جهة بني ملال خنيفرة في قلب التحضير لمؤتمر حزب الاتحاد الاشتراكي الحادي عشر

محمد بنعبد القادر: ثلاث بنيات أساسية في نموذج تنظيمي جديد وفعال

مليكة الزخنيني: المعارضة ليست وصفة جاهزة، بل كل موقف وكل سياق سياسي واجتماعي

يفرض في المقابل اتخاذ مواقف مناسبة

نظمت الكتابة الجهوية للحزب بجهة بني ملال خنيفرة، مساء يوم الخميس 6 يناير 2022، ندوة عن طريق التناظر عن بعد من أجل مناقشة المقررات التي صاغتها اللجنة التحضيرية وصادق عليها المجلس الوطني، والهدف من ذلك هو إشراك القواعد الحزبية والأجهزة الترابية في إغناء هذه المشاريع بأفكار واقتراحات بالتعديل أو الإضافة بأفكار من صميم الممارسة الاتحادية اليومية داخل الأجهزة الحزبية، هذا اللقاء الذي أطر ورقته التنظيمية محمد بنعبد القادر،عضو المكتب السياسي، ومليكة الزخنيني، نائبة برلمانية عن جهة بني ملال خنيفرة، وسير فقراته أحمد داكي الكاتب الجهوي للحزب،عرف مشاركة كتاب الأقاليم وأعضاء المجلس الوطني وكافة الأطر الحزبية بالأقاليم الخمسة للجهة.
في مستهل كلمته حول الورقة التنظيمية، قدم محمد بنعبد القادر، قراءة تاريخية/كرونولوجية لكل المحطات الحزبية وعلاقة ذلك بسؤال الأزمة، التي ميزت التجربة الاتحادية لأزيد من 60سنة خاصة في الشق التنظيمي، معتبرا أن التنظيم كان دائما ملازما للأزمة، بل إن حزبنا عانى طيلة عقود من الزمن من التنظيم ولا يستفيد منه، وهي مفارقة غريبة تستوقفنا جميعا لفهم الواقع..فعلى الرغم من الزخم المعرفي للاتحاديين والاتحاديات، والاجتهادات في إبداع مجموعة من الصيغ والمنظومات التنظيمية، ولعل أهمها مذكرة الشهيد عمر بن جلون سنة 1965، التي متحت من الأدبيات الماركسية اللينينية المؤطرة بمركزية ديمقراطية ضاغطة، فإن نموذجنا التنظيمي ظل دوما ورشا مفتوحا يقاوم الجمود  والانغلاق، الشيء الذي سمح للاتحاديين والاتحاديات بالمساهمة عبر مبادرات متعددة في تغذية وتطعيم هذا النموذج، الذي أفرز صيغا مختلفة منذ الولادة، لكنها، مع الأسف، لم تستطع التخلص من بذور الأزمة التي طبعت حياتنا الحزبية، وكأن حزبنا مقدر له أن لا يعيش حياة تنظيمية هادئة، لكننا اليوم ونحن نستعيد بعضا من وهجنا وعافيتنا، يساورنا أمل كبير أن نتغلب على هذا القلق التنظيمي، من خلال صياغة نموذج تنظيمي أكثر وظيفية، نموذج يتسم بالمرونة، قابل لاحتضان المناضل والفاعل الانتخابي والمثقف والطالب وكل الفئات المجتمعية الحية، نموذج بسمات جديدة مؤطرة بالبعد التعاقدي وبثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة، بل كذلك ربط الجانب القيمي بالبعد الوظيفي، فالانتماء للحزب واكتساب عضويته ليس شأنا شخصيا محضا يتصرف فيه صاحبه كما يشاء، وإنما هو تعاقد مؤسساتي يقوم على التزامات واضحة، بل هو أكثر من من ذلك، فعل قانوني يضمن لصاحبه حقوقا ويرتب عليه واجبات، فلا معنى ولا قيمة للعضوية بدون التزامات متبادلة بين العضو والمؤسسة الحزبية التي ينتمي إليها، وهنا يتحقق شرط الحداثة السياسية الذي هو العقلانية القانونية التي تضمن الحقوق وترتب الواجبات وتفصل في المنازعات.
كما أن قيمة الانتماء، يضيف بنعبد القادر، لا بد أن تؤطر بقيمة الوظيفة، إذ لا يمكن أن نعيش حياة تنظيمية سليمة دون وظائف محددة، وفي هذا الإطار ركز على ثلاث بنيات أساسية في نموذج تنظيمي جديد فعال، وهي:
-بنية وظيفية: محددة لأدوار ومهام كل منتسب(ة) أو فاعل حزبي، بمعنى تدبير الفعل الحزبي بمنطق وظيفي وتدبيري بنتائج محققة ومهام محددة.
-بنية منفتحة: لابد لنموذجنا التنظيمي أن يتملك قيمة الانفتاح كقيمة أصيلة في السلوك الاتحادي نحو المجتمع وكل الطاقات الخلاقة، خاصة أن حزبنا كان دائما إطارا وبنية حاضنة لكل الطاقات داخل المجتمع.
