية بإفريقيا وتقديرا لإبداعها ومساهمتها في بناء إدارة عمومية أكثر فعالية ونجاعة قادرة على تلبية طلبات المرتفقين .
كما تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية المغربية وعدد من الوزارات، كوزارة رئاسة التحديث الإداري بالبرتغال ووزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية وتنمية الموارد البشرية بالسودان ووزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية وتنمية الموارد البشرية بجمهورية الكونغو الديمقراطية واتفاقية مع وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية بأدرابيجان.