تحولات المرأة المغربية: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل في ندوة نظمتها النساء الاتحاديات بالدار البيضاء

الأستاذ جمال فزة : المرأة المغربية بحاجة إلى إعادة صياغة أدوارها لمواكبة التحولات الاجتماعية»
حنان رحاب : الوعي بحقوق المرأة المغربية هو السبيل نحو تحقيق المساواة الفعلية في المجتمع»

 

نظمت منظمة النساء الاتحاديات ندوة فكرية مساء الأربعاء بالدار البيضاء، تحت عنوان “التحولات المجتمعية و المرأة المغربية”. الندوة التي شهدت حضورًا لافتًا من الباحثين والمهتمين بالشأن الاجتماعي، شكلت منصة حوارية هامة للوقوف على وضعية المرأة المغربية في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية العميقة التي يشهدها المغرب.
افتتحت الندوة الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، حنان رحاب، بكلمة ترحيبية أبرزت فيها أهمية الموضوع في سياق التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي. وقد أكدت رحاب أن هذه الندوة تأتي في وقت حاسم، حيث يجب أن يكون لدينا وعي جماعي بتحديات المرأة المغربية في العصر الحالي. وفي هذا الإطار، أكدت أن “المرأة ليست فقط جزءًا من هذا التحول، بل هي أيضًا فاعل أساسي فيه، ويجب علينا أن نعزز دورها في كل المجالات الاجتماعية، السياسية والاقتصادية.”
وبعد كلمة الافتتاح، تولى الأستاذ جمال فزة، أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، تقديم مداخلته القيمة. حيث أشار إلى أن التحولات التي شهدتها وضعية المرأة المغربية على مدى العقود الأخيرة تعتبر خطوة هامة نحو المستقبل، لكن هذه التحولات لا تزال تواجه تحديات جوهرية.
وفي هذا السياق، أكد فزة أن هناك تغييرًا كبيرًا في أدوار المرأة المغربية، خاصة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي. وأشار إلى أن المرأة أصبحت اليوم أكثر حضورًا في ميادين العمل والتعليم، ما يجعلها فاعلًا رئيسيًا في بناء المجتمع. لكن، ورغم هذه التغيرات، أشار فزة إلى أن الإرث الثقافي والتقليدي الذي تحمله بعض الفئات لا يزال يقيد العديد من النساء ويحد من مشاركتهن الفعلية في التنمية الشاملة. وقال: “ما زالت هناك مقاومة ضمنية للعديد من التحولات، ومهما كانت هذه التحولات عميقة، فإنها تواجه بعض العقبات المرتبطة بالقيم التقليدية التي لا تتماشى مع متطلبات العصر.”
كما دعا فزة إلى ضرورة إعادة التفكير في الأدوار التقليدية للجنسين في المجتمع المغربي، مشددًا على أن هذا يتطلب “خطابًا علميًا جديدًا يوازن بين الدقة العلمية من جهة وبين القدرة على التواصل الفعال مع مختلف شرائح المجتمع من جهة أخرى”. وأضاف أن المغرب بموروثه الثقافي الغني والمتنوع يحتاج إلى خطاب يشمل الجميع ويساهم في تبني مفاهيم جديدة حول المساواة بين الجنسين.
وفي سياق آخر، ناقش فزة دور المرأة في المجال السياسي، مؤكدًا أن المساواة الحقيقية تتطلب مشاركة فعالة للمرأة في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة. وقال: “المساواة ليست مجرد حقوق قانونية بل هي ضرورة مجتمعية تقتضي تفعيل الدور السياسي للمرأة وتعزيز حضورها في مراكز اتخاذ القرار.”
الندوة لم تقتصر على التحليل الأكاديمي فقط، بل كانت أيضًا منصة تفاعل بين الحضور، حيث شهدت مناقشات حيوية وتبادلًا للأفكار حول كيفية تجاوز التحديات التي ما زالت تواجه المرأة المغربية. بعض الحضور أشاروا إلى أهمية توجيه المزيد من الجهود نحو تعديل القوانين التي تحد من حرية المرأة، خاصة في مجالات الأسرة والعمل.
وفي ختام الندوة، تم التأكيد على ضرورة دعم المرأة المغربية في مختلف جوانب حياتها، من خلال تحسين ظروف العمل والتعليم، وتوفير بيئة تشجع على مشاركتها في المجال السياسي والمجتمعي. وقد أكد الحضور على أن الطريق نحو مجتمع أكثر تقدمًا وعدلاً يمر حتمًا عبر تعزيز دور المرأة في جميع القطاعات.
الندوة كانت فرصة لتجديد العزم على مواجهة التحديات المطروحة، والعمل على جعل المرأة المغربية ركيزة أساسية في عملية التغيير المجتمعي، بما يتماشى مع تطلعات المغرب في المستقبل.


بتاريخ : 06/12/2024