بنغلادش: البابا، الروهينغا والكاثوليك …

أكد الكاردينال باتريك دروزاريو لوكالة فرانس برس أنه يأمل في أن يعود الروهينغا إلى بورما بعد توقيع اتفاق ثنائي، لكنه يتخوف من البؤرة القابلة للانفجار التي يشكلها مخيم اللاجئين الكبير في جنوب بنغلادش.
وفي مقابلة مع فرانس برس، قال المونسنيور دروزاريو رئيس أساقفة دكا «آمل في عودة الروهينغا إلى بورما».

 

أكد الكاردينال باتريك دروزاريو لوكالة فرانس برس أنه يأمل في أن يعود الروهينغا إلى بورما بعد توقيع اتفاق ثنائي، لكنه يتخوف من البؤرة القابلة للانفجار التي يشكلها مخيم اللاجئين الكبير في جنوب بنغلادش.
وفي مقابلة مع فرانس برس، قال المونسنيور دروزاريو رئيس أساقفة دكا “آمل في عودة الروهينغا إلى بورما”.
وأضاف أن “بروتوكول اتفاق وقع بين حكومتي بورما وبنغلادش وترغب فيه الأسرة الدولية، وسيحضر مجيء البابا النفوس والقلوب على هذا الصعيد”.
وينتظر دروزاريو بفارغ الصبر وصول البابا الذي عينه كاردينالا في 2016. وشكل تعيينه سابقة تاريخية في بنغلادش المسلمة التي تضم مجموعة صغيرة من 380 ألف كاثوليكي.
وينتظر وصول البابا فرنسيس الاثنين إلى بورما، ثم في 30 نوفمبر إلى بنغلادش. وسبقت الزيارة جائزة دبلوماسية تتمثل باتفاق وقع الخميس بين البلدين يتمحور حول عودة أقلية الروهينغا المسلمة عديمة الجنسية “في غضون الشهرين المقبلين” إلى بورما.
لكن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اعتبرت أن الشروط لم تتوافر في الوقت الراهن لضمان عودة “آمنة ودائمة” إلى ولاية راخين، جنوب بورما التي يواصل اللاجئون الفرار منها مدينين التجاوزات وعمليات الاغتصاب.
وقال الكاردينال الذي يشاطر البابا تخوفه على مصيرهم إن “صرخات الروهينغا هي صرخات الإنسانية”.
وفر حوالي 620 ألفا من الروهينغا منذ نهاية غشت وقد انضموا إلى حوالي 300 ألف آخرين وصلوا في وقت سابق، ليرتفع عددهم الإجمالي إلى 900 ألف يتكدسون في مخيم جنوب بنغلادش التي تواجه واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في بداية القرن الحادي والعشرين في آسيا.
وقال الكاردينال دروزاريو “إنهم كائنات بشرية تتألم، ويتعين علينا الاستجابة لنداءاتهم”، معربا عن “سعادته لإقدام بنغلادش على فتح قلبها من أجل استقبالهم”.
وقد أمضى هو نفسه يومين في المخيم، والتقى عائلات في ملاجئهم البائسة واستمع إلى “الفظائع” التي يتعرضون لها. وأوضح الكاردينال أن “المهم هو أن نقول لهم إننا إلى جانبهم”، مستوحيا تعبيرا أثيرا للبابا: “الكنيسة مستشفى ميداني”.
وأطلقت منظمة كاريتاس الخيرية الكاثوليكية برنامج مساعدة غذائية قيمته 3،5 ملايين يورو، للاهتمام ب 40 ألف عائلة غالبا ما تكون كثيرة الأفراد أي حوالي 300 ألف شخص.
وبفخر، أضاف الكاردينال “تخيلوا قليلا، كنيسة صغيرة مثل كنيستنا، تعمل مع الروهينغا وتهتم بثلث اللاجئين”.
لكن هذا السبعيني الذي تكسو محياه ابتسامة فرحة، لا يخفي تشاؤمه العميق. وقال إن “المستقبل قاتم جدا”.
وقال “أعتقد أن بنغلادش ليست قادرة على الاهتمام بالروهينغا على المدى البعيد. يجب أن يعودوا إلى بلادهم، لكنهم لن يفعلوا ذلك من دون ضمان سلامتهم ومواطنتهم وحقهم في الأرض والمسكن”.
واعتبر أن “المساعدة الدولية كافية، لكن إلى متى؟ تدفق السخاء لن يستمر، كما كان يحصل في المراحل الأولية”.
