في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ
«أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم.
.. هناك سؤال مهم يستفسر عن “لماذا لم يستخدم العرب أو سكان شمال إفريقيا ذوو البشرة الفاتحة للدلالة على أنفسهم؟ أي، لماذا لم يكن كونك ذو بشرة فاتحة ذا معنى فيما يتعلق بلون البشرة بالنظر إلى وجود اختلافات واضحة في لون البشرة؟»، ليأتي التوضيح من قبل ابن خلدون: «إن سكان الشمال لا يدعون بلونهم، لأن الأشخاص الذين أسسوا المعاني التقليدية للكلمات، كانوا هم أنفسهم من البيض. وهكذا، كان البياض شيئا معتادا وشائعا بالنسبة لهم، ولم يروا فيه أي شيء مميز بما يكفي لجعلهم يستخدمونه كمصطلح محدد».
تم استخدام اسم «بلاد السودان» (التي تعني حرفيا «أرض السود»)، في الأدب العربي في العصور الوسطى للإشارة بشكل أساسي إلى «غرب إفريقيا» السوداء، والتي كانت منطقة جغرافية غامضة من المحيط الأطلسي وصولا إلى «تشاد»، وهو وصف موجود في كتاب من «المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب» (جزء من كتاب المسالك والممالك) من تأليف الجغرافي والمؤرخ الأندلسي في القرن ال11 عشر «أبو عبيد البكري» (أو عبد الله بن عبد العزيز البكري، توفي عام 1094)، حيث تم استخدام «بلاد السودان» بشكل عشوائي للإشارة إلى «إفريقيا السوداء» بالكامل كذلك. مثال آخر، وهو «ابن النديم محمد بن إسحاق المعتزلي» المؤرخ وكاتب السيرة والمصنف وجامع الفهارس البغدادي – العراقي: “أعراق الزنوج هي: «النوبيون» و»البيجا» و»الزغاوة» و»المراوة» (مروي) و»الإستان» (الزنج في العراق) والبربار (البربر) والسود الآخرون مثل «الهنود»».
يزعم الكاتب أن «الكثير من الالتباس الموجود في الأدبيات المتعلقة بثقافة وتاريخ السود، ينبع من وجهات نظر خارجية ملوثة بالتحيزات العرقية والدينية». في الواقع، كما كتب «ديفيد ويليام كوهين»: “ربما كانت القضية الرئيسية، في إعادة بناء الماضي الإفريقي ولعدة سنوات، تتعلق ب: «إلى أي مدى تشكل الأصوات الخارجية لإفريقيا عرضا لماضي إفريقيا وحاضرها». تجدر الإشارة، إلى أن العرب لم يكونوا أول من استخدم كلمة «السودان» للإشارة إلى «الأفارقة السود» من جنوب الصحراء، إذ تشير الوثائق الكلاسيكية إلى أن: «الإغريق القدماء، ربما كانوا أول من استخدم دلالة مماثلة – مثل «إثيوبيا» – والتي تعني «شخص محترق الوجه»، للإشارة إلى الأفارقة ذوي البشرة الداكنة من جنوب مصر». استند المفهوم اليوناني لتلون البشرة، إلى عوامل بيئية على غرار وجهة نظر «ابن خلدون»، الذي ومن المحتمل أن يكون على دراية بمفهوم الإغريق عن اللون في ما يتعلق بالأفارقة.
في ما يتعلق ب»علم الأنساب» وكيف أصبحت الشعوب ذات هذه الخصائص تسكن مناطق جغرافية مختلفة، حيث قبل ابن خلدون الروايات التقليدية لأسلافه: «هذه الأمم السوداء من الجنس البشري، هم شعب يعود نسبهم إلى «حام بن نوح»، لأن «الحبشيين» (من الحبشة) هم نسل «حبش بن كوش» ; وأما «النوبيون» (وفقا «أَبُو ٱلْحَسَن عَلِيّ ٱبْن ٱلْحُسَيْن ٱبْن عَلِيّ ٱلْمَسْعُودِيّ الهُذَلي» أو «هيرودوت العرب») هم من نسل «النوبة بن كوش بن كنعان بن حام» أو (حسب «أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّمِرِيُّ» المعروف بِ»ٱبْنِ عَبْدِ البَرِّ») يقول إنهم «من نوب بن قوت بن ينصار» ; وأما «الزنوج» هم من نسل «زانجي بن كوش»، وما تبقى من السود (الأسويد) هم من نسل «قوت بن حام عند ابن عبد البر»، ويقول البعض أن اسمه هو «قوت بن حام»».
