تأخر صرف أقساط المبلغ المخصص للبناء مقابل حثها وأسرتها على إزالة الخيام : الشاعرة الأمازيغية خديجة تاسكنييت إحدى ضحايا زلزال الحوز تعيش محنة «البرد والحرارة»

 

تجيد المرأة الأمازيغية بالأطلس الصغير خاصة الشعر، وتعتبره متنفسا تعبر فيه عن معاناتها في حلبات ئسوياس المراقص، تحاور الفتيان بالشعر الرفيع المسمى بتاماووشت، حيث يحاور الواحد نيابة عنهم وواحدة نيابة عنهن بارتجال وبسرعة فائقة. أستطيع القول أن هذا النوع أصبح من أخوات كان متخلى عنه منذ أواخر الستينيات والسبعينيات قمت بتوثيق نماذج منها في العدد الأول والثاني من مجلة تاوسنا المعرفة.
زيارتنا للمنطقة صيفا جعلتنا نقف على السبب الرئيسي للتخلي على هذا المتنفس وهذه الفرجة والتعبير عن المعاناة وبالتالي عن هذه اللوحات النادرة من ثقافتنا، والسبب هو التشويش بآلات التصوير من شتى الأنواع، بما في ذلك الهواتف النقالة ونقلها إلى الأقراص للبيع وإلى صور للنسوة والفتيات للاستهزاء بهذه وتلك أحيانا، مع العلم أن هذه الجهة وغيرها لا تزال محافظة على الحشمة والمبادئ الدينية والأخلاقية وعلى عادات وتقاليد موروثة طبعا هناك جهات قليلة لا تزال تمارس فيها رقصة أحواش للفتيات مع منع التصوير الذي يتم استغلاله سلبا للأسف من طرف من يدوسون بأقدامهم على الزهور في سبيل الحصول على دريهمات في السوق السوداء كنوع من القرصنة إرضاء للجشع المادي.
وإذا كان لنا أن نعترف بشبه انقراض الشعر النسوي خاصة الهاوي المعبر عن معاناة المرأة في هذه المناطق خارج إطار فن تارايسين المعروفات بشراء القصائد ووضع أسمائهن على الأشرطة ليتخذها الطلبة الجامعيون مواضيع لنيل الإجازة والماستر و … في الأدب وليسند الشعر لغير المبدعين، للمغنيات والمغنيين وهذا موضوع آخر بحاجة إلى تدخل الجهات المسؤولة، وإن هناك بعض الظواهر والظواهر نادرة، فلابد من الإشارة إلى شاعرة كبيرة من شاعرات أحواش بامتياز كانت تحرسها الطبيعة والجبال بقرية إسكان جماعة أضار دائرة ايغرم إقليم تارودانت، إنها الشاعرة الموهوبة خديجة تاساكنييت..
هي شاعرة أمازيغية، مغمورة من مواليد 1970 وكبيرة من حيث الموهبة الشعرية والصوت الرائع مختصة في محاورة فن تازرارت وأحواش، هي الشاعرة الكبيرة خديجة بنت إبراهيم تاساكنيت تنتمي أسرتها إلى قبيلة ارغن جماعة توغمرت، تزوجت والدتها إلى إندونضيف بدوار إسكان وهناك ولدت وترعرعت، والدتها شاعرة كبيرة وعمها المرحوم الحسين اساكني شاعر معروف وبالتالي تنتمي إلى أسرة شاعرة ترتجل الشعر كهواية في المرقص معبرة عن آلام وآمال من لا يستطيعون الإفصاح جهرا عن معاناتهم.
لمكانتها تم تكريمها من طرف جمعية النخيل جماعة توغمرت ومن جمعية تافراوت إداوزدوت كما تم تكريمها من جمعية احلوشن ومن مهرجان اداوكماض بأولوز دون نسيان تكريمها من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومن جهات أخرى.

الشاعرة خديجة تاساكنيت
وزلزال الحوز
تزوجت شاعرتنا من اندونضيف دائرة ايغرم إلى دوار ايت مكراز جماعة ثلاث نياعقوب إقليم تحناوت، ومن حسن حظها أن الزلزال المشؤوم اكتفى بهدم منزلها هي وزوجها وتركهما لمعاناة البرد داخل خيمة هشة. لما زرتها أخيرا رفقة صديق لي انطلاقا من أكادير فتارودانت فأولاد برحيل فمنعرجات تيزي نتاست إلى أن تم اللقاء بالمكان المسمى دوار أيتمكراز جماعة تلات نيعقوب حيث الخيام والبرد والغبار، هذا ما وقفنا عليه، نعم هناك مبالغ مالية تم تخصيصها لبناء السكن للمتضررين، ومن بينهم الشاعرة خديجة تاساكنيت التي لاتزال تسكن هي وزوجها في خيمة لا تقيهما قساوة البرد ولا حرارة الصيف، المشكل أن شاعرتنا تعتبر نموذجا للمتضررين الذين لا إمكانية مادية لهم، في الوقت الذي تتباطأ الجهة المسؤولة على المبلغ الذي خصصته الدولة للأسر المتضررة كليا أو جزئيا في صرف القدر المقسط.
شاعرتنا خديجة كنموذج توصلت هي وزوجها طبعا بمليوني سنتيم، بعد شهور توصلا بمليوني سنتيم ثانية، ونحن نعلم ما تتطلبه أثمنة مواد البناء بما في ذلك الأسمنت والحديد وأجرة اليد العاملة، وأكثر من هذا سمعنا بأن جهة مسؤولة ما تحثهم على إزالة الخيام حالا قبل البناء طبعا خشية مشاهدة الزوار من صحفيين وغيرهم مغاربة وأجانب. إن الواجب في نظري المساعدة العاجلة في بناء السكن للمتضررين بمنحهم المبالغ الكافية ومساعدتهم بالشاحنات للحصول على مواد البناء بأثمنة معقولة.


الكاتب : محمد مستاوي

  

بتاريخ : 07/10/2025