و بنغلادش مكتظة أصلا بالسكان وتخلت حتى الآن عن أراض لاستقبال تدفق اللاجئين الذين يعيشون في ظروف مأساوية “سيشعر الناس بالحرمان ويتحولون أشخاصا يؤمنون بالعنف، فلن يبقى لديهم ما يكفي من المواد الغذائية”، كما يرى.
وأوضح الكاردينال أن ثمة “كثيرا من التوترات لدى القبائل المحلية في المنطقة”، لأن الروهينغا “بدأوا الاستقرار في التلال التي تعيش فيها هذه القبائل. في الماضي، أخذ الروهينغا أراضي في القرى المسيحية”.
وأكد الكاردينال “أنا معجب بالسكان المحليين الذين تضاعف عددهم. وقد تأثر الاقتصاد والبيئة. ومن خلال القطع الكثيف للأشجار من أجل بناء الملاجئ، ستحصل انزلاقات للتربة لدى هطول الأمطار الغزيرة. المشاكل ستتزايد”.
ولن يزور البابا المخيم الذي يبعد ساعة بالطائرة عن دكا. لكن المونسنيور دروزاريو سيستقدم إلى العاصمة مجموعة صغيرة من اللاجئين الروهينغا، بمساعدة من وزارة الداخلية وكاريتاس.
وقال “اقترحنا على الحكومة أن تختار لاجئين وصلوا أخيرا إلى بنغلادش، وأطفالا ونساء ورجالا”.
وسيتيح اللقاء الذي تنتظره وسائل الإعلام بفارغ الصبر، للبابا أن “يكشف عن محبته” لهذه الإثنية المحرومة من الجنسية والتي دافع عنها مرارا من ساحة القديس بطرس.
و بدأ البابا فرنسيس زيارتين ذات مغزى دبلوماسي إلى بورما البوذية وبنغلادش المسلمة حيث سيتم ترقب ما سيقوله خصوصا بشأن الحملة الأمنية الدامية التي يشنها الجيش البورمي على الروهينغا والتي وصفتها واشنطن والأمم المتحدة بـ”التطهير العرقي”.
وبعد الحشود الغفيرة التي استقبلته في كولومبيا الكاثوليكية في سبتمبر، اختار “بابا الفقراء” الذي يعتبر من أشد الدعاة إلى “الحوار بين الأديان”، زيارة دولتين فقيرتين جدا تؤويان أقلية مسيحية صغيرة تتعرض للخطر في بعض الأحيان.
وفي مقطعي فيديو منفصلين موجهين إلى سكان كل من البلدين، يوضح البابا أن زيارته تحمل “رسالة مصالحة وصفح وسلام”.
وفور وصوله الاثنين إلى بورما في أول زيارة تاريخية لحبر أعظم إلى هذا البلد، ستسلط الأضواء على مواقفه بشأن أقلية الروهينغا المسلمة .
وقال المتحدث باسم الفاتيكان غريغ بورك إن هذه الزيارة التي كانت مقررة قبل الهجرة الجماعية للروهينغا ستكون “مثيرة جدا للاهتمام على الصعيد الدبلوماسي”.
وسبق أن تحدث البابا بعبارات شديدة اللهجة في ساحة القديس بطرس عن مأساة هذه المجموعة العرقية التي هربت بمجملها تقريبا من بورما.
ويقيم نحو 900 ألف من الروهينغا البورميين في أكبر مخيم للاجئين في العالم في جنوب بنغلادش. وقد فر قرابة 620 ألفا منهم من ولاية راخين (غرب بورما) منذ أواخر غشت هربا من العنف الذي يمارسه الجيش.
ووجهت الكنيسة الكاثوليكية المحلية الصغيرة الحجم والتي تترقب الزيارة بسرور ولكن بخوف، نداءات متكررة إلى البابا فرنسيس لكي يزن كلماته بعناية في بورما حتى لا يثير غضب القوميين البوذيين.
وكلمة “الروهينغا” من المحرمات في بورما. ويطلق على هذه المجموعة العرقية تسمية “البنغاليين”، وهم مهاجرون غير شرعيين من بنغلاديش، لا يمكنهم الحصول على وثائق هوية عملا بقرار اتخذه المجلس العسكري الحاكم في 1982.