على الرغم من رفضه ل»لعنة الحامية»، إلا أن «ابن خلدون» قبل العديد من الافتراضات الثقافية لأقرانه ولم يكن مهتما بتصحيح الصورة السلبية للسود، وكان لديه آراء مماثلة لآراء «ابن بطوطة». وصف «ابن خلدون» السود في غرب إفريقيا بأنهم «بشر أقل شأنا وخاضعون، يعيشون في مستوى أدنى من التنظيم الاجتماعي .. لذلك، فإن «الأمم الزنجية» – كقاعدة عامة – خاضعة للعبودية، لأن (الزنوج) تبدو صفات البشرية قليلة فيهم…”. ومع ذلك ، فإن «التحيز العنصري» لابن خلدون، مستمد من وجهة نظره بأن «العوامل البيئية كانت مسبب سوادهم، وليس لذلك علاقة بالإيمان بلعنة الله على ذرية حام».
بدا كل من المؤرخين المغاربيين، وهما «ابن خلدون» و»ابن بطوطة»، منشغلين بشكل مفرط باللون في تصنيفهما للشعوب الإفريقية، ولكن ليس أقل من جيرانهم الإغريق، الذين سجلوا تصوراتهم عن «الآخر» قبل العرب. وفقا للمؤرخ والأكاديمي «فرانك إم. سنودن جونيور» (1911 – 2007): “أصبح «الإثيوبيون» المقياس الذي تقيس به العصور القديمة الكلاسيكية الشعوب بألوان بشرتها (. . .) كون الإثيوبيون الأكثر سوادا.. و“الهنود» أقل منهم.. والمصريون متوسطون في ذلك ؛ وأما «الماوري» (المغاربة) فلاسمهم نصيب من لون بشرتهم»، ولم يعتقد أن: «تصنيف الرومان اللون الداكن يرقى إلى التحيز العرقي».
ومع ذلك، يعتقد خبراء آخرون في هذا الموضوع مثل «غريس بيردسلي» و»ديفيد ويسن» أن: «السود كان ينظر إليهم عموما على أنهم أقل شأنا في المجتمع الروماني»، لكن «لويد طومسون» يعتقد أن: «عنصر السخرية والكاريكاتير، يعني أن بعض الرومان شعروا بنفور حسي من الزنوج لمظاهرهم «البربرية»، وإلى أشكال أخرى تتعلق بالصورة النمطية الجسدية الرومانية».
باختصار، هذه الطريقة التقليدية لتصنيف الناس حسب لون البشرة، ثم تقييم مستواهم النسبي من «القدرات الفردية» و»الإنجاز الاجتماعي» وفقا لسلسلة متصلة من التلوين – مع اعتبار ذوي «البشرة الفاتحة» الأعلى أو الأفضل – توفر الأساس لكيفية النظر إلى السود بين الشعب العربي والبربري من ذوي البشرة الفاتحة في شمال إفريقيا. على سبيل القياس، تجدر الإشارة إلى أن «نظرية الحامية» (Hamitic) كانت مقبولة على نطاق واسع في أوروبا، واستخدمت لتبرير استعباد الأفارقة السود في الأمريكتين. في الواقع، أشار «فريدريك دوغلاس» (1818-1895) الأمريكي المؤيد ل»إلغاء عقوبة الإعدام» إلى أن: «مالكي العبيد الأمريكيين استخدموا حجة «أن الله لعن حام» لتبرير ممارستهم العبودية»…