-بنية ذكية(connectee):في زمن الانفتاح والرقمنة والترافع الافتراضي، حزبنا مدعو إلى تحديث أداته التنظيمية حتى تواكب المستجد الافتراضي، وهو ما يفرض تأهيل العنصر البشري والفاعل الحزبي والمنتخب الاتحادي، عبر تملك وإتقان التكنولوجيا الجديدة، فسرعة انتشار المعلومة وتدفق الخبر بشكل سريع ومتزايد يسائلنا ويفرض علينا مواكبة هذا الإيقاع والانخراط في زمن الديمقراطية الرقمية والمواطنة الجديدة.
وختم عضو المكتب السياسي مداخلته، بتوضيح بعض الالتباسات حول مفهوم الدولة، محوريتها وقوتها، وعلاقة ذلك بحزبنا، داعيا إلى إعمال نوع من الوضوح السياسي على مستوى فعلنا في المجتمع وعلاقتنا بالدولة، فخلال 20 سنة الأخيرة تقلدت ثلاث شخصيات قيادية في حزبنا مسؤوليات كبيرة داخل هرم الدولة، فأخينا عبد الرحمان اليوسفي قاد حكومة التناوب، عمليا وسياسيا، كان الشخصية الثانية في هرم الدولة بعد جلالة الملك، ونفس الأمر بالنسبة لإخواننا عبد الواحد الراضي والحبيب المالكي اللذين ترأسا مؤسسة مجلس النواب، بل إن الاتحاد الاشتراكي ساهم في تدبير الشأن العام الوطني بـ24 وزيرا ووزيرة، خلال العشرين سنة الأخيرة، كما ترأس مؤسسات دستورية ومندوبيات سامية وبعثات دبلوماسية. لذلك لا بد للعقل السياسي الاتحادي أن يعي هذه الحقائق ويمارس الوضوح السياسي انسجاما مع شعارنا الوطن أولا، وكذلك مع مرجعيتنا المنتصرة دائما للقضايا الوطنية وكذلك لموقف حزبنا المساهم في صناعة القرارات الوطنية.
بعد ذلك تناولت الكلمة النائبة البرلمانية عن جهة بني ملال خنيفرة مليكة الزخنيني، عبر قراءتها للورقة السياسية مستهلة مداخلتها بسؤال التموقع في مشهد سياسي وحزبي ملتبس ومتقلب، يسير بالبلاد نحو قتل التعددية الحزبية، واليوم كما بالأمس، فإن حزبنا بعد أن ناضل لعقود من الزمن من أجل إعمال منهجية ديمقراطية مؤطرة للتداول الانتخابي وبعد أن ترافع من أجل إصلاحات دستورية قوية، يجد نفسه غداة حكومة 2011، خارج التدبير الحكومي، وتقريبا بنفس الأسلوب، وبعد أن أسس لتناوب جديد بنفس اجتماعي، وبعد أن كان من المساهمين في صياغة النموذج التنموي الجديد، وبعد كذلك أن حسن تموقعه في الخريطة الانتخابية الجديدة، فإن التغول الحكومي الجديد جعلنا نختار التموقع في المعارضة، وهنا لا بد أن نتساءل، تضيف المتحدثة، عن أية معارضة نتكلم، معارضة سياسات حكومية تمتح من النيوليبرالية ومن تفقير للشعب وغياب للعدالة الاجتماعية، مؤكدة أن المعارضة ليست وصفة جاهزة، بل كل موقف وكل سياق سياسي واجتماعي يفرض في المقابل اتخاذ مواقف مناسبة، إن الاتحاد الاشتراكي، وانسجاما مع مضامين الورقة السياسية، سيستمر في الانتصار لكل القضايا العادلة، دفاعا عن المكتسبات وعدم المس بالحقوق والحريات بل وكذلك الدفاع عن المصالح العليا للوطن، وفي نفس السياق، تؤكد الزخنيني، المساهمة في تطوير الفعل المدني باعتباره الإطار المعول عليه لإغناء الفعل التشاركي وتجويد القرار العمومي وفق الوثيقة الدستورية الجديدة. في ختام مداخلتها، حذرت النائبة البرلمانية من مخاطر التوجهات الحكومية الجديدة، الموشومة بالنزوع نحو زواج السلطة والمال، الشيء الذي يهدد كل فرص البناء الديمقراطي، كما أكدت في السياق نفسه على المخاطر التي لاتزال قائمة، والتي تحاول توظيف المقدس والمشترك الديني في تضليل المجتمع وتنميط تفكيره وإلغاء حضوره، وهو ما يقتضي منا جميعا الوقوف ضد كل هذه الانحرافات التي قد تقوض بناء دولة مدنية قوية مؤطرة وراعية ومجتمع متضامن متفاعل ومواطن.
بعد ذلك تناول الكلمة عدد من المناضلين الذين أثروا النقاش حول الورقتين، وهي الملاحظات التي ستكون موضوع ورقة توضع رهن إشارة المؤتمرين والمؤتمرات من أجل تضمينها في الورقتين السياسية والتنظيمية.

* الكاتب الإقليمي- خريبكة


الكاتب : سعيد المسكيني *

  

بتاريخ : 11/01/2022