والتقى البابا السبت في الفاتيكان رئيس أساقفة رانغون تشارلز بو، أول كاردينال للبلاد منذ عام 2015، الذي قدم له ثلاث توصيات، هي تجنب كلمة روهينغا (ليستخدم بدلا منها “مسلمي ولاية راخين”)، وإضافة اجتماع مع قائد الجيش البورمي إلى جدول أعماله وتنظيم طاولة مستديرة بين الأديان.
وسيستهل فرنسيس برنامجه مع هذه الطاولة المستديرة قبل اجتماعه الثلاثاء مع زعيمة بورما المدنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام اونغ سان سو تشي.
ووقعت سو تشي الخميس اتفاقا مع بنغلادش حول عودة الروهينغا إلى بورما لكن محتواه لا يزال غامضا.
كما سيلتقي البابا أيضا قائد الجيش البورمي الجنرال مين اونغ هلينغ الذي أكد مؤخرا استحالة عودة اللاجئين بشكل جماعي.
وفي مقابلة مع وكالة “آسي” الكاثوليكية، أكد الكاردينال بو أن “الكنيسة لم تجر أي حوار مع القوات العسكرية منذ 60 عاما”، مشيرا إلى معاناة الأقليات الإثنية الأخرى التي لا يركز عليها الإعلام مثل الشين والكاشين والشان.
وبالنسبة للأب برناردو شيرفلليرا، مدير “اجيا نيوز”، الوكالة الرسمية للمعهد البابوي للبعثات الأجنبية، فإن “البابا يزور بورما لدعم أونغ سان سو تشي”، التي أطلقت برنامجا للمصالحة مع جميع الأقليات.
ويتعين عليها توخي الحذر الشديد مع الجيش الذي لا يزال قويا جدا رغم قرار حل المجلس العسكري عام 2011، فضلا عن مجاراة الرأي العام المناهض للمسلمين.
ومن المتوقع أن يحضر 200 ألف كاثوليكي قداسا يقيمه البابا في رانغون، العاصمة الاقتصادية للبلاد التي يشكل البوذيون 90 من سكانها والكاثوليك 1,2% فقط، أي 660 ألف نسمة.
وبعد عظة موجهة إلى الشباب رمز الأمل، ينتقل البابا إلى بنغلادش في 30 نوفمبر حتى الثاني من ديسمبر. ومن المقرر أن يلتقي “مجموعة صغيرة من الروهينغا” في إطار اجتماع بين الأديان “من أجل السلام” في دكا.
وأكد رئيس أساقفة دكا باتريك دروزاريو، أول كاردينال في تاريخ بنغلاديش منذ عام، استحالة أن يقوم البابا بزيارة مخيمات اللاجئين الضخمة.
وقال لوكالة فرانس برس إن “اللاجئين الروهينغا الجدد ما زالوا يعيشون في ظروف غير مستقرة”.
وتتحمل بنغلادش أعباء هذه القضية الإنسانية التي يمكن أن تشكل عوامل متفجرة. ويواجه هذا البلد أيضا تزايد التطرف الإسلامي الذي يثير قلق المسيحيين وهناك حماية أمنية للكنائس على مدار الساعة.ويعيش نحو 375 ألفا من الكاثوليك في بنغلادش، أي 0,24% من السكان البالغ عددهم 160 مليون نسمة.
وتأمل الكنيسة المحلية مشاركة قرابة 100 ألف من أتباعها في قداس يقام في الهواء الطلق.

الكاثوليك المتوترون في بنغلادش ينتظرون البابا
غادر الشاب بيدان كامول روساريو قريته الكاثوليكية، للقتال من أجل استقلال بنغلادش. وبات يطرح تساؤلات حول مستقبله في هذا البلد الذي يثير فيه تنامي التطرف الإسلامي الخوف لدى الأقليات الدينية.
وتنتظر المجموعة الكاثوليكية الصغيرة في بنغلادش بفارغ الصبر، زيارة البابا فرنسيس إلى هذا البلد الفقير في جنوب آسيا، وهي الأولى خلال أكثر من 30 عاما، من 30 نوفمبر إلى الثاني من ديسمبر.
وتأتي هذه الزيارة في أصعب وقت يواجهه المسيحيون، كما يقول المؤمنون، في هذا البلد المؤلف من أكثرية مسلمة وينزلق منذ قرابة العشر سنوات نحو إسلام متشدد.
وقال روساريو (65 عاما) “خلال حرب التحرير، كنا نريد بنغلادش عظيمة تحتضن الناس من كل الأعراق والمعتقدات والأديان”، ملمحا بذلك إلى الصراع الذي أفضى إلى استقلال باكستان الشرقية السابقة.
