الجواهري: النمو لن يتعدى 2.8 % وارتفاع البطالة بين الشباب يثير «قلقا بالغا»
بطالة الشباب القروي قفزت إلى 48,8 % في الفصل الثاني من هذا العام
القيمة المضافة الفلاحية انكمشت بنسبة 6,9 في المائة خلال 2024
مرة أخرى، كشفت الأرقام «الواقعية» التي قدمها والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، أول أمس، عقب الاجتماع الفصلي لمجلس البنك المركزي، مدى «التفاؤل المفرط» الذي تظهره الحكومة بخصوص وضعية الاقتصاد الوطني.
وبعد أسابيع قليلة من خروج رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في مذكرته التقديمية لمشروع قانون المالية 2025 ، بأرقام مبالغ فيها حول معد النمو (أكبر نقطة ضعف في الاقتصاد الوطني) متوقعا تحقيق معدل نمو يناهز 4,6% سنة 2025 مقابل 3,3% سنة 2024، ها هو والي بنك المغرب يخبرنا بأن معدل النمو في البلاد لن يتجاوز هذا العام 2.8%، وأوضح البنك المركزي، أن هذا التوقع يعكس انكماش القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 6,9 في المائة خلال سنة 2024، ثم نموا بواقع 8,6 في المائة، في سنة 2025، مع فرضية تحقيق محصول حبوب متوسط قدره 55 مليون قنطار.
وأضاف بنك المغرب أنه «فيما يظل الإنتاج الفلاحي رهينا بدرجة كبيرة بالظروف المناخية، حيث تشير البيانات دون السنوية المتاحة عموما إلى استمرار انتعاش الأنشطة غير الفلاحية، وهو توجه يرجح أن يدعمه على المدى المتوسط الزخم المنتظر في الاستثمار العام والخاص».
ولدى سؤاله عن التناقضات في التوقعات المتعلقة بالنمو الاقتصادي بين مختلف الهيئات مثل المندوبية السامية للتخطيط والحكومة والمؤسسات الدولية، أوضح الجواهري أن هذه الاختلافات ناتجة عن تنوع الافتراضات المستخدمة في النماذج الاقتصادية لكل جهة. وذكر بأن توقعات بنك المغرب تصبح أكثر دقة مع تقدم السنة واقتراب الأرقام من الواقع. وقال: «نقدم التوقعات إلى جانب الأرقام الفعلية في كل مرة، لفهم أين تحدث الانحرافات ولماذا».
ونبه الجواهري إلى أن البطالة بين الشباب في المغرب لا تزال تثير قلقا بالغا. وسلط الوالي الضوء على تفاقم معدلات البطالة بين هذه الفئة، خاصة في المناطق القروية، حيث ارتفع المعدل من 46,1% إلى 48,8% في الفصل الثاني من سنة 2024. وفي المناطق الحضرية، ارتفع أيضا من 33,6% إلى 36,1%. وهذا الوضع «مثير للقلق» بحسب الوالي.
وأكد عبد اللطيف الجواهري أن مفتاح مكافحة هذه الظاهرة يكمن في التعليم. «نقطة الانطلاق هي وضع نظام تعليمي وتكويني يسهل الاندماج في سوق العمل. وقال الجواهري: «إن العديد من الشباب يغادرون المدرسة قبل الأوان، وهنا تكمن المشكلة الأساسية»، مشددا على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري لتعزيز فرص العمل والنمو الاقتصادي.
كما تناول والي بنك المغرب قضية الاستخدام العالي للسيولة بالمغرب، وهو ما يمثل تحديا للاقتصاد الوطني. وأشار إلى أن بنك المغرب يجري دراسة معمقة حول هذا الموضوع لفهم تأثير هذه الظاهرة على الاقتصاد بشكل أفضل. وقارن الجواهري الوضع المغربي ببلدان أخرى مثل مصر وكينيا، التي لديها مستويات مماثلة من الاقتصاد غير المهيكل ولكن معدلات استخدام النقد مختلفة للغاية. وقال «لقد حان الوقت لتغيير هذه العادة المرتبطة أيضا بعوامل ثقافية»، مبرزا ضرورة بلورة حلول تتلاءم مع الواقع المغربي.
ومن بين المواضيع المهمة الأخرى التي تمت مناقشتها في المؤتمر الديون المستعصية على الأداء، والتي تواصل ارتفاعها لتصل إلى 94.8 مليار درهم في عام 2023، أي بزيادة قدرها 6.7%. ومع ذلك، أعلن الجواهري عن إنجاز مهم: تم حل مسألة التحويل التلقائي للديون المتأخرة. وهذا المشروع، الذي استنفر العديد من الوزارات والإدارات لمدة ثلاث سنوات، أصبح الآن جاهزا لتقديمه إلى رئيس الحكومة للمصادقة عليه.