وأضاف “لم أشأ يوما الحصول على امتيازات أو معاملة خاصة، أردت فقط مساواة في الحقوق للجميع. لكن أشعر الآن أننا لا نتمتع بالمساواة”.
ويقول المسؤولون الكاثوليك المحليون إن عددا من أبناء رعاياهم اختاروا مغادرة بنغلادش في السنوات الأخيرة بسبب الموجة الحديثة للهجمات الجهادية التي تستهدف أيضا أقليات أخرى، مثل الهندوس.
وقد اغتيل العام الماضي شخصان اعتنقا المسيحية. وتعرض بقال كاثوليكي أيضا للقتل الوحشي بالسلاح الأبيض.
ويشكل المسيحيون أقل من 0،5% من 160 مليون نسمة في بنغلادش، وقد عاشوا طوال قرون بانسجام مع الأكثرية المسلمة. واضطلعوا بدور كبير في تاريخ البلاد. واليوم أيضا، تقدم مدارسهم ومستشفياتهم دعما حيويا للفقراء.
وينتمي روساريو إلى المجموعة الكاثوليكية الصغيرة التي تتحدر من تجار برتغاليين استقروا في القرن السابع عشر في ناغوري المؤلفة من مجموعة قرى على مقربة من العاصمة دكا.
وتعد المنطقة موئلا للكاثوليكية وتضم معبدا متواضعا يزوره عشرات آلاف الأشخاص في فبراير للاحتفال بعيد القديس انطونيوس البادواني.
يقول الكاثوليك المحليون الذين التقتهم وكالة فرانس برس إنهم يشعرون بمزيد من التهديد. فالتوترات مع سلطات بنغلادش قد تزايدت، كما يؤكدون.
وخلال حادث وقع في مارس، اتهم قرويون رجال شرطة بثياب مدنية بسرقة مال من أرملة خلال تفتيش منزلها. وعندما حاولت مجموعة منع عناصر الشرطة من المغادرة، أرسلت قوات أمن مسلحة لدعمهم. وأصيب عشرون شخصا، على الأقل، بجروح خلال الصدامات، وتتم ملاحقة مئة من السكان بتهمة إعاقة عمل عناصر الشرطة.
وتزيد من الرعب، التهديدات بالموت التي غالبا ما يوجهها مجهولون، إلى أبرز الشخصيات المسيحية.
ويقول نيرمال روساريو، رجل الأعمال المسيحي الذي يرأس تعاونية كبيرة في دكا، إنه تلقى رسالة تهديد على هاتفه المحمول لأنه أجلس إلى جانب رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد خلال احتفال بعيد الميلاد في 2015.
وأكد “لم أر من قبل هذه الأمور. كبرنا وسط انسجام تام مع الأديان الأخرى”.
وسيقوم البابا فرنسيس ابتداء من الاثنين بزيارتين إلى بورما البوذية وبنغلادش المسلمة، حيث ستجري متابعة تصريحاته المتصلة بهجرة الروهينغا بدقة.
وقد فر ما يفوق 620 ألفا من أفراد هذه المجموعة المسلمة من بورما إلى بنغلادش المجاورة منذ أواخر غشت، متسببين بواحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في بداية القرن الحادي والعشرين في آسيا.
وفي أشرطة فيديو منفصلة للشعبين، أوضح الحبر الأعظم أنه يأتي حاملا “رسالة مصالحة وغفران وسلام”.
وعزا المرسل البنغلادشي غابرييل امال كوستا الذي حلل الوضع قبل زيارة البابا، التوترات الدينية في بنغلادش إلى تنامي الإسلام المتشدد على الصعيد المحلي. وقال لفرانس برس في روما “هذه ظاهرة حديثة جدا والكنيسة تحاول تشجيع الحوار بين الطوائف”.
وبلغت الهجمات الجهادية ذروتها العام الماضي من خلال عملية خطف الرهائن الدامية في أحد مقاهي دكا. لكن القمع المتشدد للسلطات قد حسن الوضع على ما يبدو.
وقد لقي عشرات المتطرفين المفترضين مصرعهم واعتقلت قوى الأمن مئات آخرين.
ويقول جاينتا غوميس الكاهن في كنيسة القديس نيكولا دو تولنتينو في ناغوري، إنه بات “متفائلا” بنتائج زيارة البابا. وأضاف أن “الوضع الأمني أفضل الآن بكثير، وزيارة البابا الأسبوع المقبل ستأتي بالسلام لنا جميعا في بنغلادش».